الرئيس السيسي يصدق على اتفاقية نقل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات

نشرت الجريدة الرسمية، في عددها الصادر اليوم الأربعاء، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالموافقة على اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بعد تصديق مجلس النواب عليها، في خطوة جديدة تعكس متانة العلاقات الثنائية والتعاون القضائي بين البلدين الشقيقين.
وجاء قرار رئيس الجمهورية رقم 570 لسنة 2024، ليؤكد التزام الدولة المصرية بتعزيز التنسيق مع الدول الصديقة في القضايا ذات الطابع الإنساني والجنائي، وعلى رأسها إعادة تأهيل ودمج المحكوم عليهم عبر تمكينهم من تنفيذ العقوبات في أوطانهم.
موافقة مشروطة بالتصديق
تضمن القرار الرئاسي الموافقة على الاتفاقية مع التحفظ بشرط التصديق، وهو ما يعني أن نفاذها يظل معلقًا إلى حين تبادل وثائق التصديق الرسمية بين البلدين. ويُعد هذا التحفظ إجراءً قانونيًا معتادًا في الاتفاقيات الدولية ذات الطابع الثنائي، بما يضمن التزام الطرفين بكافة البنود القانونية والإجرائية.
مجلس النواب يُقر الاتفاقية
وكان مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، قد وافق في وقت سابق خلال دور الانعقاد الرابع على تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بشأن الاتفاقية، والذي أوصى بضرورة الموافقة لما تحمله من أبعاد إنسانية، ولما تمثله من تطور نوعي في العلاقات بين مصر والإمارات في المجال القانوني والقضائي.
وفي هذا السياق، أكد المستشار إبراهيم الهنيدي، رئيس اللجنة التشريعية، أن هذه الاتفاقية تأتي في إطار سلسلة من الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع عدد من الدول الصديقة في مجالات التعاون القضائي، وتهدف إلى إرساء مبادئ العدالة والإنسانية، بما يخدم مصالح الأفراد والدول على حد سواء.

تاريخ توقيع الاتفاقية
وأوضح الهنيدي أن اتفاقية نقل المحكوم عليهم تم توقيعها بين الحكومتين في 10 يناير 2024، وتعكس إرادة سياسية مشتركة لتعزيز التعاون الثنائي في القضايا الجنائية، مشيرًا إلى أن الاتفاقية تُعد جزءًا من منظومة تعاون قانوني أوسع تشمل تبادل المجرمين، وتسليم المطلوبين، والمساعدة القانونية المتبادلة في المسائل الجنائية.
أهداف الاتفاقية
تهدف الاتفاقية إلى تنظيم الإطار القانوني لنقل الأشخاص المحكوم عليهم من إحدى الدولتين إلى الأخرى، لتنفيذ العقوبات الصادرة بحقهم داخل أراضي دولتهم الأم، وذلك بشرط موافقة الدولة المحكوم عليه فيها، وكذلك موافقة الشخص المعني بالنقل.
وتنص الاتفاقية على أن يكون النقل بناءً على طلب كتابي، ويشمل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية فقط، أي العقوبات التي تقتضي الحبس أو السجن دون غيرها من العقوبات المالية أو الإدارية.
وأكد تقرير اللجنة التشريعية أن هذه الاتفاقية من شأنها تعزيز الاستقرار الاجتماعي والنفسي للمحكوم عليهم، حيث إن تنفيذ العقوبة داخل الوطن الأصلي يساهم بشكل أكبر في إعادة تأهيل السجين وإدماجه مجددًا في مجتمعه، كما يقلل من المعاناة النفسية المرتبطة بالغربة والانفصال عن الأسرة.
آلية تنفيذ الاتفاقية
بحسب نص الاتفاقية، يتم تنفيذ نقل المحكوم عليهم وفق مجموعة من الشروط والضمانات، تشمل التأكد من سريان العقوبة، وضمان عدم تعرض الشخص المحكوم عليه لأي ملاحقة قانونية إضافية، أو تمييز بسبب جنسيته، إضافة إلى شرط موافقته الصريحة على النقل، وتقديمه طلبًا رسميًا بذلك.
ويجوز لكل من الطرفين رفض طلب النقل إذا تبين وجود موانع قانونية أو دستورية، كما يجوز تعديل العقوبة المنفذة في الدولة المنقولة إليها لتتوافق مع أنظمتها القضائية، دون المساس بجوهر الحكم الصادر في الدولة المحكوم فيها.
خطوة لتعزيز العدالة
اعتبر عدد من الخبراء القانونيين أن هذه الاتفاقية تمثل خطوة مهمة في سبيل تعزيز العدالة الجنائية، إذ تضمن تنفيذ العقوبات في بيئة اجتماعية مألوفة، ما يُسهم في خفض معدلات التكرار الإجرامي بعد انقضاء العقوبة، كما تقلل من الأعباء الاقتصادية والإدارية التي تتحملها الدول نتيجة سجن أجانب على أراضيها.
وأشاروا إلى أن الاتفاقيات من هذا النوع تعكس التوجه العالمي نحو تفعيل دور التعاون الدولي في المجال الجنائي، واحترام حقوق الإنسان، حتى في حال صدور أحكام سالبة للحرية.
علاقات استراتيجية تتعمق
وتعكس هذه الاتفاقية جانبًا جديدًا من تطور العلاقات بين مصر والإمارات، والتي تشهد تنسيقًا وثيقًا في مختلف المجالات، لاسيما على المستويين الأمني والقانوني. ويُتوقع أن تسهم الاتفاقية في تعزيز الثقة بين جهازي العدالة في البلدين، وتمهيد الطريق لمزيد من الشراكات الثنائية.
ويأتي توقيع وتنفيذ هذه الاتفاقية ضمن رؤية مصر لتعزيز التكامل العربي، خاصة في المجالات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، وهو ما يتسق مع التوجهات السياسية والدبلوماسية التي تنتهجها الدولة المصرية على مدار السنوات الأخيرة.