صبغة الشعر خطر صامت.. أضرارها تطال الكلى والجلد
صبغة الشعر أصبحت جزءًا أساسيًا في حياة الكثير من النساء والرجال الذين يسعون إلى تحسين مظهرهم أو إخفاء الشيب أو مواكبة الموضة، إلا أن «صبغة الشعر» تحمل في طياتها مخاطر صحية خفية قد لا يدركها كثيرون، فهي ليست مجرد مادة تجميلية بل مزيج من مركبات كيميائية قوية قد تتسبب في أضرار جسيمة على المدى الطويل، خاصة للكلى والجلد، ومع تزايد استخدام «صبغة الشعر» بشكل متكرر دون استشارة طبية أو فحص مسبق للحساسية، يتضاعف خطر الإصابة بمضاعفات صحية خطيرة قد تبدأ بتهيج بسيط وتنتهي بفشل كلوي أو أمراض جلدية مزمنة.
مكونات صبغة الشعر ولماذا تعتبر خطرة
تتكون «صبغة الشعر» عادة من مجموعة من المواد الكيميائية أبرزها الأمونيا والبارافينيلين ديامين المعروفة اختصارًا بـ PPD، وهي مادة تسبب حساسية شديدة لدى بعض الأشخاص وتؤثر على الجهاز المناعي، كما تحتوي بعض أنواع «صبغة الشعر» على معادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق التي تتراكم في الجسم بمرور الوقت وتؤثر بشكل مباشر على الكلى والكبد، وتؤكد الدراسات أن الاستخدام المتكرر لـ«صبغة الشعر» قد يؤدي إلى امتصاص هذه المواد عبر فروة الرأس لتصل إلى مجرى الدم، مما يجعلها تهدد وظائف الكلى تدريجيًا وتسبب اضطرابًا في توازن الجسم الكيميائي.
كيف تؤثر صبغة الشعر على الكلى
أظهرت الأبحاث أن بعض المواد الكيميائية الموجودة في «صبغة الشعر» مثل الأمينات العطرية ومركبات PPD يمكن أن تتحول داخل الجسم إلى مركبات سامة للكلى، وتعمل هذه المركبات على إجهاد الكلى وزيادة الالتهابات داخلها، خاصة عند الأشخاص الذين يستخدمون الصبغات بشكل متكرر أو يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وتشير دراسات طبية إلى أن العاملين في صالونات التجميل الذين يتعرضون باستمرار لأبخرة «صبغة الشعر» أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الكلى من غيرهم، إذ تدخل المواد السامة إلى الجسم عن طريق الجلد أو التنفس وتسبب تلفًا بطيئًا في الأنسجة الكلوية.
أضرار صبغة الشعر على الجلد
الجلد هو أول من يتأثر بتطبيق «صبغة الشعر»، حيث يمكن أن تسبب مكونات الصبغة تهيجًا أو التهابًا في فروة الرأس أو الوجه، وتظهر هذه التفاعلات على شكل احمرار أو حكة أو تقرحات صغيرة، وفي بعض الحالات قد تتطور إلى «حساسية تلامسية» مزمنة، كما أن وضع «صبغة الشعر» على الجلد لفترات طويلة أو دون اختبار مسبق يزيد من خطر امتصاصها في الدم، ما يجعلها تؤثر على الأعضاء الداخلية، وقد رصد الأطباء العديد من الحالات التي تطورت فيها الحساسية الجلدية إلى مشكلات مناعية بسبب الاستخدام المفرط للصبغات الكيميائية.
صبغة الشعر الطبيعية ليست آمنة دائمًا
يظن البعض أن استخدام «صبغة الشعر» الطبيعية مثل الحناء أو المستخلصات النباتية يعد بديلاً آمنًا، لكن هذا الاعتقاد ليس دقيقًا تمامًا، فبعض المنتجات التي تُباع تحت مسمى طبيعي تحتوي على مواد صناعية مخلوطة بها لتعزيز اللون أو ثباته، وتلك المواد يمكن أن تكون ضارة مثل الصبغات الكيميائية تمامًا، كما أن بعض الأشخاص قد يتحسسون من مكونات الحناء نفسها مما يسبب التهابات جلدية حادة، لذا يجب دائمًا قراءة المكونات بعناية وإجراء اختبار حساسية قبل الاستخدام.
نصائح لتقليل أضرار صبغة الشعر
ينصح الخبراء بعدة خطوات لتقليل أضرار «صبغة الشعر»، منها إجراء اختبار الحساسية قبل كل استخدام ولو تم استعمال نفس النوع سابقًا، وتجنب وضع الصبغة لفترات طويلة على الشعر، مع ضرورة ارتداء القفازات وعدم ملامسة فروة الرأس مباشرة قدر الإمكان، كما يُفضل استخدام منتجات خالية من الأمونيا والبارابين والرصاص، وشرب كميات كافية من الماء بعد الصبغ لمساعدة الكلى على التخلص من السموم، بالإضافة إلى ترك فترات زمنية مناسبة بين كل جلسة وأخرى لإعطاء الجسم فرصة للتعافي، كما ينصح بتجنب خلط أنواع مختلفة من «صبغة الشعر» في آن واحد لأنها قد تتفاعل وتنتج مواد أشد ضررًا.
إشارات تحذيرية تستدعي الطبيب
عند ملاحظة أعراض غير طبيعية بعد استخدام «صبغة الشعر» مثل تورم الوجه أو اليدين أو ظهور بقع حمراء أو حكة شديدة أو آلام في منطقة الكلى، يجب التوقف فورًا عن استخدامها واستشارة الطبيب، لأن هذه العلامات قد تشير إلى بداية تحسس أو تأثير على الكلى، كما يُنصح بإجراء فحوصات وظائف الكلى بشكل دوري لمن يستخدمون الصبغات باستمرار، فالكشف المبكر يساعد على علاج المشكلات قبل تفاقمها.
بين الجمال والصحة
يبقى الجمال غاية يسعى إليها الجميع، لكن لا ينبغي أن يكون على حساب الصحة، فاختيار «صبغة الشعر» الآمنة والالتزام بإرشادات السلامة يجنّب الإنسان الكثير من المعاناة، إذ أن الوقاية خير من العلاج، والاهتمام بفحص المنتجات قبل استخدامها والاعتماد على الخبرة الطبية يضمن الحفاظ على جمال الشعر دون أن يعرض صاحبه لخطر الأمراض، فالكلى والجلد هما خط الدفاع الأول عن صحة الإنسان، وأي ضرر يصيبهما قد تكون له عواقب طويلة المدى.
«صبغة الشعر» رغم كونها أداة تجميلية شائعة إلا أنها تحمل مخاطر كامنة تستحق الانتباه، فالاستخدام غير الواعي والمستمر لها قد يؤدي إلى مشكلات خطيرة تبدأ من الحساسية الجلدية وتنتهي بتأثيرات على الكلى، لذا يجب التعامل معها بحذر ووعي، والبحث دائمًا عن البدائل الآمنة الطبيعية الحقيقية، فالصحة تاج لا يُعوض، وجمال الشعر لا يجب أن يكون سببًا في الإضرار بالجسم.



