اعترافات صادمة من جنود الاحتلال.. قتل متعمد للفلسطينيين في مراكز توزيع المساعدات

في اعتراف خطير يسلط الضوء على جرائم الاحتلال الإسرائيلي المستمرة في قطاع غزة، كشفت صحيفة «هآرتس» العبرية، اليوم الجمعة، عن شهادات لجنود وضباط في جيش الاحتلال، تؤكد صدور أوامر مباشرة بإطلاق النار على فلسطينيين مدنيين بالقرب من مراكز توزيع المساعدات الإنسانية، رغم علم القوات بأنهم لا يُشكلون أي تهديد.
وأكد أحد الجنود للصحيفة أن «فقدان طهارة السلاح» في غزة بات واضحًا، قائلاً: «في المكان الذي تواجدت فيه، كان يقتل ما بين شخص إلى خمسة أشخاص يوميًا... يطلقون النار كأنهم يواجهون قوة هجومية، رغم أنهم مدنيون عُزّل».
إطلاق نار على الجوعى.. رغم غياب التهديد
ووفق التقرير، يتم استهداف الفلسطينيين الذين يقتربون من مراكز توزيع المساعدات قبل فتحها أو بعد إغلاقها، خاصة في ساعات الفجر الأولى عندما لا يستطيع المواطنون رؤية حدود المنطقة بسبب الظلام.
ويستخدم الجنود الرشاشات الثقيلة وقاذفات القنابل، بل وقذائف الهاون لتفريق المواطنين، عوضًا عن وسائل فض التجمعات المتعارف عليها.
ويشرف جيش الاحتلال على تأمين أربعة مراكز لتوزيع المساعدات في غزة، تديرها «مؤسسة غزة الإنسانية» ضمن آلية إسرائيلية - أمريكية مرفوضة من الأمم المتحدة.
وتفتح هذه المراكز لمدة ساعة واحدة فقط يوميًا، ولا تعمل بشكل منظم، ما يزيد من الفوضى والمخاطر حولها.
«ميدان إعدام».. هكذا وصف الجنود مواقع المساعدات
قال أحد جنود الاحتياط الإسرائيليين إن مراكز المساعدات في غزة تحولت إلى «ميادين إعدام»، مضيفًا: «نطلق النار من الدبابات والقناصة ونلقي قنابل هاون، وأحيانا تصاب مجموعات من المدنيين، دون أن نشعر بأي تهديد حقيقي.
لم أسمع عن أي إطلاق نار من الطرف الآخر في هذه المناطق».
ووصف جندي آخر هذه الجرائم باسم رمزي داخل الجيش هو «عملية الفسيخ العسكرية»، في إشارة إلى عملية إبادة صامتة ضد الجوعى الفلسطينيين الباحثين عن لقمة العيش.
فقدان إنساني وأخلاقي.. وغزة لم تعد تهم أحدًا
نقلت «هآرتس» عن أحد ضباط الاحتياط قوله: «غزة لم تعد تهم أحدًا، أصبحت مكانًا بلا قوانين.. موت الناس لم يعد يُذكر حتى كحادث مؤسف».
وأشار ضابط آخر إلى أن التعامل مع السكان من خلال إطلاق النار فقط هو أمر «غير أخلاقي».
مضيفًا: «في الليالي نطلق النار لتحذير السكان، لكن في الحقيقة، نحن نُطلق النار كي نبعدهم بأي ثمن. وفي أحيان كثيرة، لا يُعرف موعد فتح المراكز، مما يربك الأهالي ويدفعهم للمجيء مبكرا، وهو ما يدفع القوات لإطلاق النار أو إلغاء توزيع المساعدات تماما».
النيابة العسكرية تحقق.. ولكن دون توثيق أو محاسبة
رغم أن النيابة العسكرية الإسرائيلية طالبت بفتح تحقيق في شبهة ارتكاب جرائم حرب، فإن الصحيفة كشفت أن الجيش لا يُوثّق هذه الأحداث المصورة في محيط مراكز المساعدات، ما يُثير الشكوك حول جدية المحاسبة.
ويبدو أن الجيش الإسرائيلي، وفق الصحيفة، يعتبر نجاح «مؤسسة غزة الإنسانية» في استمرار المساعدات -حتى بهذا الشكل العنيف- عاملًا لإنقاذ شرعيته الدولية المتهالكة، خاصة بعد الانتقادات الواسعة التي واجهها بسبب المجازر الأخيرة.
أكثر من 550 شهيدًا و4000 مصاب خلال شهر واحد
وفق مصادر طبية فلسطينية، استشهد أكثر من 550 مواطنًا فلسطينيًا وأُصيب ما يزيد على 4000 آخرين منذ أواخر مايو الماضي، أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الغذائية، ما يعكس صورة مأساوية لأزمة إنسانية مركبة تتفاقم يومًا بعد يوم.
إبادة جماعية مستمرة منذ 7 أكتوبر 2023
يُشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل شن حرب إبادة جماعية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، تتضمن القتل والتجويع والتدمير الممنهج والتهجير القسري.
وخلفت هذه الحرب، بحسب الإحصائيات الفلسطينية، أكثر من 188 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى ما يزيد على 11 ألف مفقود، ومئات الآلاف من النازحين، ومجاعة أزهقت أرواح المئات، بينهم أطفال.
ورغم صدور أوامر من محكمة العدل الدولية تطالب إسرائيل بوقف الحرب، تواصل قوات الاحتلال ارتكاب جرائمها بحق المدنيين، في تحدٍ صارخ للقانون الدولي الإنساني، ووسط صمت دولي بات أكثر فجاجة مع مرور الوقت.