«شادية».. الوجه الآخر لـ«دلوعة الشاشة»: دموع وأحلام مكسورة

بابتسامتها الساحرة وصوتها العذب، استطاعت الفنانة الراحلة «شادية» أن تحفر اسمها في قلوب محبيها، حتى لقبت بـ«دلوعة الشاشة». لكن خلف الأضواء التي أبهرت الجمهور، كانت هناك حياة مليئة بالمحن والآلام التي لم يعرفها كثيرون.
في ذكرى ميلادها التي توافق الثامن من فبراير/شباط، نستعيد سيرة فنية حافلة، لكنها أيضًا إنسانية عميقة، لم تكن دائمًا ببهجة أدوارها على الشاشة.
من فقدان الأحبة إلى حرمانها من حلم الأمومة، وانتهاءً باعتزال مفاجئ كان نتيجة لصدمة طبية قلبت حياتها رأسًا على عقب.
استشهاد خطيبها الأول يغير مجرى حياتها
تبدأ أحداث فيلم «امرأة في دوامة» (1962) بحادث سير ينهي حياة خطيب بطلة الفيلم، وهو ما يشبه تمامًا مأساة شادية الواقعية ولكن باختلاف السياق.
فقد فقدت حب حياتها الأول وخطيبها، الضابط الذي شارك في حرب فلسطين عام 1948، وهي لم تتجاوز التاسعة عشرة من عمرها.
خرجت شادية من العرض الخاص لفيلمها الأول لتُفاجأ برسالة مختومة من الجيش المصري، كتب فيها: «توفي الضابط أحمد شهيدًا في ساحة القتال».
كانت تلك اللحظة بداية لانهيار عصبي اضطرت معه أسرتها لتغيير السكن إلى شقة جديدة في الزمالك، علّ التغيير يخفف عن آلام الفقد.
في مذكراتها التي نقلتها الصحفية «إيريس نظمي»، روت شادية: «جاء يودعني وهو يرتدي الملابس العسكرية، حبست دموعي حتى غاب عني، وظللت أبكي بكاء مريرًا متواصلًا، وكأن قلبي يعرف ماذا سيحدث.
وصدقت مشاعري، فذهب ولم يعد أبدًا.. استُشهد في ميدان القتال، واسمي يلف حول إصبعه دبلة الخطوبة».
حلم الأمومة الذي لم يكتمل
رغم أدائها المؤثر لدور الأم في أغنيات مثل «سيد الحبايب»، التي أصبحت أيقونة للاحتفال بعيد الأم، فإن شادية نفسها لم تُرزق بأطفال، رغم أنها كانت تحلم بـ«دُستة أولاد» عندما تبلغ الخمسين، كما صرحت ذات مرة.
تزوجت أكثر من مرة، وكانت أقرب لتحقيق حلمها ثلاث مرات، لكنها تعرضت للإجهاض في كل مرة.
أكثر التجارب إيلامًا كانت أثناء حملها من الفنان «صلاح ذو الفقار»، حين اضطرت للاعتذار عن بطولة فيلم «الحب الضائع»، وعادت إلى القاهرة للاهتمام بصحتها، لكن الحلم انهار مجددًا بالإجهاض الثالث والأخير.
بعدها، ابتعدت شادية عن فكرة الزواج نهائيًا، وقررت أن تعيش حياتها مستقلة، بعد تأكدها من استحالة تحقيق حلم الأمومة.
«طاهر».. الابن الذي لم تنجبه
بسبب حرمانها من الأمومة، وجدت شادية في شقيقها الأصغر «طاهر» ابنًا وأخًا وسندًا. كان طاهر مدير أعمالها والمقرب منها، لكنها فُجعت حين رحل شابًا، وواجهت صدمة الفقد مجددًا.
في ذلك الوقت، كانت تقوم ببطولة مسرحية «ريا وسكينة»، ولم تحصل إلا على إجازة يوم واحد ثم عادت إلى الخشبة. وقالت لعائلتها إنها فضلت الاستمرار في العمل كي لا ينقطع رزق الكومبارس، الذين كانوا يتقاضون مبالغ زهيدة لا تتعدى 10 جنيهات في اليوم.
وذكر الفنان «أحمد بدير» في أحد حواراته أن شادية كانت تأخذ أجرها من المسرحية وتوزعه بالكامل في أظرف شهرية على المحتاجين.
الاعتزال.. وجرح لا يرى
لم يكن اعتزال شادية للفن قرارًا عاديًا، بل جاء بعد صدمة طبية كبيرة. فعندما كانت تزور شقيقتها الكبرى في الولايات المتحدة، اكتشف الأطباء هناك أن تشخيص إصابتها بسرطان الثدي في مصر لم يكن دقيقًا. كانت قد خضعت بالفعل لعملية استئصال الثدي، رغم أنها لم تكن بحاجة لها.
الفنان «سمير صبري» كشف بعد وفاتها أن هذا الخطأ الطبي كان السبب الحقيقي وراء اعتزالها، إذ دخلت في حالة اكتئاب شديدة بسبب الجراحة غير الضرورية، وقررت الابتعاد عن الأضواء إلى الأبد.
«خد بإيدي».. طريق النور والسكينة
بعد اعتزالها، لم تبتعد شادية تمامًا عن الفن، بل وجهت صوتها للأغاني الدينية مثل «خد بإيدي»، التي لاقت نجاحًا واسعًا، لكنها رفضت جميع العروض لتسجيل الأدعية الدينية، مفضلة التفرغ للأعمال الخيرية.
استجابة لنصيحة الشيخ «محمد متولي الشعراوي»، باعت نصف أرض فيلتها لتأمين حياتها، وخصصت النصف الآخر لبناء مسجد ومستشفى. كما تبرعت بشقتها في حي المهندسين لتحويلها إلى مستوصف صحي، وظلت تدعم المحتاجين والمشاريع الخيرية حتى وفاتها.
«شادية».. الحزن خلف ضحكتها
رغم أن شادية رسمت البهجة على وجوه الملايين، فإن حياتها كانت مليئة بالوجع الصامت. خسارات متكررة، أحلام لم تكتمل، وضحكة كانت تخفي خلفها قلبًا نزف مرارًا.
رحلت شادية عن عالمنا، لكن بقيت سيرتها حيّة في القلوب، تُذكّرنا أن خلف كل نجم، قصة إنسان لا نعرفها كاملة.
- شادية
- حرب فلسطين
- أمن
- الوقت
- زمالك
- الملابس
- حادث
- خلف الأضواء
- عمل
- صلاح
- دية
- المصري
- الشاشة
- فلسطين
- الفن
- استشهاد
- بطولة
- بداية
- العمل
- المتحدة
- الحزن
- الزواج
- مأساة
- مصر
- الشعر
- النور
- الزمالك
- الأمومة
- الفنان صلاح ذو الفقار
- صلاح ذو الفقار
- وقت
- شعر
- قلب
- القاهرة
- الجيش المصري
- ذكري ميلاده
- ذو الفقار
- آلام
- سرطان
- ذكري ميلادها
- الطب
- التجار
- مسجد
- مستشفي
- قطع
- انهيار عصبي
- نقل
- حلم
- المسرح
- اكتئاب
- سكن
- انهيار
- مال
- الجمهور
- السب
- حرب
- شاب
- حبس
- كتب
- ملابس
- الجيش
- أحداث
- تجار
- الحب
- تمر
- الفقد
- حادث سير
- ساني
- الآلام
- الأب
- الحق
- مشاعر
- اعتزال
- القارئ نيوز