القبض على المتهمين بالتنمر على مشرد في الحوامدية وتصويره بالهاتف

في واقعة تنمر على مشرد أثارت موجة من الغضب والاستياء على مواقع التواصل الاجتماعي، تمكنت أجهزة الأمن بمديرية أمن الجيزة من القبض على شابين قاما بالتنمر على أحد الأشخاص من المشردين بأحد شوارع مدينة الحوامدية، وتصويره بطريقة مهينة باستخدام الهاتف المحمول، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وأُخطرت النيابة العامة التي باشرت التحقيق.

رصد الواقعة وانتشار الفيديو

بدأت الواقعة برصد أجهزة وزارة الداخلية مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه شاب وهو يسخر من رجل مشرد في أحد شوارع الحوامدية بمحافظة الجيزة، بينما كان صديقه يقوم بتصويره بطريقة توحي بالتهكم، دون أي اعتبار للوضع الإنساني للرجل أو احترام لكرامته.

الفيديو، الذي لا يتجاوز مدته بضع ثوان، أظهر لحظة دفع الشاب للمشرد بطريقة ساخرة ومحاولة استفزازه، وسط ضحكات مصطنعة، قبل أن يغادر المتهمان المكان. وعلى الفور، بدأت الجهات المعنية التحرك لتحديد مكان الواقعة وهوية المتورطين.

تحرك أمني سريع وضبط المتهمين

وفي ضوء التحريات السريعة التي أجرتها فرق البحث الجنائي، تمكّن رجال المباحث من تحديد هوية الشابين المتورطين في الواقعة، حيث تبين أنهما يقيمان بدائرة قسم شرطة الحوامدية، وتم ضبطهما في وقت قياسي. كما تم التحفظ على الهاتف المستخدم في تصوير الفيديو الذي كان سببًا في كشف الواقعة للرأي العام.

وأكدت وزارة الداخلية في بيان رسمي أن أجهزة الأمن لا تتهاون مع أي سلوكيات تمثل انتهاكًا للآدمية أو ترويجًا لمشاهد التنمر والإساءة، خاصة حين يتم تصويرها ونشرها بشكل متعمد على المنصات الرقمية بهدف جذب الانتباه دون مراعاة للآثار النفسية والإنسانية الناتجة عنها.

إجراءات قانونية وفتح التحقيقات

عقب القبض على المتهمين، تم تحرير محضر بالواقعة، وأُحيل إلى النيابة العامة المختصة التي بدأت في مباشرة التحقيقات. 

وأكدت النيابة أنها ستتعامل مع الأمر بحسم تام، لردع مثل هذه التصرفات المسيئة للمجتمع والرافضة لكل القيم الأخلاقية.

ومن المنتظر أن توجه للمتهمين تهم تتعلق بـ«التنمر» و«انتهاك حرمة الحياة الخاصة» و«إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي»، وذلك وفقًا للقوانين المنظمة لمكافحة الجرائم الإلكترونية، وقانون العقوبات المصري.

ردود فعل غاضبة على السوشيال ميديا

أثار الفيديو ردود فعل واسعة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين عبروا عن صدمتهم واستيائهم من الطريقة التي تعامل بها الشابان مع الرجل المشرد، مطالبين بضرورة توقيع أقصى العقوبات عليهما، ليكونا عبرة لكل من تسول له نفسه الإساءة إلى الضعفاء والمحتاجين.

ودشن عدد من النشطاء وسما تحت عنوان «#حق_المشرد»، داعين إلى الاهتمام بحالة الرجل نفسيا واجتماعيا، وتوفير مكان آمن له يليق بآدميته، خاصة وأن الظاهرة ليست جديدة، بل تتكرر في مشاهد صادمة تتنافى مع القيم المجتمعية والإنسانية.

تحذيرات حقوقية ومطالب بالردع

من جانبه، أعرب أحد ممثلي الجمعيات الحقوقية المحلية عن قلقه من تصاعد مثل هذه السلوكيات، موضحًا أن «تصوير المحتاجين أو المرضى أو المشردين في مواقف مهينة ونشرها بدافع السخرية هو أحد أخطر أشكال العنف الرقمي التي يجب الوقوف أمامها بوعي وقانون».

وطالب بضرورة إدراج مفاهيم «الاحترام الإنساني» و«القيم الأخلاقية الرقمية» ضمن المناهج التعليمية والأنشطة التوعوية، خصوصًا مع توسع استخدام الهواتف الذكية ومنصات التواصل بين المراهقين والشباب دون رقابة كافية.

النيابة.. التنمر جريمة.. وكرامة الإنسان خط أحمر

وأكد مصدر قضائي أن النيابة العامة لن تتساهل في مثل هذه القضايا، لافتًا إلى أن «التنمر»، وفق القانون المصري، أصبح جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن أو الغرامة أو كلتيهما، خصوصًا إذا كانت موجهة لفئات ضعيفة كالمسنين أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو فاقدي المأوى.

وأوضح أن المادة «٣٠٩ مكرر» من قانون العقوبات تنص على أن «كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، سواء بالتقاط صورة دون إذنه أو بنشرها، يعاقب بالحبس أو بالغرامة»، مؤكدًا أن النيابة تتابع مثل هذه القضايا بمنتهى الجدية لحماية السلم المجتمعي.

تعزيز ثقافة الاحترام والتوعية بأضرار التنمر الرقمي

وتؤكد هذه الواقعة مجددًا ضرورة التحلي بالقيم الإنسانية والرحمة، والتوقف عن تصوير المحتاجين في أوضاعهم الصعبة بهدف السخرية أو جمع المشاهدات.

 كما تدعو المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني إلى تعزيز ثقافة الاحترام والتوعية بأضرار التنمر الرقمي، لضمان مجتمع متماسك يحترم فيه الإنسان كرامة أخيه الإنسان، أيا كانت ظروفه أو مظهره أو حالته الاجتماعية.