دراسة تحذر.. الإفراط في الشاشات يهدد قلب الأطفال والمراهقين بأمراض مزمنة

الشاشات خطر صامت.. دراسة تحذر من تأثير «الإفراط في الشاشات» على قلب الأطفال والمراهقين
أطلقت دراسة طبية حديثة تحذيرًا صريحًا بشأن مخاطر «الإفراط في الشاشات» وتأثيره العميق على صحة القلب لدى الأطفال والمراهقين، حيث كشفت أن الوقت الطويل الذي يقضيه الصغار أمام الأجهزة الإلكترونية قد يكون مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في سن مبكرة، مما يستدعي تحركًا فوريًا من الأسرة والمدرسة والمجتمع الطبي لتقنين استخدام «الشاشات» ووضع ضوابط أكثر صرامة لهذا السلوك اليومي المتكرر.
علاقة وطيدة بين «الشاشات» وأمراض القلب
الدراسة التي نُشرت في إحدى المجلات الطبية المرموقة تناولت علاقة «الإفراط في الشاشات» بالعديد من التغيرات الفسيولوجية والسلوكية لدى الأطفال والمراهقين، حيث أوضحت أن استخدام «الشاشات» لساعات طويلة يرتبط بانخفاض النشاط البدني وارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية وخلل في استجابة الأنسولين، وهي عوامل تمهد الطريق لمشكلات قلبية خطيرة في المستقبل.
كما أشارت الدراسة إلى أن «الشاشات» تؤثر على جودة النوم بشكل كبير مما يزيد من الإجهاد البدني والنفسي ويضعف من قدرة الجسم على التعافي واستعادة توازنه، وهو ما قد يؤدي مع مرور الوقت إلى ظهور أعراض مبكرة لأمراض القلب كارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضرباته.
السلوكيات المصاحبة للإفراط في «الشاشات»
لاحظ الباحثون أن الأطفال الذين يقضون أكثر من ثلاث ساعات يوميًا أمام «الشاشات» غالبًا ما يمارسون عادات غذائية غير صحية مثل تناول الوجبات السريعة والمشروبات الغازية بكثرة، إلى جانب انخفاض معدل شرب الماء، وهي عادات تسهم في تراكم الدهون في الجسم وارتفاع احتمالات السمنة التي ترتبط بدورها بمضاعفات قلبية خطيرة.
كما لوحظ أن قلة الحركة الناتجة عن الجلوس المطول أمام «الشاشات» تؤدي إلى ضعف في اللياقة القلبية والعضلية، مما يجعل الجسم أقل قدرة على تحمل الجهد البدني الطبيعي، وهو ما يرفع احتمالية الإصابة بمشكلات في الشرايين التاجية لاحقًا.
القلب ليس وحده المتضرر من «الشاشات»
لم يقتصر تأثير «الإفراط في الشاشات» على القلب فقط، بل امتد إلى العديد من الجوانب الصحية الأخرى، إذ بينت الدراسة أن «الشاشات» تتسبب في ضعف التركيز وزيادة نوبات القلق والتوتر واضطرابات النوم، فضلًا عن مشاكل في العمود الفقري والبصر بسبب الوضعيات الخاطئة وسوء الإضاءة.
كما أشارت النتائج إلى أن الأطفال الذين يعتمدون على «الشاشات» كمصدر رئيسي للتسلية يميلون إلى العزلة والانطواء الاجتماعي، مما يؤثر بدوره على صحتهم النفسية ويقلل من تفاعلهم مع الأسرة والأقران.
توصيات لتقنين استخدام «الشاشات» عند الأطفال
انطلاقًا من هذه النتائج الخطيرة، أوصت الدراسة الآباء والمربين بضرورة تقنين استخدام «الشاشات» لدى الأطفال والمراهقين، وأوصت بتحديد وقت لا يتجاوز ساعة إلى ساعتين يوميًا، مع ضرورة تشجيعهم على ممارسة الأنشطة البدنية والرياضات الجماعية التي تحفز القلب وتحافظ على صحة الجسم.
كما شددت على أهمية مراقبة المحتوى المعروض على «الشاشات» ومراعاة الفئة العمرية، إلى جانب تعزيز التفاعل الأسري وتقليل الاعتماد على الوسائل التكنولوجية في الترفيه، وذلك عبر إيجاد بدائل تعليمية وتربوية مسلية ومفيدة.
دور المدرسة والمجتمع في التوعية
أكدت الدراسة على الدور الحيوي للمؤسسات التعليمية والمجتمعية في نشر الوعي حول مخاطر «الشاشات» من خلال ورش العمل والمحاضرات والمبادرات المدرسية، مع توفير بيئة مدرسية صحية تشجع الطلاب على التحرك والمشاركة في الأنشطة البدنية المنتظمة.
كما دعت إلى إدماج مادة تعليمية في المناهج الدراسية تتناول التربية الرقمية وأهمية الاستخدام الواعي للتكنولوجيا، حتى يتمكن الجيل الصاعد من التفاعل مع «الشاشات» دون أن يكون ذلك على حساب صحتهم الجسدية والنفسية.
إرشادات عملية للآباء
لضمان استخدام آمن لـ«الشاشات» في المنزل، ينصح الخبراء الآباء باتباع بعض الخطوات المهمة منها تحديد أوقات استخدام الأجهزة، وإبعادها عن غرفة النوم، وفرض فترات راحة منتظمة أثناء المشاهدة، ومشاركة الأبناء في الأنشطة البدنية، وتعزيز الحوار المفتوح معهم حول مخاطر «الإفراط في الشاشات» وتأثيره على أجسادهم وأحلامهم في المستقبل.
كما يُفضل وضع مثال عملي من الكبار، حيث يميل الأبناء إلى تقليد سلوكيات الأهل، وبالتالي فإن تقليل البالغين أنفسهم لاستخدامهم للأجهزة قد يشكل محفزًا قويًا للصغار على الاعتدال في استخدام «الشاشات».
الصحة الرقمية ضرورة في العصر الحديث
رغم أن «الشاشات» أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إلا أن الحفاظ على «الصحة الرقمية» بات أمرًا ضروريًا لا يمكن تجاهله، خاصة في ظل تصاعد الأدلة العلمية التي تربط بين «الإفراط في الشاشات» وبين تدهور صحة القلب لدى الأجيال الجديدة.
ومن ثم فإن التوازن هو الحل الأمثل، بحيث يتم الاستفادة من التكنولوجيا دون أن تكون على حساب صحة القلب والعقل، ولابد أن تبدأ هذه المعادلة من داخل الأسرة نفسها قبل أن نطلب من الطفل أن يفعل ذلك بنفسه.