جفاف العين.. أسبابه وأفضل طرق الوقاية والعلاج الطبيعي
جفاف العين أصبح من أكثر المشكلات الصحية التي يعاني منها كثير من الناس في العصر الحديث، خاصة مع زيادة استخدام الأجهزة الإلكترونية لفترات طويلة، مما يؤدي إلى إرهاق العينين وفقدان الترطيب الطبيعي لهما، ويعد «جفاف العين» من الحالات التي تتطلب عناية خاصة لأنها لا تؤثر فقط على الراحة البصرية بل تمتد لتؤثر على جودة الرؤية والحياة اليومية، فالعين تحتاج إلى طبقة دمعية متوازنة لترطيب سطحها والحفاظ على حركتها السلسة، وعند حدوث أي خلل في هذه الطبقة تبدأ أعراض الجفاف بالظهور تدريجيًا.
أسباب جفاف العين
تتعدد أسباب «جفاف العين» وتختلف من شخص لآخر، ولكن أكثرها شيوعًا هو قلة إنتاج الدموع أو تبخرها بسرعة، وقد يكون ذلك ناتجًا عن التقدم في العمر حيث تقل قدرة الغدد الدمعية على الإفراز، كما يمكن أن يؤدي الاستخدام المستمر للشاشات الإلكترونية مثل الهواتف والحواسيب إلى تقليل عدد مرات الرمش مما يجعل العين أكثر عرضة للجفاف، وهناك أيضًا بعض العوامل البيئية مثل الهواء الجاف أو المكيفات القوية أو التعرض المستمر للرياح التي تزيد من تبخر الدموع بسرعة.
كما أن بعض الأمراض المزمنة مثل «السكري» أو أمراض الغدة الدرقية أو التهابات الجفن يمكن أن تؤدي إلى جفاف العين، وكذلك بعض الأدوية مثل مضادات الحساسية ومدرات البول ومضادات الاكتئاب قد تؤثر على إفراز الدموع وتجعل العين أكثر عرضة للجفاف، بالإضافة إلى ذلك فإن ارتداء العدسات اللاصقة لفترات طويلة دون ترطيب كافٍ يمكن أن يسبب جفافًا مزمنًا للعينين.

أعراض جفاف العين
تظهر أعراض «جفاف العين» بوضوح من خلال الشعور بالوخز أو الحرقان أو الإحساس بوجود جسم غريب داخل العين، كما يعاني البعض من احمرار مزمن في العين أو صعوبة في الرؤية الواضحة خاصة أثناء القراءة أو استخدام الهاتف، وفي بعض الحالات قد يشعر المصاب بزيادة إفراز الدموع كرد فعل من الجسم لتعويض الجفاف، لكنها دموع غير فعالة لأنها لا تحتوي على التوازن المطلوب من الماء والزيوت والمخاط الذي يحافظ على رطوبة العين.
وقد يلاحظ البعض أيضًا أن أعراض «جفاف العين» تزداد سوءًا في الصباح بعد الاستيقاظ أو أثناء التواجد في أماكن مغلقة مكيفة، كما يشعر البعض بحساسية تجاه الضوء أو صعوبة في ارتداء العدسات اللاصقة أو القيادة ليلاً، وهذه العلامات تستدعي الانتباه وعدم إهمالها لأنها قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم تُعالج.
تشخيص جفاف العين
يعتمد تشخيص «جفاف العين» على الفحص السريري الذي يقوم به طبيب العيون، حيث يتم تقييم طبقة الدموع باستخدام اختبارات بسيطة مثل اختبار شيرمر الذي يقيس كمية الدموع المنتجة خلال فترة زمنية محددة، كما يتم فحص سطح القرنية والملتحمة للبحث عن أي تهيج أو التهاب، وفي بعض الحالات قد تُستخدم صبغات خاصة تُظهر مدى تلف الخلايا السطحية نتيجة الجفاف، ويقوم الطبيب بعد ذلك بتحديد درجة الجفاف واختيار العلاج الأنسب للحالة.
طرق الوقاية من جفاف العين
تبدأ الوقاية من «جفاف العين» بالعناية اليومية الصحيحة بالعينين، حيث يُنصح بشرب كميات كافية من الماء يوميًا للحفاظ على الترطيب العام للجسم والعين، كما يُفضل تقليل مدة استخدام الشاشات الإلكترونية وأخذ فترات راحة كل عشرين دقيقة عبر قاعدة «20-20-20» التي تنص على النظر إلى شيء يبعد 20 قدمًا لمدة 20 ثانية كل 20 دقيقة، كما يُستحسن الحفاظ على بيئة رطبة باستخدام أجهزة ترطيب الجو في الأماكن المغلقة، وتجنب الجلوس مباشرة أمام المكيفات أو مصادر الهواء القوي.
كذلك يُنصح بارتداء نظارات شمسية كبيرة عند الخروج في الشمس أو أثناء القيادة لحماية العين من الرياح والأتربة، كما أن الاهتمام بالتغذية يلعب دورًا مهمًا في الوقاية من جفاف العين، إذ تساعد الأطعمة الغنية بـ«أوميغا 3» مثل السمك والسردين والمكسرات على تعزيز صحة الغدد الدمعية وتحسين إنتاج الزيوت التي تحافظ على ثبات الدموع على سطح العين.
علاج جفاف العين
يتنوع علاج «جفاف العين» حسب شدته، ففي الحالات البسيطة يمكن الاكتفاء بقطرات الترطيب الصناعية التي تعمل على تعويض نقص الدموع الطبيعية، أما الحالات المتوسطة فتحتاج إلى استخدام أنواع متطورة من الدموع الصناعية التي تحتوي على مواد تحاكي التركيب الطبيعي للدموع وتساعد على ترميم سطح العين، وفي الحالات المزمنة قد يلجأ الطبيب إلى وصف أدوية مضادة للالتهاب أو تركيب سدادات دمعية صغيرة للحفاظ على كمية الدموع داخل العين لمدة أطول.
وهناك أيضًا بعض الطرق الطبيعية التي تساعد في التخفيف من أعراض جفاف العين مثل وضع كمادات دافئة على الجفون يوميًا لتحفيز إفراز الزيوت من الغدد الدهنية، أو استخدام مناشف مبللة بالماء الدافئ لتنظيف الجفون وإزالة أي تراكمات قد تعيق خروج الزيوت، كما أن الحصول على قسط كافٍ من النوم يساهم في تجديد خلايا العين والحفاظ على صحتها.
نمط الحياة وأهمية المتابعة الطبية
إن مواجهة «جفاف العين» تتطلب تغيير بعض العادات اليومية غير الصحية، مثل تقليل فترات النظر الطويلة إلى الشاشات أو الامتناع عن فرك العينين بشكل متكرر لأنه يسبب تهيجًا شديدًا، كما يجب مراجعة الطبيب بانتظام خاصة إذا كان الشخص يستخدم العدسات اللاصقة أو يعاني من أمراض مزمنة، لأن «جفاف العين» قد يكون عرضًا لمشكلة أخرى تحتاج إلى علاج.
الاهتمام بترطيب العين والعناية بها هو استثمار في راحة البصر على المدى الطويل، فالعين من أهم الأعضاء التي تمنح الإنسان تواصلاً مباشرًا مع العالم، والحفاظ عليها يعني الحفاظ على جودة الحياة نفسها، ولهذا يُعد التعامل الجاد مع «جفاف العين» ضرورة لا يمكن تأجيلها.



