غارة إسرائيلية تستهدف محطة محروقات جنوب لبنان وتصيب خمسة أشخاص

في تصعيد جديد للتوترات المتواصلة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، استهدفت طائرة مسيّرة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر اليوم الجمعة، محطة للمحروقات في بلدة حولا الواقعة جنوب لبنان، ما أدى إلى إصابة خمسة أشخاص، في ضربة تأتي رغم اتفاق وقف إطلاق النار الساري منذ نوفمبر الماضي.
وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» اللبنانية الرسمية، أن الطائرة المسيّرة الإسرائيلية أطلقت ثلاثة صواريخ باتجاه المحطة الواقعة على الطريق المؤدي إلى بلدة حولا، موضحة أن خمسة أشخاص كانوا متواجدين داخل غرفة على سطح المحطة أصيبوا نتيجة الاستهداف.
وقد هرعت فرق الإسعاف إلى المكان، ونقلت المصابين إلى المستشفى، فيما لم تُكشف بعد طبيعة الإصابات أو الحالة الصحية للضحايا، في حين أفادت مصادر محلية بوقوع أضرار مادية جسيمة في المحطة والمباني المجاورة.
استمرار القصف رغم وقف إطلاق النار
ويأتي هذا الهجوم في وقت تواصل فيه إسرائيل شن ضربات شبه يومية على مواقع داخل الأراضي اللبنانية، تقول إنها تابعة لحزب الله، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين الطرفين حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عقب أكثر من عام من التصعيد العسكري على خلفية الحرب المستمرة في قطاع غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن أمس الخميس عن تنفيذ غارتين منفصلتين على منطقة ميس الجبل في جنوب لبنان، استهدفتا عنصرين من قوة الرضوان التابعة لحزب الله، مشيرًا إلى أن أحد المستهدفين "عمل على جمع معلومات استخبارية لصالح الحزب".
وقال الجيش في بيانه الرسمي: «تم استهداف أحد عناصر قوة الرضوان في غارة دقيقة أدت إلى مقتله، فيما تم استهداف عنصر آخر في غارة ثانية أثناء قيامه بأنشطة استخباراتية».
اتفاق هش بوساطة دولية
ويستند اتفاق وقف إطلاق النار الساري حاليًا إلى تفاهمات أميركية وفرنسية، نصّت على انسحاب مقاتلي حزب الله من المناطق الحدودية الواقعة جنوب نهر الليطاني «على بعد نحو 30 كلم من الحدود»، مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي توغلت فيها خلال الحرب، مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل الأممية في المناطق الحدودية.
ورغم التوصل إلى الاتفاق، لا تزال خمسة مرتفعات حدودية تحت السيطرة الإسرائيلية، ما يتيح لها الإشراف على الجانبين اللبناني والإسرائيلي، في وقت تؤكد فيه تل أبيب أنها لن تسمح لحزب الله بإعادة بناء قدراته العسكرية في الجنوب.
مصادر أمنية.. انسحاب حزب الله وتفكيك أنفاق
وفي هذا السياق، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصدر أمني لبناني قوله، يوم الأربعاء الماضي، إن حزب الله انسحب من جنوب الليطاني، وإن أجهزته العسكرية والأمنية قامت بتفكيك معظم البنية التحتية للحزب في تلك المنطقة.
وأضاف المصدر: «لن نسمح بإعادة تأهيل أي بنية عسكرية لحزب الله جنوب الليطاني. قمنا بردم العديد من الأنفاق وإغلاقها بالكامل، كما عززنا الإجراءات لمنع تهريب الأسلحة من شمال النهر إلى جنوبه»، مشددًا على أن «وسائل القتال تُضبط على الحواجز».
وتعكس هذه التصريحات، إلى جانب المواقف الدولية الداعمة لاتفاق وقف النار، حرص لبنان على تجنّب الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة، وفراغ رئاسي مستمر، وتوترات أمنية متعددة المحاور.
القلق الشعبي يتصاعد
من جهته، عبر عدد من سكان الجنوب اللبناني عن قلقهم من تصاعد وتيرة الضربات الإسرائيلية مؤخرًا، مؤكدين أن الاستهدافات المتكررة تدمر الممتلكات وتُرعب الأهالي وتُهدد حياتهم اليومية.
وقال أحد سكان بلدة حولا لمراسل محلي: «نحن لا نعرف متى تضرب الصواريخ أو من تستهدف. المدنيون هم الضحية دائمًا، والمحطات والبنى التحتية تتعرض للدمار دون تمييزK.
وطالبت جمعيات محلية وجهات حقوقية المجتمع الدولي بضرورة إلزام إسرائيل بوقف خروقاتها المتكررة للسيادة اللبنانية ولاتفاق وقف إطلاق النار، داعين إلى تفعيل دور قوات اليونيفيل لحماية المدنيين واحتواء أي تصعيد.
الأمم المتحدة تتابع والمخاوف تتزايد
وفي وقت لم يصدر بعد أي تعليق رسمي من حزب الله بشأن الغارات الأخيرة، يتابع مراقبو الأمم المتحدة الوضع عن كثب، وسط تحذيرات من انفجار جديد للوضع على الحدود، إذا استمرت الانتهاكات والخروقات اليومية.
ويبدو أن المنطقة لا تزال تعيش على وقع احتمالات التصعيد، في ظل مشهد إقليمي معقد، وغياب أي أفق حقيقي لحل جذري للصراع، ما يُبقي جنوب لبنان ساحة مفتوحة لاحتمالات التدهور الأمني في أي لحظة.