في ذكرى رحيل حورية حسن.. «المطربة الطائرة» التي أطلقت الرصاص ليلة زفافها

تحل اليوم الأحد 8 يونيو، الذكرى التاسعة والعشرون لرحيل الفنانة الكبيرة حورية حسن، إحدى أبرز الأصوات النسائية في تاريخ الفن المصري، التي جمعت بين الغناء والتمثيل، وتركت بصمة لا تُنسى رغم رحيلها عن عالمنا وهي في عمر الخامسة والستين.
نشأة متواضعة وحلم كبير
وُلدت حورية حسن في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، لأسرة بسيطة دعمت شغفها بالغناء منذ الصغر.
بدأت خطواتها الفنية في مسارح الهواة، لتنتقل بعدها إلى القاهرة في عام 1948 وهي لا تزال في ريعان الشباب، طامحة لأن تقتحم الوسط الفني في العاصمة، وسط أجواء كانت آنذاك مليئة بالأصوات العظيمة.
ولم تكد تمر سنوات قليلة حتى لمع اسمها في الساحة الغنائية، واستطاعت أن تفرض نفسها بين كبار مطربات جيلها، بفضل صوتها العذب وأدائها الحسي المميز، إلى أن أُطلق عليها لقب «المطربة الطائرة»، لكثرة تنقلها بين الدول العربية لإحياء الحفلات الفنية، حيث غنت أكثر من 400 أغنية خلال مشوارها الطويل.
أغانٍ خالدة في ذاكرة الطرب المصري
من بين أبرز أغانيها التي لا تزال تُردد حتى اليوم، تأتي أغنية «يا أبو الطاقية الشبيكة» التي حققت انتشارًا واسعًا وارتبطت في أذهان الجمهور بطابعها الشعبي البسيط، وكذلك أغنية «من حبي فيك يا جاري»، التي تميزت بعذوبة اللحن وخفة الدم، مما منحها شهرة تجاوزت حدود الزمن.
كما قدمت مجموعة متنوعة من الأغنيات التي شكلت جزءًا من وجدان المستمع المصري، منها: «يا ناعمة يا غريبة»، و«عصافير الجنة»، و«لمهندس جاي»، إلى جانب العديد من الأغاني الوطنية والعاطفية.
أيقونة الأوبريت الأولى
لقبت حورية حسن أيضًا بـ «مطربة الأوبريت الأولى»، لما قدمته من أعمال مسرحية غنائية شكلت جزءًا من الريادة الفنية المصرية في منتصف القرن العشرين.
وكان أول أوبريت تشارك فيه هو «معروف الإسكافي»، ثم أتبعت ذلك بأعمال لاقت استحسان النقاد والجمهور، مثل «شهرزاد» و«البيرق النبوي»، ما جعلها تتربع على عرش الغناء المسرحي لسنوات.
6 أفلام في مسيرتها.. ما بين الكوميديا والدراما
رغم أن الغناء كان بوابتها الأولى إلى قلوب الجمهور، فإن حورية حسن خاضت تجربة التمثيل السينمائي، وشاركت في ستة أفلام، أبرزها: «الصبر جميل»، و«بابا عريس»، و«العلمين».
ورغم محدودية عدد أفلامها، فإنها عُرفت بخفة ظلها وأدائها التلقائي، مما أضفى حضورًا محببًا في الأدوار التي أسندت إليها.
زواج قسري ورصاصة في الزفاف
بعيدًا عن الأضواء، حملت حياة حورية حسن العديد من القصص المثيرة. ففي حوار نادر أُجري معها في إحدى الإذاعات القديمة، كشفت عن تعرضها لـ زواج قسري في مسقط رأسها طنطا، حيث أجبرت عائلتها على تزويجها من شاب لم ترغب في الارتباط به.
وقالت في الحوار: «أطلقت الرصاص على العريس ليلة الزفاف، ثم هربت إلى القاهرة.. وبعد 10 سنوات اكتشفت أنه لم يُقتل!»، في واقعة غريبة كانت حديث الأوساط لفترة، وكشفت عن قوة شخصيتها ورفضها للخضوع.
أزمة غريبة مع شادية.. وطعام القطط في الغداء
ومن القصص المثيرة الأخرى التي أُثيرت حولها، أزمة عام 1961 مع الفنانة الكبيرة شادية، حيث اتهمت حورية حسن زميلتها بمحاولة تسميمها خلال دعوة غداء.
ورغم تضخيم الصحافة للأمر في حينه، خرجت شادية في تصريحات نفت فيها الواقعة بالكامل، موضحة أن ما حدث لم يكن سوى خطأ بريء، حين قدمت لها عن طريق الخطأ طعامًا مُعدًا للقطط.
الحادثة أثارت ضجة كبيرة آنذاك، لكنها لم تؤثر على العلاقة بين الفنانتين، بل ظل الاحترام المتبادل قائمًا، وفقًا لما أكده مقربون من الوسط الفني لاحقًا.
رحيل «المطربة الطائرة».. وبقاء صوتها
رحلت حورية حسن عن عالمنا في مثل هذا اليوم، 8 يونيو من عام 1996، بعد صراع قصير مع المرض، وهي في عمر الـ65 عامًا.
ورغم مرور ما يقرب من ثلاثة عقود على وفاتها، لا تزال أغانيها تتردد في الإذاعة والبرامج الفنية، لتُعيد إلى الأذهان زمنًا جميلاً من الطرب الأصيل.
وفي زمن اختلطت فيه الألوان الغنائية، تظل حورية حسن واحدة من الأصوات القليلة التي استطاعت أن تجمع بين الشجن والفرح، وبين الغناء الشعبي والكلاسيكي، وبين المسرح والسينما، لتكون بحق إحدى رموز الفن المصري في القرن العشرين.