تراجع ملحوظ في أسعار النفط.. مخاوف من زيادة المعروض تضغط على الأسواق

شهدت أسعار النفط العالمية اليوم الخميس انخفاضًا حادًا، نتيجة مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية التي أثارت قلق المستثمرين بشأن توازن العرض والطلب في الأسواق العالمية، وعلى رأسها تطورات الملف النووي الإيراني، وارتفاع المخزونات الأمريكية، إلى جانب استمرار سياسة «أوبك+» في رفع الإنتاج.
انخفاض حاد في خام برنت وغرب تكساس
سجّلت أسعار العقود الآجلة لخام برنت تراجعًا بنسبة 3.8%، لتصل إلى 63.52 دولارًا للبرميل خلال تعاملات الأسواق الآسيوية والأوروبية صباح اليوم، ما يعكس حالة من القلق الشديد لدى المتعاملين في السوق بشأن التوقعات المستقبلية لأسعار النفط.
ولم يكن خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أفضل حالًا، إذ هبط بنسبة أكبر بلغت 4.12%، ليستقر سعر البرميل عند 60.58 دولارًا، ليواصل الخامان مسار الانخفاض الذي بدأ منذ منتصف الأسبوع الجاري، في ظل تحولات جيوسياسية واقتصادية متسارعة.
تقارب أمريكي إيراني يعيد النفط الإيراني إلى الواجهة
في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده تقترب من توقيع اتفاق نووي جديد مع إيران، مشيرًا إلى أن المفاوضات الجارية تهدف إلى تحقيق سلام طويل الأمد في المنطقة.
من جانبه، قال علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلى، إن إيران مستعدة لتوقيع الاتفاق بشرط رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، لا سيما تلك التي تتعلق بصادرات النفط.
هذا التقارب الأميركي الإيراني أثار توقعات واسعة بإمكانية عودة النفط الإيراني إلى الأسواق العالمية، وهو ما يعني رفع مستويات المعروض في السوق بشكل كبير، خاصة إذا تم رفع القيود على التصدير واستئناف الإنتاج بكامل طاقته.
دعم سعودي للاتفاق يعزز الزخم السياسي
وفي تطور لافت، أعرب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود عن دعم بلاده للمفاوضات الجارية بين واشنطن وطهران، مؤكدًا أن المملكة تأمل في التوصل إلى اتفاق يُنهي التوترات ويعزز استقرار المنطقة.
ويُعد هذا الموقف من السعودية، أحد أكبر منتجي النفط في العالم، دعمًا سياسيًا مهمًا لمسار التفاوض، ما يزيد من احتمالية تسارع الخطى نحو اتفاق قد يغير خريطة سوق النفط العالمية في المستقبل القريب.
زيادة مفاجئة في مخزونات النفط الأمريكية
من العوامل التي زادت الضغوط على أسعار النفط، التقرير الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية «EIA» الذي أظهر ارتفاعًا مفاجئًا في مخزونات النفط الخام بالولايات المتحدة بمقدار 4 ملايين برميل خلال الأسبوع المنتهي في 9 مايو.
وسبق هذا التقرير، إعلان معهد البترول الأمريكي «API» عن زيادة مماثلة بلغت 4.287 مليون برميل، ما ساهم في ترسيخ المخاوف لدى المستثمرين من وجود فائض كبير في المعروض العالمي، خاصة في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع مؤشرات الطلب على الوقود في عدد من الأسواق الكبرى.
أوبك+ تواصل سياسة رفع الإنتاج رغم تحديات السوق
في الوقت ذاته، تواصل منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» وحلفاؤها ضمن تحالف «أوبك+»، تطبيق سياستها التدريجية في رفع الإنتاج، وذلك بالتزامن مع خفض توقعات النمو في الإمدادات القادمة من خارج التحالف، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يشهد عام 2025 زيادة في تدفق النفط إلى الأسواق، يقودها ارتفاع إنتاج المملكة العربية السعودية، وهو ما قد يُسهم في استقرار نسبي للأسعار رغم التحديات المرتبطة بتراجع الطلب.
ووفقًا لأحدث التقديرات، يُتوقع نمو المعروض النفطي العالمي بنحو 1.6 مليون برميل يوميًا خلال عام 2025، مع زيادة تُقدّر بـ 380 ألف برميل يوميًا مقارنة بالفترة السابقة، ما يعكس استمرار تأثير العوامل المرتبطة بالعرض على مجمل السوق.
ترقب حذر لمستقبل السوق
في ضوء هذه المعطيات، تتجه الأنظار الآن إلى تطورات المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، التي قد تُفضي إلى عودة سريعة للنفط الإيراني إلى السوق، وهو ما يعني موجة جديدة من التقلبات السعرية، خاصة في ظل استمرار عدم اليقين بشأن نمو الطلب العالمي.
ويبدو أن السوق النفطية تتجه نحو مرحلة دقيقة، تتداخل فيها العوامل السياسية والاقتصادية بشكل كبير، ما يتطلب من المستثمرين والمحللين ترقب التطورات عن كثب، واستعدادًا لتغييرات جذرية محتملة في بنية العرض والطلب خلال الأشهر المقبلة.