الخميس 01 مايو 2025 الموافق 03 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

وداع مهيب للبابا فرنسيس.. الكولوسيوم يغرق في الظلام احتراما لذكراه

القارئ نيوز

 «الكولوسيوم».. في مشهدٍ مهيب يختلط فيه الحزن بالتقدير، أعلنت وزارة الثقافة الإيطالية عن إطفاء أنوار المدرج الروماني الشهير «الكولوسيوم» مساء أمس الثلاثاء، حدادًا على وفاة البابا فرنسيس، الذي رحل عن عالمنا أول أمس الاثنين، وسط موجة من الأسى عمّت إيطاليا والعالم الكاثوليكي.

الكولوسيوم.. معلم يتشح بالسواد

بداية من الساعة الثامنة مساء بتوقيت روما، غرقت واجهة الكولوسيوم  أحد أبرز المعالم الأثرية والتاريخية في العالم  في ظلام دامس، تعبيرًا عن حالة الحزن التي تعيشها البلاد.

 ويعد المدرج الروماني، الذي يعود تاريخه إلى نحو ألفي عام، رمزًا حضاريًا وثقافيًا عالميًا، ويقصده الملايين من السياح سنويًا.

وقالت وزارة الثقافة الإيطالية، في بيان رسمي صدر صباح اليوم الأربعاء، إن إطفاء الأضواء يأتي تعبيرًا عن الألم الجماعي، وعن الاحترام العميق الذي تكنه روما للبابا الراحل، الذي طبع تاريخه بالتفاني من أجل السلام والحوار الإنساني.

مبادرة رمزية.. وأثر عاطفي

لم يكن إطفاء الكولوسيوم مجرد إجراء شكلي، بل حمل أبعادًا عاطفية ورمزية عميقة. فقد شهدت الساحة المحيطة بالمدرج تجمعات عفوية لمواطنين وسياح أجانب، وقفوا في صمت، بعضهم أشعل شموعًا، وآخرون تبادلوا كلمات المواساة، وقد بدا المكان أشبه بمزار روحي، تنبع منه رهبة اللحظة.

وتعد هذه المبادرة جزءًا من سلسلة فعاليات أعلنتها وزارة الثقافة والكنيسة الكاثوليكية في الفاتيكان لتخليد ذكرى البابا، الذي عُرف طوال حياته بمناصرته للفقراء والمهمشين، وبمساعيه الحثيثة لإرساء السلام في مناطق النزاع، خاصة في الشرق الأوسط وأفريقيا.

وزارة الثقافة.. وداع صامت لشخصية استثنائية

وفي البيان ذاته، أكدت وزارة الثقافة الإيطالية أن الكولوسيوم تحوّل هذه الليلة إلى رمز صامت للحزن والاحترام، معتبرة أن هذا التصرف البسيط "يحمل في طياته مشاعر ملايين الإيطاليين الذين فقدوا أبًا روحيًا، وقائدًا لطالما نادى بكرامة الإنسان، وأعلى من قيم التعايش والتسامح.

وأضاف البيان: «إننا نودع شخصية كانت منارة أخلاقية في عالم مضطرب، والرمزية التي يحملها الكولوسيوم، كموقع شهد على العصور الرومانية وصراعات البشر، تتماهى مع رسالة البابا الداعية للسلام ورفض العنف».

برامج تكريمية قادمة

إلى جانب إطفاء أنوار الكولوسيوم، تستعد وزارة الثقافة لتنظيم عدة فعاليات ثقافية ودينية خلال الأيام المقبلة، تتضمن إقامة معارض فوتوغرافية، وعروضًا وثائقية تسلط الضوء على مسيرة البابا، إضافة إلى صلوات جماعية في عدد من الكنائس الكبرى بروما.

كما أُعلن عن تنكيس الأعلام فوق المؤسسات الرسمية، وإصدار طابع بريد تذكاري يحمل صورة البابا الراحل، كتكريم دائم يخلد اسمه ومسيرته.

البابا فرنسيس.. إرث من التسامح والإصلاح

ويُذكر أن البابا فرنسيس، أول بابا من أمريكا اللاتينية يتولى سدة الكرسي الرسولي، قد ترك بصمة واضحة في تاريخ الكنيسة، تولّى البابوية عام 2013، وسعى منذ البداية إلى إصلاحات جوهرية داخل الفاتيكان، وكان من أشد المدافعين عن قضايا المناخ، والعدالة الاجتماعية، والحوار بين الأديان.

وبرحيله، تفقد الكنيسة الكاثوليكية قائدًا روحيًا استثنائيًا، فيما يبقى إرثه الإنساني حيًا في قلوب المؤمنين وعقول القادة.

دعوة للتأمل.. من قلب روما إلى العالم

في ختام بيانها، دعت وزارة الثقافة الإيطالية العالم إلى اعتبار هذه اللحظة فرصة للتأمل في القيم التي دافع عنها البابا، من تسامح وعدالة وسلام.

 وقالت إن الظلام الذي عمّ الكولوسيوم هو تذكير رمزي بضرورة الحفاظ على شعلة الأمل مضاءة، من خلال العمل على تحقيق عالم أكثر عدلاً وإنسانية.

مشاعر الحزن تتسع.. والعالم ينعى البابا

امتدت مشاعر الحزن لوفاة البابا فرنسيس إلى ما هو أبعد من حدود الفاتيكان أو إيطاليا، حيث صدرت بيانات نعي من عدد كبير من قادة العالم، والرموز الدينية العالمية، الذين أشادوا بما قدمه البابا من مبادرات خالدة لتعزيز السلام، والدفاع عن كرامة الإنسان، بغض النظر عن عرقه أو دينه.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصف البابا بـ«الضمير الحي للعالم الحديث»، بينما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن العالم فقد رجلاً استثنائيًا لم يكن فقط قائدًا روحيًا، بل ضميرًا عالميًا حقيقيًا سعى للم الشمل بين الشعوب والدعوة للسلام في أوقات الأزمات".

تأثير محلي يتجاوز الدين

في الداخل الإيطالي، لم يقتصر التأثر على الطائفة الكاثوليكية وحدها، بل اتسع ليشمل مختلف مكونات المجتمع، حيث عبّر سياسيون، فنانون، ومثقفون عن تقديرهم الكبير لدور البابا في الحياة العامة الإيطالية، خاصة خلال جائحة كورونا، حين ظهر في مواقف إنسانية قوية حظيت بتقدير المجتمع الدولي.

الكاتبة الإيطالية الشهيرة إيلينا فيرّانتي كتبت في مقال بصحيفة «لا ريبوبليكا» أن رحيل البابا فرنسيس ليس فقدًا دينيًا فقط، بل فقد لقيمة نادرة في زمن صاخب.. كان إنسانًا يتحدث بلغة البسطاء، ويمد يده للجميع.

تم نسخ الرابط