الجمعة 24 أكتوبر 2025 الموافق 02 جمادى الأولى 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الإفتاء توضح حكم «مسح الرقبة» أثناء الوضوء الصحيح

الوضوء
الوضوء

الوضوء من أهم العبادات التي يجب على المسلم الحرص عليها لأداء الصلاة بشكل صحيح، وقد ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي حول حكم مسح الرقبة في الوضوء، حيث قال السائل: «فقد اعتدت في الوضوء أن أمسح رقبتي، فأنكر عليَّ بعض الناس بأنها ليست من سنن الوضوء، فما حكم مسح الرقبة في الوضوء؟»، لتوضح دار الإفتاء أن مسح الرقبة أثناء الوضوء من الأمور الخلافية التي ليس فيها إنكار على فعله أو تركه، والأمر فيه سعة، فمن مسح رقبته عملًا بمذهب من رأى أنه سنة صح وضوؤه، وحاز ثوابًا على نيته في الاحتياط والحرص على السنن ولو كانت مما اختلف فيه العلماء، ومن لم يفعل فلا حرج عليه، وعلى المسلمين ألا يجعلوا مثل هذه المسائل الخلافية بابًا للفرقة والنزاع، فلا إنكار في المختلف فيه، وإنما الإنكار في المجمع عليه، ومن ثمَّ فمسح الرقبة أثناء الوضوء جائز شرعًا ووضوؤك صحيح.

أهمية الطهارة في صحة الصلاة

من المقرر شرعًا أن «الطهارة» شرط لصحة الصلاة، فقد قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: 6]، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»، رواه الشيخان، وهذا يؤكد أن «الوضوء» هو شرط أساسي لصحة الصلاة، وأن أي خلل فيه قد يؤثر على قبول العبادات.

تفاصيل مسح الرقبة في الوضوء

الواجب في أعضاء الوضوء من الوجه، واليدين إلى المرفقين، والرجلين إلى الكعبين هو الغسل بالماء، عدا الرأس فإنه يُكتَفى فيه بالمسح، وللوضوء سنن كثيرة مثل تثليث الغسل واستعمال السواك ونحوها، وهناك خلاف بين المذاهب الفقهية في اعتبار مسح الرقبة من سنن الوضوء، فذهب الحنفية في الصحيح والشافعية في وجه والحنابلة في رواية إلى أن مسح الرقبة في الوضوء من مستحبات الوضوء، وبعضهم يعدونه سنة، وكيفيته عند الحنفية: أن يمسح المتوضئ على رقبته من الخلف والجانبين بظهر اليدين بعد مسح الرأس، ولا يمسح على الرقبة من الأمام -الحلقوم-، بينما أطلق وجه الشافعية ورواية الحنابلة المسح دون تحديد كيفية.

أقوال العلماء في سنية مسح الرقبة

قال العلامة الحصكفي الحنفي في “الدر المختار” مع “حاشية ابن عابدين”: [(ومسح الرقبة) بظهر يديه (لا الحلقوم)]، وعلق ابن عابدين: [(قوله: ومسح الرقبة) هو الصحيح، وقيل: إنه سنة]، وقال الإمام النووي في “روضة الطالبين”: [مسح الرقبة. وهل هو سنة، أم أدب؟ فيه وجهان؛ والسنة والأدب يشتركان في أصل الاستحباب]، وقال شمس الدين ابن قدامة الحنبلي في “الشرح الكبير”: [وهل يستحب مسح العنق؟ فيه روايتان؛ إحداهما يستحب لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح رأسه حتى بلغ القذال وما يليه من مقدم العنق، والثانية لا يستحب]، ويشير الفقهاء إلى أن السنة أعلى رتبة من المستحب، فالسنة ما اعتاد النبي صلى الله عليه وسلم فعله بشكل دائم، بينما المستحب أقل درجة، أما جمهور الفقهاء فيعتبران السنة والمستحب مترادفان.

الأدلة النبوية على مسح الرقبة

استدل القائلون بسنية مسح الرقبة في الوضوء بعدة أحاديث، منها ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا توضأ مسح عنقه ويقول: «مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عُنُقَهُ لَمْ يُغَلَّ بِالْأَغْلَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وأخرج أبو نعيم هذا في “تاريخ أصبهان”، وعن طلحة بن مصرف أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه حتى بلغ القذال وما يليه من مقدم العنق، وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد هذه الرواية، وكذلك حديث وَائِلِ بْنِ حُجْر الذي جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم «غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا وَغَسَلَ بَاطِنَ أُذُنَيْهِ وَأَدْخَلَ إصبَعَيْهِ فِي دَاخِلِ أُذُنَيْهِ وَمَسَحَ ظَاهِرَ رَقَبَتِهِ»، أخرجه البزار في “مسنده”.

خلاف المذاهب في مسح الرقبة

ذهب المالكية والشافعية في المعتمد والحنابلة إلى عدم سنية مسح الرقبة في الوضوء، بل اعتبره المالكية مكروهًا لعدم ورود ذلك في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الزرقاني: [(و) لا يندب مسح الرقبة بالماء لعدم ورود ذلك في وضوئه عليه الصلاة والسلام، بل يكره]، وقال الشمس الرملي: [ولا يسن مسح الرقبة]، وقال المرداوي الحنبلي: [ظاهر كلام المصنف: أنه لا يسن مسح العنق]، ويؤكد العلماء أن المسائل الفقهية الخلافية لا يجوز الإنكار فيها، فالإنكار يكون فقط في المجمع عليه، والاختلاف رحمة.

الخلاصة والفتوى العملية

بناءً عليه وفي واقعة السؤال، فإن مسح الرقبة أثناء الوضوء من الأمور الخلافية التي ليس فيها إنكار على فعله أو تركه، والأمر فيه سعة، فمن مسح رقبته عملًا بمذهب من رأى أنه سنة صح وضوؤه وحاز ثوابًا على نيته، ومن لم يفعل فلا حرج عليه، وعلى المسلمين ألا يجعلوا مثل هذه المسائل الخلافية بابًا للفرقة والنزاع، فلا إنكار في المختلف فيه، وإنما الإنكار في المجمع عليه، ومن ثمَّ فمسح الرقبة أثناء الوضوء جائز شرعًا ووضوؤك صحيح ومجزئ.

تم نسخ الرابط