الذهب يغير مساره.. صعود مفاجئ في السوق المصري بالتعاملات المسائية

شهدت أسعار الذهب في السوق المصري، اليوم الخميس، تحركًا مفاجئًا نحو الصعود، بعد فترة من الانخفاض المتواصل الذي دفع بالمعدن الأصفر لتسجيل أدنى مستوياته خلال أكثر من أسبوع.

 وجاءت هذه القفزة السعرية متأثرة بعدة تطورات دولية، على رأسها عودة أسعار الأونصة العالمية للصعود متجاوزة مستوى 3300 دولار، وهو ما دفع بالسوق المحلي إلى إعادة التسعير على نحو سريع.

ارتفاع عالمي يدفع السوق المحلي نحو الصعود

على الصعيد العالمي، تعافت أسعار الذهب من أدنى مستوياتها في الأيام الأخيرة، حيث قفز سعر الأونصة في التداولات الفورية إلى أكثر من 3300 دولار، بعد أن كانت قد لامست 3270 دولارًا في وقت سابق من جلسة اليوم.

ويُعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، أبرزها قرار محكمة تجارية اتحادية أمريكية بإلغاء العمل بالرسوم الجمركية المتبادلة التي كانت قد فُرضت في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. 

وقد ساهم هذا القرار في تقليص حدة التوتر التجاري بين واشنطن وعدد من الدول الصناعية الكبرى، وهو ما أدى إلى تراجع حدة المخاوف الاستثمارية التي كانت تدعم الذهب كملاذ آمن.

أسعار الذهب في مصر اليوم

تزامنًا مع هذا الصعود العالمي، رصدت الأسواق المحلية تحركًا جديدًا في أسعار الذهب بمختلف الأعيرة، لتأتي الأسعار على النحو التالي:

عيار 24: 5278 جنيهًا

عيار 21 (الأكثر تداولًا): 4620 جنيهًا

عيار 18: 3961 جنيهًا

سعر الجنيه الذهب: 36,960 جنيهًا

ويمثل هذا الارتفاع انعكاسًا سريعًا لتحركات السوق العالمية، كما يعكس أيضًا استمرار حالة التذبذب الحاد التي تسيطر على أسواق الذهب منذ بداية الشهر الجاري.

خلفية اقتصادية.. رسوم ترامب تحت المجهر القضائي

في تطور لافت، جاء الصعود في أسعار الذهب رغم إعلان محكمة تجارية أمريكية، أمس الأربعاء، وقف تنفيذ رسوم ترامب الجمركية، في قرار وصفه خبراء الاقتصاد بأنه «تاريخي»، نظرًا لاعتباره أن الرئيس السابق قد تجاوز صلاحياته الدستورية بفرض رسوم شاملة على واردات الدول التي تسجل فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة.

وكانت إدارة ترامب قد أعلنت في 2 أبريل الماضي عن حزمة من الرسوم الجمركية المتبادلة طالت عددًا من الدول، خاصة في أوروبا وآسيا، مما أثار حينها مخاوف من موجة ركود اقتصادي عالمي جديدة.

إلا أن القرار القضائي الجديد قلّص من هذه المخاوف، وأعاد شيئًا من التوازن للأسواق، حيث شهدت مؤشرات الأسهم انتعاشًا نسبيًا، بالتوازي مع تراجع الإقبال على الذهب كملاذ آمن، وهو ما أثّر سلبًا على الأسعار خلال الأيام الماضية، قبل أن تعود للارتفاع اليوم مدعومة بعوامل فنية وتجارية أخرى.

الدولار والذهب.. علاقة متوترة

في الوقت ذاته، لم يكن أداء الدولار الأمريكي محايدًا خلال الفترة الأخيرة، بل شكّل عامل ضغط إضافي على الذهب، حيث واصل الدولار صعوده أمام سلة من العملات الرئيسية، وهو ما يُعد عادة عاملًا سلبيًا للمعدن الأصفر، إذ يقلل من جاذبيته لحاملي العملات الأخرى.

لكن وعلى الرغم من هذا الضغط، يبدو أن المستثمرين وجدوا في قرار المحكمة الأمريكية بشأن الرسوم الجمركية سببًا كافيًا لإعادة تموضعهم، مما أعاد الزخم نسبيًا إلى أسواق الذهب، خاصة مع غياب محفزات قوية في الأسواق المالية الأخرى.

خسائر أسبوعية رغم التحسن اللحظي

تجدر الإشارة إلى أن الذهب، وعلى الرغم من الارتفاع المفاجئ اليوم، لا يزال يُسجّل خسائر أسبوعية تقترب من 2.4%، نتيجة التراجعات الحادة التي تعرض لها خلال الأيام الثلاثة الماضية. 

وقد جاء هذا التراجع وسط تقلص شهية المستثمرين للأصول الآمنة، بعد أن خففت الأسواق من تقديراتها للمخاطر السياسية والتجارية العالمية.

ويقول خبراء أسواق المال إن الذهب لا يزال يتحرك داخل نطاق غير مستقر، مع ترقب صدور بيانات اقتصادية مهمة خلال الأيام المقبلة، تشمل معدلات التضخم في الولايات المتحدة، ومؤشرات الفائدة المحتملة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

توقعات السوق.. هل يستمر الارتفاع؟

يرى بعض المحللين أن تحركات الذهب الحالية قد لا تكون مستدامة على المدى القصير، خاصة في ظل الضغوط المزدوجة من قوة الدولار وتراجع المخاوف التجارية. 

لكن في المقابل، فإن أي تطورات سياسية أو عسكرية غير متوقعة في العالم قد تُعيد للمعدن بريقه كملاذ آمن.

أما في السوق المصري، فتظل تحركات سعر الصرف عاملًا محوريًا في تحديد أسعار الذهب، إذ تُسعَّر الأونصة بالدولار عالميًا، مما يجعل الذهب المحلي شديد التأثر بأي تغييرات في قيمة الجنيه أمام الدولار، فضلًا عن آليات العرض والطلب داخل السوق.

تبقى أسواق الذهب رهينة لتقلبات عالمية متسارعة، تتحكم فيها قرارات سياسية، وأحكام قضائية، وتصريحات اقتصادية.

 وبين صعود وهبوط، يواصل المعدن الأصفر لعب دوره التاريخي كـ«ميزان» بين الخوف والطمع، والملاذ الآمن في زمن اللايقين.