دراسة تكشف.. الصيام المتقطع مرتبط بزيادة مخاطر «أمراض القلب»

الصيام المتقطع أصبح من أكثر الأنظمة الغذائية التي تثير الجدل في السنوات الأخيرة، حيث يرى البعض أنه وسيلة فعالة لفقدان الوزن وتحسين الصحة العامة، بينما تكشف بعض الدراسات الحديثة أن الصيام قد يكون له آثار جانبية غير متوقعة خصوصًا فيما يتعلق بصحة «القلب والأوعية الدموية»، وقد أثارت دراسة جديدة اهتمام الأوساط الطبية بعدما أكدت وجود علاقة بين الصيام المتقطع وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب، وهو ما يجعل الموضوع يستحق وقفة وتحليلًا متعمقًا.
دراسة حديثة تربط بين الصيام ومشاكل القلب
أوضحت الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في مجال التغذية والطب الوقائي أن الصيام المتقطع، رغم انتشاره كخيار شائع لإنقاص الوزن وتحسين التمثيل الغذائي، قد يرتبط بزيادة احتمالية الإصابة بأمراض القلب، حيث قام الباحثون بمتابعة آلاف الحالات التي تتبع هذا النظام على مدى سنوات، ووجدوا أن نسبة ملحوظة منهم تعرضت لمضاعفات مرتبطة بصحة القلب مثل ارتفاع ضغط الدم واضطرابات ضربات القلب وتصلب الشرايين، وهو ما يفتح نقاشًا واسعًا حول «أمان» هذا النمط من الصيام على المدى البعيد.
لماذا يثير الصيام المتقطع القلق الطبي
رغم أن الصيام المتقطع يشجع الجسم على حرق الدهون وتحسين مستويات السكر في الدم، إلا أن بعض الأطباء يشيرون إلى أن التغير المفاجئ في مواعيد الأكل والصيام قد يسبب ضغطًا إضافيًا على الجهاز الدوري، حيث يتعرض القلب لحالات من التذبذب في تدفق الطاقة والمواد الغذائية، كما أن الصيام الطويل قد يؤدي إلى زيادة هرمونات التوتر مثل الكورتيزول، وهذا بدوره قد يرفع من احتمالية حدوث التهابات مزمنة تؤثر بشكل مباشر على «الأوعية الدموية»، ولذلك يرى الخبراء أن الصيام لا يصلح أن يكون حلاً عامًا للجميع بل يجب أن يُطبق بحذر وبإشراف طبي.
آراء الأطباء حول الصيام وأمراض القلب
صرح عدد من الأطباء المشاركين في الدراسة أن الصيام المتقطع قد يناسب بعض الفئات مثل الشباب الأصحاء أو الأشخاص الذين لا يعانون من أمراض مزمنة، لكنه قد يشكل خطورة على كبار السن أو المصابين بارتفاع الكوليسترول أو من لديهم تاريخ مرضي مع القلب، حيث أظهرت نتائج الدراسة أن هؤلاء الأشخاص هم الأكثر عرضة للمضاعفات عند تطبيق الصيام لفترات طويلة، وأكد الأطباء أن «التوازن» هو العامل الأهم، فاتباع نظام غذائي متوازن مع ممارسة الرياضة قد يكون أكثر أمانًا من الاعتماد على الصيام كأسلوب دائم.
الصيام وفقدان الوزن.. الفوائد والمخاطر
من المعروف أن الصيام المتقطع أثبت فاعليته في تقليل الوزن وتحسين حساسية الأنسولين، وهو ما يجعله جذابًا للعديد من الأشخاص الذين يسعون لتحسين لياقتهم، غير أن الدراسة الجديدة نبهت إلى أن خسارة الوزن لا تعني بالضرورة تحسن صحة القلب، بل قد تكون هناك «مخاطر خفية» تتطور ببطء مثل تضرر الشرايين أو زيادة فرص الجلطات، لذلك ينصح الباحثون من يرغبون في الصيام المتقطع أن يخضعوا لفحوصات دورية تشمل قياس ضغط الدم والكوليسترول ووظائف القلب للتأكد من أن النظام لا يضر بصحتهم.
الصيام بين التأييد والتحذير
لا يزال الصيام المتقطع موضوعًا مثيرًا للجدل، فبينما تؤكد بعض الأبحاث أنه يساعد على «إطالة العمر» ويقلل من الالتهابات، هناك دراسات أخرى مثل هذه التي تحذر من تأثيراته السلبية على القلب، وهو ما يجعل من الصعب الوصول إلى حكم قاطع، غير أن العامل المشترك بين كل الدراسات هو أن استجابة الأجسام للصيام تختلف من شخص لآخر، وبالتالي فإن تطبيق الصيام يحتاج إلى متابعة شخصية دقيقة، فلا يمكن الاعتماد على التجارب الفردية أو النصائح العامة دون تقييم طبي شامل.
نصائح لتطبيق الصيام بأمان
ينصح الأطباء الأشخاص الذين يرغبون في تجربة الصيام المتقطع باتباع بعض الإرشادات لتقليل المخاطر، مثل شرب كميات كافية من الماء خلال ساعات الإفطار، وتناول وجبات غنية بالخضروات والبروتينات الصحية بدلًا من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة، كما يجب تجنب الصيام لفترات مبالغ فيها قد ترهق الجسم وتؤثر على القلب، ومن المهم استشارة الطبيب قبل البدء بالصيام خصوصًا إذا كان الشخص يعاني من مرض مزمن أو يتناول أدوية تؤثر على الضغط أو السكر.
الدراسة الأخيرة التي كشفت عن ارتباط الصيام المتقطع بزيادة مخاطر أمراض القلب تفتح بابًا واسعًا للنقاش بين مؤيديه ومعارضيه، فهي لا تعني بالضرورة أن الصيام ضار للجميع، لكنها تذكرنا بأن «التجارب الغذائية» ليست مناسبة لكل الأشخاص بشكل متساوٍ، وأن القلب والأوعية الدموية تحتاج إلى اهتمام خاص، لذلك فإن أفضل نهج هو التوازن والاعتدال مع مراعاة الاختلافات الفردية في الصحة والقدرات الجسدية، وبذلك يمكن الاستفادة من مزايا الصيام دون الوقوع في مخاطر غير محسوبة.