الأربعاء 24 ديسمبر 2025 الموافق 04 رجب 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

نبيل أبوالياسين: جونيور نجل الرئيس الأمريكي ترامب وعقيدة تحقير «العالم الثالث»

القارئ نيوز

لم تكن الصدمة في كلمات دونالد ترامب عن «الدول القذرة» ولا في استعارة نجله للمصطلحات السلعية «استيراد العالم الثالث» وليدة اللحظة، بل هي فاتحة عنفٍ لغوي يكشف عن رؤية سياسية عنصرية متوارثة. 

هذه الرؤية التي ترى في الشعوب مجرد عبء أو أدوات قابلة للتملك، ليست سوى مرآة تعكس تعطش تلك العقيدة إلى ترسيخ واقعٍ من التبعية.

 إنه خطاب لا يهدف فقط إلى الإهانة، بل إلى تشويه تاريخٍ كامل من العطاء الإنساني لتلك الشعوب، وتبرير استمرار النهب المُمنهج لمواردها، تماماً كما يحذر المحلل نبيل أبوالياسين رئيس منظمة الحق، الذي يشير إلى أن هذه العقيدة هي الوجه الآخر لدعم واشنطن غير المشروط لمشاريع الهيمنة في المنطقة.

جونيور ترامب: الوريث الأيديولوجي وعقلية "صناعة الملوك" المتعالية

يبرز «جونيور» نجل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «المولود في 1977» كأكثر من مجرد نائب تنفيذي لمنظمة ترامب العقارية التي يديرها منذ تخرجه من جامعة بنسلفانيا عام 2000؛ بل هو المحرك الأيديولوجي و«صانع الملوك» الذي أعاد صياغة الحزب الجمهوري وفق عقيدة والده المتطرفة. 

فمن خلال نفوذه السياسي الواسع ودوره كمستشار مقرب في حملات 2016 و2020 وصولاً لعام 2024، لم يكتفِ جونيور بإدارة الأصول المالية، بل تفرغ لإدارة «الأصول السياسية» عبر خطاب إقصائي يرفض الآخر.

 إن خطورة جونيور تكمن في كونه "حامي الأيديولوجيا الترامبية»، حيث يوظف منصات التواصل وبرنامجه «Triggered» لبث روح الاستعلاء التي تزدري شعوب العالم الثالث وتصفها بـ«المجتمعات الفاشلة» والمستوردة.

 إنه يمثل الوجه الشاب للعنصرية المؤسسية التي تنكر فضل العقول والسواعد المهاجرة، محولاً ثقل أمريكا الاقتصادي الذي شارك فيه الجميع إلى أداة للابتزاز والتبعية، مما يجعله الشخصية المحورية في تكريس الانقسام وترسيخ عقيدة الازدراء التي تختزل شعوب العالم الثالث إلى مجرد «سلع مستوردة» أو «أدوات» في خدمة إمبراطوريته السياسية والعائلية.

استيراد العقول أم تصدير المنّة؟

وأكد نبيل أبوالياسين أن خطاب «الاستيراد» الذي يروّج له ترامب الابن هو قمة الازدواجية المعرفية. 

فمن يتحدث عن شعوب العالم الثالث بعقلية المستورد، يتغافل عمداً أن الولايات المتحدة نفسها تقوم بنهبٍ منهجي لعقول وأدمغة تلك الشعوب. 

وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية، سواء في ولاية ترامب السابقة أو في ما يخطط له للولاية القادمة معتمداً على مستشارين مثل ستيفن ميلر المعروف بتشدده في ملف الهجرة، تضع سياسات جاذبة للكفاءات والمهنيين من العالم الثالث لتغذية قطاعاتها الحيوية.

 بينما تتعامل مع الدول المصدرة لهذه العقول على أنها مجرد «دول قذرة»، فإنها في الواقع تنهب أثمن ما لديها.

 ولفت أبوالياسين إلى أن هذا التناقض يذكرنا بإيماءات التقدير التي يمنحها ترامب لإسرائيل، في تجاهل صارخ لكرامة بقية شعوب المنطقة والعالم الثالث.

من «العنصرية العلنية» إلى سياسات الهجرة العقابية

وأضاف المحلل نبيل أبوالياسين أن هذه الخطابات العنصرية العلنية، من «الدول القذرة» إلى «استيراد المجتمعات الفاشلة»، ليست مجرد هفوات إعلامية، بل هي مقدمة منطقية لسياسات هجرة قمعية. 

وأشار إلى أن تجسيد هذا النهج يتم اليوم عبر إعادة ترتيب فريق عمل ترامب المقبل، والذي يضم أسماء كانت مسؤولة عن بعض أكثر السياسات جدلاً في ولايته الأولى.

 فالهدف هو ترجمة هذا الخطاب إلى واقعٍ ملموس، من خلال تطبيق برامج ترحيل واسعة وتشديد غير مسبوق على الهجرة. 

وذكر أن تعيين ستيفن ميلر، المهندس المعروف لسياسات مثل حظر سفر المسلمين، نائباً لكبير موظفي البيت الأبيض للسياسات هو إشارة واضحة على عزم ترامب مضاعفة هذه السياسات. 

ولفت أبوالياسين إلى أن هذه السياسات تهدف إلى خلق نموذج عالمي يرسخ التراتبية العنصرية، تحت غطاء أمني واهٍ.

جهل تاريخي بفضل العرق والعقل

وأكد نبيل أبوالياسين أن جوهر هذه العقيدة التراكمية هو جهل تاريخي متعمد، بل وإنكار لفعل أساسي في بناء الحضارة الأمريكية الحديثة. 

وأشار إلى أن العمالة من دول العالم الثالث، ولا سيما المهاجرون اللاتينيون والأفارقة، شكلت ولا تزال تشكل عصب قطاعات كبرى مثل الزراعة والبناء والخدمات في الولايات المتحدة.

 وأضاف أن الحديث عن «الاستيراد» يحاول طمس حقيقة أن هؤلاء الناس يأتون بأيدٍ تبني، وعقول تبتكر، وطموحات تساهم في دفع المجتمع.

 يتجاهل أن ناطحات السحاب التي يتباهى بها ترامب والعقول التي تدير أكبر شركات التكنولوجيا كانت نتاج عقول قادمة مما يسمونه «العالم الثالث»، ولفت المحلل إلى أن هذا الجحود يتناغم مع ثقافة إخفاء الحقيقة والتفوق الوهمي.


السيادة لا تُستجدى بل تُنتزع

وختم نبيل أبوالياسين بيانه الصحفي بالتأكيد على أن رد الفعل على هذا الخطاب العنصري المتصاعد من «آل ترامب» يجب أن يتجاوز الإدانة اللفظية إلى استراتيجية سيادية كاملة.

 إن على شعوب العالم الثالث وقادتها أن يستفيقوا من وهم التبعية وأن يدركوا أن كرامتهم ليست سلعة في «بورصة الدم» الأمريكية. 

وأضاف أن استمرار سياسة الصمت أو التطلع إلى نوال رضا هذه الإدارة هو انتحار سياسي وأخلاقي. 

الحل الوحيد يكمن في بناء مراكز قوة مستقلة تعيد الاعتبار للذات، وتوقف نزيف العقول، وتتعامل مع العالم من موقع الندية والشراكة. 

وختم قائلاً: «لقد حان الوقت لتعرف شعوبنا أن قوتها الحقيقية تكمن في الاعتزاز بهويتها ووحدتها، وفي مقاومة المشروع العنصري الذي يريد تحويل الإنسان إلى رقم. كرامتنا فوق كل مزاد عنصري، وعقولنا ليست للاستيراد».

تم نسخ الرابط