«اللحم أم الدجاج؟».. ما الأفضل لأمعاء سليمة وفقا للخبراء

اللحم هو أحد المكونات الأساسية في النظام الغذائي اليومي للعديد من الأشخاص حول العالم، ومع تزايد الوعي الصحي أصبح التساؤل حول تأثير «اللحم» بأنواعه على صحة الجهاز الهضمي من أكثر المواضيع التي تهم المختصين في التغذية والباحثين في مجال الأمعاء، هل يعتبر «اللحم» الأحمر خيارًا صحيًا أم أن الدجاج يتفوق عليه من حيث الفوائد الهضمية؟ سؤال قد يبدو بسيطًا لكنه يحمل في طياته تعقيدات علمية عديدة، وقد كشفت دراسات حديثة عن معطيات مثيرة حول هذا الموضوع المهم.
الفرق في تركيب اللحم والدجاج وتأثيره على الأمعاء
يتكون «اللحم» الأحمر مثل لحم البقر من نسبة عالية من البروتين والدهون المشبعة والمعادن مثل الحديد والزنك، بينما يحتوي الدجاج على بروتينات عالية الجودة لكنه يتميز بكونه أقل في الدهون، هذا الاختلاف في التركيب الغذائي يجعل لكل نوع تأثيرًا مختلفًا على الجهاز الهضمي.
يرى خبراء التغذية أن تناول كميات كبيرة من «اللحم» الأحمر قد يؤدي إلى تغيرات في بكتيريا الأمعاء النافعة مما قد يؤثر على عملية الهضم وقد يرتبط في بعض الحالات بزيادة خطر التهابات الأمعاء واضطراباتها، في المقابل فإن الدجاج وخاصة الصدور المشوية بدون جلد تعتبر خيارًا أسهل للهضم وأقل تسببًا للانتفاخات أو مشاكل القولون.

دراسة أمريكية تكشف التأثير المباشر للحم الأحمر على بكتيريا الأمعاء
نشرت جامعة هارفارد دراسة موسعة تابعت تأثير استهلاك «اللحم» الأحمر على تركيبة الميكروبيوم المعوي، وقد أظهرت النتائج أن النظام الغذائي الغني بـ«اللحم» الأحمر يسبب انخفاضًا في تنوع البكتيريا المفيدة داخل الأمعاء مما قد يؤثر على امتصاص العناصر الغذائية ويزيد من الالتهابات المزمنة التي ترتبط بأمراض القولون والسكري والبدانة.
في المقابل، تبين أن تقليل استهلاك «اللحم» والتركيز على مصادر بروتين خفيفة مثل الدجاج والأسماك يساعد في تعزيز البكتيريا النافعة وزيادة نشاطها مما ينعكس إيجابًا على صحة الجهاز الهضمي بشكل عام.
هل كل أنواع اللحم مضرّة؟ التفاصيل مهمة
لا يمكن اعتبار «اللحم» الأحمر ضارًا بالمطلق، فالكميات المعتدلة منه وخاصة الأنواع الخالية من الدهون مثل اللحم البقري الصافي والمطهو بطريقة صحية قد تكون مفيدة للجسم، حيث يوفر «اللحم» الحديد الهيمي الذي يُمتص بكفاءة عالية مقارنة بمصادر الحديد النباتية، كما أن «اللحم» غني بفيتامين B12 الضروري لوظائف الأعصاب وتكوين الدم.
لكن المشكلة تكمن في طريقة التحضير والكمية المستهلكة، فالشوي المفرط أو الطهي بدرجات حرارة عالية يمكن أن يؤدي إلى تكون مركبات ضارة بالأمعاء مثل الأمينات الحلقية غير المتجانسة، لذا ينصح الخبراء باختيار طرق الطهي الصحية وتقليل الكميات.
الدجاج والراحة الهضمية.. خيار أفضل لمن يعاني من مشكلات في القولون
من يعاني من متلازمة القولون العصبي أو أمراض الأمعاء الالتهابية غالبًا ما يجد راحة أكبر عند تناول الدجاج بدلاً من «اللحم» الأحمر، حيث إن «اللحم» يحتاج إلى وقت أطول في الهضم ويسبب عبئًا أكبر على الأمعاء خاصة إن تم تناوله بكميات كبيرة.
الدجاج، لا سيما عندما يكون منزوع الجلد ومشويًا دون دهون زائدة، يُعتبر مصدرًا ممتازًا للبروتين قليل الدهون ويساهم في تهدئة المعدة وتقليل التقلصات، لذلك فإن الكثير من أطباء الجهاز الهضمي يوصون به كجزء من النظام الغذائي لمرضى الأمعاء.

الاختيار الذكي بين اللحم والدجاج يعتمد على حالتك الصحية
من المهم أن يدرك الفرد أن الاختيار بين «اللحم» والدجاج يجب أن يكون مبنيًا على احتياجاته الصحية وليس فقط على الطعم أو العادات الغذائية، فإذا كنت تتمتع بصحة جيدة ولا تعاني من مشكلات هضمية فقد يفيدك تناول كميات معتدلة من «اللحم» الأحمر مع مراعاة التنوع الغذائي.
أما إذا كنت تعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي أو ترغب في تقليل الدهون المشبعة فقد يكون الدجاج هو الخيار الأنسب لك، المهم أن يكون النظام الغذائي متوازنًا ويحتوي على مصادر بروتين متنوعة تشمل الدجاج والأسماك والبقوليات إلى جانب تقليل الإفراط في «اللحم» الأحمر.
الاعتدال هو المفتاح
سواء اخترت «اللحم» أو الدجاج فإن الاعتدال في الكمية وطريقة التحضير الصحية هما المفتاح للحفاظ على أمعاء سليمة، الدراسات لا تدعو إلى الامتناع التام عن «اللحم» لكنها توصي بتقليل الكميات والاعتماد على طرق الطهي الصحية وتنوع مصادر البروتين، بينما تشير النتائج إلى أن الدجاج قد يكون خيارًا أفضل من حيث خفة الهضم والتأثير الإيجابي على الميكروبيوم المعوي.