الخميس 05 يونيو 2025 الموافق 09 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

أسدلت الستار الأخير.. المسرح يطفئ أنواره على رحيل سميحة أيوب

سميحة أيوب
سميحة أيوب

فقدت الساحة الفنية المصرية والعربية، اليوم، واحدة من أبرز رموزها، برحيل الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، عن عمر ناهز 93 عامًا، بعد مسيرة فنية امتدت لقرابة ثمانية عقود، قدمت خلالها عشرات الأعمال التي تركت أثرًا خالدًا في وجدان جمهورها.

ورحلت سميحة أيوب بعد حياة حافلة بالإبداع على خشبة المسرح، وفي الدراما التليفزيونية، والسينما، حيث ظل حضورها فنيًا وثقافيًا ملهمًا حتى اللحظات الأخيرة، دون أن تسعى خلف الأضواء أو تلهث وراء الترند، مكتفيةً بقيمة الفن الحقيقي ورسالة الإبداع.

نشأة فنية مبكرة.. وحب للمسرح منذ الصغر

ولدت الفنانة سميحة أيوب في 8 مارس 1932 بحي شبرا في القاهرة، ونشأت في أسرة متوسطة، كانت الثقافة والفن جزءًا من وجدانها اليومي. 

منذ سنواتها الأولى، كانت ملامح الموهبة الفنية تلوح في شخصيتها، ما دفعها بعد إنهاء التعليم الأساسي إلى الالتحاق بـ المعهد العالي للفنون المسرحية، وهو القرار الذي غيّر مجرى حياتها إلى الأبد.

في المعهد، تلقت سميحة تعليمها الفني على يد رواد الحركة المسرحية في مصر، وعلى رأسهم المخرج زكي طليمات، الذي آمن بموهبتها، وفتح أمامها أبوابًا عديدة لتشق طريقها بثبات في عالم المسرح.

مسرحيات خالدة.. وتاريخ من الإبداع

عرفت سميحة أيوب طريقها إلى خشبة المسرح مبكرًا، حيث وجدت نفسها في أدوار قوية عكست قدراتها التمثيلية الفريدة.

 وبمرور السنوات، باتت واحدة من ألمع نجمات المسرح العربي، ولقّبت بـ «سيدة المسرح العربي»، عن جدارة واستحقاق.

من أبرز مسرحياتها التي رسّخت مكانتها: سكة السلامة، رجل في القلعة، السبنسة، وغيرها من الأعمال التي أصبحت من كلاسيكيات المسرح العربي.

ولم تكن سميحة مجرد ممثلة على خشبة المسرح، بل كانت أيضًا صاحبة رؤية إدارية وفنية، حيث تولت إدارة المسرح القومي لعدة سنوات، وأسهمت خلال تلك الفترة في إنتاج أعمال مسرحية ذات قيمة فكرية وجمالية، كما دعمت المواهب الجديدة، وقدمت أسماء لامعة للجمهور.

دراما مؤثرة.. وأداء استثنائي على الشاشة الصغيرة

رغم عشقها الأول للمسرح، فإن سميحة أيوب لم تبتعد عن جمهور الشاشة، بل قدّمت عددًا كبيرًا من الأعمال الدرامية التي أصبحت علامات في تاريخ الدراما المصرية. أداؤها في المسلسلات اتسم دومًا بالبساطة العميقة والصدق الإنساني.

من أبرز أعمالها التلفزيونية: الراية البيضا، ضمير أبلة حكمت، الحارة، والليل وآخره

وفي كل عمل، استطاعت أن تقدم نموذجًا للمرأة القوية، الأم المتفهمة، والمعلمة الصارمة، ما جعلها تحظى بمحبة جمهور متنوع من مختلف الأجيال.

سينما بلا صخب.. ولكن بحضور مؤثر

على الرغم من أن مشاركاتها في السينما لم تكن كثيرة مثل المسرح أو الدراما، فإنها تركت بصمة لا تُنسى. ظهرت في أفلام حملت طابعًا اجتماعيًا وفنيًا مهمًا، مثل بداية ونهاية، وفجر الإسلام، والسراب.

وكان آخر ظهور سينمائي لها في فيلم «ليلة العيد» الذي عُرض عام 2024، وشاركت فيه إلى جانب يسرا اللوزي وعبير صبري وهنادي مهنا، وقدّمت خلاله أداءً إنسانيًا مميزًا أكد أنها لا تزال قادرة على العطاء رغم تقدم العمر.

لم تلهث وراء الترند.. بل احترمت الفن والجمهور

ما ميز الفنانة الراحلة سميحة أيوب أنها كانت دائمًا بعيدة عن الضجيج الإعلامي، فلم تركض خلف الترند أو تتورط في الجدل، بل بنت نجوميتها على أسس راسخة من الموهبة الصادقة، والاحترام العميق لمهنة التمثيل.

كانت قدوة لعدد كبير من الفنانين والفنانات، ممن اعتبروها مرجعًا فنيًا وإنسانيًا، وهو ما انعكس في كلمات النعي التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي فور إعلان وفاتها.

إرث فني وثقافي خالد

برحيل سميحة أيوب، تخسر مصر والعالم العربي رمزًا ثقافيًا وفنيًا نادرًا، استطاعت أن تفرض اسمها في زمن شديد التنافس، وتقدم نموذجًا للمرأة الفنانة صاحبة المبدأ والرؤية والموهبة.

لقد تركت إرثًا فنيًا غنيًا، يمتد على مدار أكثر من سبعين عامًا، سيظل شاهدًا على قدرتها الفائقة في التعبير عن الإنسان العربي، في فرحه، حزنه، ضعفه، وقوته.

وداعًا سميحة أيوب.. ستبقى أعمالك في الذاكرة، وصوتك في القلوب، وخطاك على المسرح محفورة لا تُنسى.

تم نسخ الرابط