لماذا تقرأ سورة الكهف يوم الجمعة؟ أسرار مذهلة وفضل عظيم

تحتل سورة الكهف مكانة متميزة في قلوب المسلمين حول العالم، إذ ارتبطت هذه السورة المباركة بيوم الجمعة بشكل خاص، وتناقل المسلمون عبر الأجيال فضل تلاوتها لما فيها من معانٍ عظيمة ومضامين روحانية سامية، ولعل ارتباط الكهف بهذا اليوم المبارك يعود إلى توجيه نبوي صريح يحث فيه النبي صلى الله عليه وسلم على قراءة سورة الكهف كل يوم جمعة، حيث قال: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين»، وهو حديث يجعل من قراءة الكهف في هذا اليوم عبادة أسبوعية لا يمكن التفريط بها.

فضل سورة الكهف يوم الجمعة

إن من يتأمل الأحاديث النبوية الشريفة يكتشف بوضوح مدى الحرص الذي أبداه رسول الله صلى الله عليه وسلم في توصية الأمة بقراءة سورة الكهف يوم الجمعة، فالمقصد النبوي لم يكن مجرد قراءة عابرة، بل قراءة ترتبط بالتحصين الإيماني وبث النور في القلب وتثبيت العقيدة، حيث إن الكهف تمثل محطة أسبوعية تمنح المؤمن فرصة للتزود بالإيمان وتصحيح المسار والتأمل في أحداث عظيمة تنعكس على الواقع الروحي والسلوكي للمسلم.

الحماية من فتنة الدجال

من أبرز فضائل سورة الكهف أنها تمثل حصنًا منيعًا من أشد الفتن التي حذّر منها الأنبياء جميعًا، وهي فتنة المسيح الدجال، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال»، وفي رواية أخرى “من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال”، وبذلك نجد أن الكهف تحمل في طياتها حصانة إيمانية حقيقية ضد الفتن الكبرى، إذ تسهم في ترسيخ العقيدة وترسيخ معاني الصبر والثقة بالله.

السكينة والنور بين الجمعتين

من يحرص على تلاوة الكهف في كل يوم جمعة ينال هبة ربانية من نوع خاص، فهذه السورة تجلب الطمأنينة وتُنزل السكينة، وقد ورد أن الملائكة تحضر عند تلاوتها، كما جاء في الحديث الصحيح: «قرأت رجلًا سورة الكهف وفي الدار دابة فجعلت تنفر، فنظر فإذا سحابة قد غشيته، فقال النبي: اقرأ فلان، فإنها السكينة تنزلت عند القرآن»، والنور الذي يمنحه الله لمن يقرأ الكهف يظل يرافقه من جمعة إلى جمعة، مما يعزز شعوره بالأمان والرضا ويزيد من صفاء النفس.

سبب ارتباط الكهف بيوم الجمعة

لم يكن اختيار يوم الجمعة لقراءة سورة الكهف اعتباطيًا، فهذا اليوم هو سيد الأيام وفيه ساعة لا يوافقها عبدٌ يسأل الله شيئًا إلا أعطاه، وقد خصه الله تعالى بصلاة الجمعة التي يجتمع فيها المسلمون في المساجد، وبتلاوة الكهف في هذا اليوم يتجدد عهد المسلم بربه، ويتنقل من أسبوع إلى أسبوع وهو محمل بالنور والسكينة، بل إن بعض العلماء أشاروا إلى أن الكهف بما فيها من قصص تحمل رسائل تتعلق بالإيمان والفتن والصبر هي أنسب ما يمكن قراءته في يوم عظيم مثل الجمعة.

الكهف شفيعة لصاحبها يوم القيامة

لا يخفى على أحد فضل القرآن الكريم في الشفاعة لأصحابه يوم القيامة، وسورة الكهف على وجه التحديد لها نصيب من هذا الفضل، حيث إن دوام المسلم على تلاوة هذه السورة المباركة يهيئ له الشفاعة ويجعله من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وهذا ما أكده الحديث النبوي: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي شفيعًا لأصحابه يوم القيامة”، فكيف إن كانت القراءة منتظمة في يوم عظيم ومبارك مثل الجمعة.

مضاعفة الأجر ورفع الدرجات

تلاوة الكهف لا تقتصر على الفضل الروحي والنوراني فقط، بل هي وسيلة لمضاعفة الحسنات ورفع الدرجات في الجنة، فالحرف الواحد من القرآن بعشر حسنات، وتلاوة سورة الكهف بما فيها من مئات الحروف تمنح القارئ جبالًا من الحسنات في كل أسبوع، كما ورد عن النبي: »يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها»، ولعل من يداوم على الكهف يكون له مكانة عليا بين أهل الجنة.

أفضل توقيت لتلاوة الكهف يوم الجمعة

أشارت دار الإفتاء المصرية إلى أن وقت قراءة سورة الكهف يمتد من مغرب يوم الخميس إلى مغرب يوم الجمعة، غير أن الفضل الأكبر يتحقق عند قراءتها في نهار الجمعة، وذلك امتثالًا لما ورد في الأحاديث النبوية، ومن المستحب أن تكون القراءة في أول النهار إن أمكن، لأن ذلك يجعل المؤمن يبدأ يومه ببركة الكهف ويستشعر النور الموعود به منذ بداية اليوم.

آداب قراءة سورة الكهف

ولأن الكهف لها هذا القدر العظيم، فلا بد أن تُقرأ بأدب وخشوع، ومن بين الآداب التي أوصى بها العلماء عند تلاوة هذه السورة المباركة أن يكون القارئ على طهارة كاملة، وأن يكون جالسًا في مكان هادئ يواجه فيه القبلة، وأن يبدأ بالاستعاذة والبسملة، كما يُستحب أن تكون القراءة من المصحف مباشرة لما في النظر إلى كلمات القرآن من بركة، وينبغي للقارئ أن يستحضر نيته ويخلصها لله، وأن يتدبر معاني الآيات خاصة عند المرور بقصص أصحاب الكهف وموسى والخضر وذو القرنين، وهي القصص التي ترسم للمؤمن طريق الثبات والنجاة في الفتن.

سورة الكهف ومعاني الثبات في زمن الفتن

تحمل الكهف في طياتها نماذج رائعة للصبر والثبات على الدين في زمن الفتن، فأصحاب الكهف هم شباب فروا بدينهم من بطش الظلم ليحتموا بإيمانهم داخل الكهف، وقصة موسى والخضر تعلمنا أن العلم الإلهي فيه حكمة لا تدركها العقول، وقصة ذي القرنين تذكرنا بوجوب العدل في القوة والرحمة في القيادة، وكل هذه القصص تجعل من قراءة الكهف تأملًا عميقًا في دروس الثبات والتسليم لأمر الله.

تبقى الكهف في يوم الجمعة نافذة نور يطل منها المسلم على الحياة بتجدد الإيمان وتزكية النفس، وهي بمثابة موعد أسبوعي مع الطمأنينة الروحية، ولا ينبغي للمسلم أن يحرم نفسه من هذا الفضل، فليجعل الكهف رفيقته كل جمعة، فهي النور في الدنيا، والشفاعة في الآخرة، والتحصين من الفتن، ووسيلة لارتقاء الدرجات ونيل رضا الله عز وجل.