محمد صبحي يفتح النار على «ورش الكتابة».. أهدرت قيمة الدراما المصرية

أكد الفنان الكبير محمد صبحي رفضه لفكرة كتابة الأعمال الدرامية بنظام الورش، مشددًا على أهمية العودة إلى الاعتماد على كتاب مفكرين يمتلكون رؤية متماسكة، كما انتقد ظاهرة زيادة أجور الفنانين بطريقة وصفها بـ«غير المنضبطة»، مؤكدًا أن «الفنان لا يُقاس سعره بالمال مثل البنزين».

صبحي في ماسبيرو بعد غياب 18 عامًا

جاءت تصريحات محمد صبحي خلال كلمته في مؤتمر مستقبل الدراما في مصر، الذي عقد اليوم داخل مبنى ماسبيرو، حيث استهل حديثه قائلًا:«بقالي 18 سنة مدخلتش ماسبيرو.. الماضي استمرار لنجاح المستقبل، وعلينا أن نستعيد احترامنا لما نقدمه».

وأضاف:«أنا لا أتخيل إن مسلسل يتكتب على الهواء، والممثل يدخل مش عارف آخر المسلسل هيحصل فيه إيه، لازم نرجع نحترم نفسنا ونحترم الصناعة».

ضد «الورش» ويدعو للعودة إلى الكتاب المفكرين

وأبدى صبحي اعتراضه الواضح على نظام ورش الكتابة المنتشر مؤخرًا في صناعة الدراما، مشبهًا إياها بـ"ورش الحدادين"، وقال:«مع احترامي لكل الحدادين والورش، بس إزاي 8 يكتبوا مسلسل؟! إحنا زمان اعتمدنا على كتاب مفكرين عندهم رؤية، مش مجرد تقسيم مشاهد وأفكار عشوائية».

وأكد أن هذا النهج أفقد الدراما المصرية هويتها وساهم في تراجع مستواها، داعيًا إلى مراجعة هذا النظام والعودة إلى الأسس المهنية السليمة للكتابة الدرامية.

الفنان مش سلعة.. ومش بيتسعر زي البنزين

وفيما يخص ارتفاع أجور الفنانين، علق محمد صبحي قائلاً: «زمان كانوا بيدوا 2000 جنيه برّا للممثلين، وكنا بنرفض نروح رغم إن الفلوس كانت أعلى، لكن المبدأ كان أهم».

وتابع:«الفنان مش بيتسعّر زي البنزين، وزيادة الأجور ميبقاش بالفتونة والتفاهة، لازم يكون فيه معيار فني وأخلاقي يحكم التقدير».

ودعا صبحي إلى إعادة ضبط سوق الأجور في الدراما بما يراعي القيمة الفنية والخبرة الحقيقية، وليس بناءً على الظهور الإعلامي أو التريندات.

تكريم وتجديد دعوة لتطوير الدراما

وخلال كلمته في المؤتمر، دعا محمد صبحي إلى ضرورة إعادة النظر في محتوى الأعمال الفنية التي تُقدم على الشاشات المصرية، مشيرًا إلى أن ما يُعرض في بعض الأحيان لا يمثل واقع المجتمع، بل يشوهه، ويُسهم في ترسيخ أنماط سلوكية سلبية.

وأوضح أن الفن لا بد أن يعود لدوره في البناء والتنوير، وليس فقط للترفيه، قائلاً: «الدراما مش بس مشاهد صاخبة ومطاردات، الدراما رسالة وموقف، وكل مشهد لازم يكون وراه هدف وقيمة».

وأشار صبحي إلى أن غياب الرؤية المركزية لصناعة الدراما في مصر ساهم في تراجعها خلال السنوات الماضية، مؤكدًا أن الدولة المصرية تحتاج إلى استراتيجية متكاملة للنهوض بهذا القطاع الحيوي، تبدأ من دعم الكُتّاب الشباب وتنتهي بعودة الإنتاج الكبير الذي يليق بمكانة مصر الثقافية والفنية.

صبحي يوجه رسالة للمسؤولين وصناع القرار

ووجّه الفنان الكبير رسالة واضحة إلى القائمين على صناعة الإعلام والدراما في مصر، قال فيها:«لازم يبقى فيه جهة بتسأل: إحنا ليه بننتج؟ ولمين؟ وبنقدم إيه؟»، مشددًا على أن غياب الهدف الواضح أدى إلى إنتاج أعمال بلا روح أو مضمون.

كما عبر عن أمله في أن تكون اللقاءات والمؤتمرات الحالية بداية فعلية لحراك حقيقي في تطوير الدراما، داعيًا إلى إشراك صناع المحتوى الحقيقيين في التخطيط للمستقبل.

واختتم صبحي كلمته بقوله:«احترمنا نفسنا في زمن الفن الجميل، وعايزين الأجيال الجديدة تشوف فن بيحترم عقلهم مش بس يسليهم».

انتقادات واضحة لـ «دراما الورش» وغياب المؤلف الفرد

في سياق حديثه، وجه الفنان محمد صبحي انتقادًا مباشرًا لما يعرف بـ«دراما الورش»، موضحًا أن هذا النمط من الكتابة الجماعية أفرز نوعًا من الأعمال التي تفتقر إلى التماسك الفني والبناء الدرامي المتكامل.

وقال صبحي:«المسلسل اللي بيكتبه 8 مش هيوصل زي اللي بيكتبه عقل واحد بيشوف وبيحلل وبيفكر، وده السبب في إن أغلب المسلسلات دلوقتي تحسها شبه بعض».

وأشار إلى أن الورش رغم أنها فرصة لتدريب الكُتّاب الجدد تحولت إلى وسيلة سريعة لإنتاج كم كبير من الأعمال، دون النظر إلى الجودة أو الرسالة.

وأضاف:«كنا زمان بنقعد شهور نكتب مسلسل، دلوقتي ممكن يتكتب في كام أسبوع، وده انعكس على مستوى المحتوى اللي بيتقدم».

صبحي يدعو لإعادة الاعتبار لـ «الكاتب المفكر»

وأكد محمد صبحي أن الدراما الحقيقية تبدأ من كاتب يمتلك رؤية إنسانية وثقافية، مشددًا على أن قوة النص هي الأساس الذي يُبنى عليه كل شيء، سواء تمثيل أو إخراج أو إنتاج.

وتابع قائلًا:«لما يكون الكاتب واعي وبيفكر، الممثل يبدع، والمخرج يخرج أفضل ما عنده، لكن لو النص نفسه ضعيف، الكل بيقع».

كما لفت إلى ضرورة إعادة الاعتبار لمهنة الكاتب في الوسط الفني، قائلًا:«الكاتب المفكر لازم يرجع يتصدر المشهد، ويبقى ليه احترامه ومكانته، زيه زي المخرج والنجم».

واختتم الفنان حديثه بالتأكيد على أن مستقبل الدراما في مصر مرهون بقدرتنا على استعادة قيمة الفن والمعنى، مش بس الشكل والإبهار البصري.