«كأنه يوم القيامة».. عاصفة غير مسبوقة تضرب الإسكندرية وتعيد مشاهد كارثة 2015

عاشت محافظة الإسكندرية، في الساعات الأولى من صباح السبت 31 مايو 2025، ليلة عصيبة ستظل محفورة في ذاكرة أهل المدينة، بعدما ضربتها موجة طقس شديدة العنف، أعادت إلى الأذهان كوارث الغرق التي وقعت عام 2015، وسط حالة من الذعر والاستنفار غير المسبوق.
«كأنه يوم القيامة».. ماذا حدث في الثانية صباحًا؟
مع دقات الساعة الثانية من فجر السبت، انقلبت الأجواء تمامًا، حيث اجتمعت العوامل الجوية القاسية في لحظة واحدة؛ رياح عاتية تجاوزت سرعتها 50 كيلومترًا في الساعة، وأمطار غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية وبرق شديد، بالتزامن مع تساقط كثيف لحبات الثلج، في مشهد غير مألوف على المدينة الساحلية حتى في أسوأ نوات الشتاء.
ووصف سكان المدينة ما شهدوه في تلك الدقائق بـ«يوم القيامة»، بعدما تحولت الشوارع إلى بحيرات من المياه، وتحطمت اللافتات، وتطايرت اللوحات الإعلانية، وسادت حالة من الذهول والخوف.

آثار مدمرة في الصباح.. كورنيش محطم وثلوج متراكمة
مع شروق شمس السبت، بدأت تتكشف آثار الدمار التي خلفتها العاصفة الليلية، وظهر الحطام المنتشر بطول كورنيش الإسكندرية، حيث تناثرت اللافتات الإعلانية وواجهات أندية الشاطئ، كما تضررت أعمدة إنارة بفعل الرياح الشديدة.
وامتدت آثار العاصفة إلى أحياء متفرقة، حيث غطت الثلوج بعض الشوارع، بينما تراكمت مياه الأمطار بشكل غير مسبوق، ما أعاق الحركة وأدى إلى شلل مروري جزئي، خاصة في المناطق الشرقية.
عقارات سقطت وسيارات تحطمت.. دون خسائر بشرية
العاصفة لم تمر دون أن تترك خلفها خسائر مادية، فقد أدى سقوط أجزاء من عقارين في منطقتي فيكتوريا وكامب شيزار إلى تحطم عدد من السيارات التي كانت تقف أسفلهما، وسط حالة من الهلع بين السكان.
لكن المفارقة الإيجابية، أن الحادثين لم يسفرا عن أي وفيات أو إصابات بشرية، ما اعتبره البعض «معجزة» في ظل الظروف الجوية التي كانت تعصف بالمدينة.

160 معدة لشفط المياه.. و«الصرف الصحي».. الأمطار وصلت حد السيول
وعلى الفور، استنفرت الأجهزة التنفيذية بالمحافظة جهودها لمواجهة تداعيات الطقس السيئ. وقالت شركة الصرف الصحي بالإسكندرية، في بيان رسمي، إن كميات الأمطار التي هطلت على المدينة كانت كثيفة للغاية، ووصلت في بعض المناطق إلى حد السيول.
وأكدت الشركة أنها دفعت بـ160 سيارة ومعدة متخصصة لشفط المياه من الشوارع، في محاولة عاجلة لإعادة الحركة إلى طبيعتها، والتعامل مع الموقف قبل تفاقمه.
وحددت الشركة المناطق الأكثر تضررًا، وهي:
- حي المنتزه أول
- حي المنتزه ثان
- حي شرق
فيما شهدت أحياء وسط وغرب أمطارًا غزيرة أقل نسبيًا، لكنها أيضًا تسببت في إعاقة الحركة لبعض الوقت.

المحافظة تستنفر.. والطوارئ مستمرة
من جانبه، أعلن الفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية، رفع حالة الطوارئ في جميع الأحياء، مع توجيه جميع الأجهزة التنفيذية بالانتشار الميداني على مدار الساعة، لمتابعة أعمال تصريف تجمعات المياه، والتنسيق مع شركة الصرف الصحي لضمان تحقيق السيولة المرورية.
وقال المحافظ في بيان رسمي: «ما شهدته الإسكندرية هذه الليلة استثنائي بكل المقاييس، ونحن نعمل بأقصى طاقتنا بالتنسيق مع جميع الجهات لاحتواء الآثار والتعامل مع الأزمة حتى تعود الحياة لطبيعتها».

هل تعود كوارث الطقس؟.. دعوات للحذر ومراجعة البنية التحتية
أعادت العاصفة الأخيرة الحديث مجددًا حول البنية التحتية لمحافظة الإسكندرية، وقدرتها على مواجهة الأزمات المناخية المتكررة، خاصة أن المدينة شهدت خلال السنوات الأخيرة تكرارًا لظواهر جوية عنيفة وغير معتادة.
وطالب خبراء الطقس ومسؤولون سابقون بضرورة إجراء مراجعة شاملة لشبكات الصرف وتطوير إمكانات التعامل مع الكوارث البيئية، خاصة في ظل التغيرات المناخية العالمية التي باتت تؤثر على نمط الطقس في مصر بشكل واضح.

الإسكندرية تتنفس الصعداء
مع مرور الساعات، بدأت السماء في التهدئة نسبيًا، وظهرت محاولات الأهالي لاستعادة مظاهر الحياة الطبيعية، بينما تتواصل جهود الأجهزة المعنية في رفع المياه وإزالة آثار العاصفة من الشوارع.
ورغم أن ليلة السبت 31 مايو 2025 ستظل محفورة في الذاكرة كواحدة من أصعب ليالي الإسكندرية، إلا أن صمود سكانها وتكاتف مؤسساتها خفف كثيرًا من وقع الكارثة، في انتظار تحسن كامل للأحوال الجوية خلال الساعات المقبلة.