الإثنين 01 سبتمبر 2025 الموافق 09 ربيع الأول 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

قراءة القرآن للمسلم على غير وضوء.. متى تجوز ومتى لا تجوز؟

تلاوة القرآن الكريم
تلاوة القرآن الكريم

القرآن الكريم هو كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو مصدر «الهداية» والنور للمسلمين في حياتهم، ومع أهمية القرآن وتعلقه بالعبادات والعبودية فإن الأسئلة المتعلقة بقراءته تظل مطروحة باستمرار، ومن أكثر هذه الأسئلة شيوعًا هو متى يجوز قراءة القرآن بدون وضوء، حيث يجد الكثير من المسلمين أنفسهم في مواقف يومية يرغبون فيها بتلاوة القرآن مثل أثناء الذهاب إلى العمل أو خلال أوقات الانتظار أو عند تصفح الهاتف المحمول، وهو ما قد يحدث أحيانًا من غير وضوء، ولذا فقد اهتمت «دار الإفتاء المصرية» بتوضيح الحكم الشرعي في هذه المسألة حتى ترفع الحرج عن الناس وتبين ما يجوز وما لا يجوز.

حكم قراءة القرآن بدون وضوء من المصحف

أكد الدكتور محمود شلبي أمين لجنة الفتوى في دار الإفتاء أن الأصل في قراءة القرآن الكريم من المصحف يشترط له الوضوء، حيث إن مس المصحف لا يكون إلا بطهارة كاملة، مستشهدًا بقول الله تعالى «لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ»، وقد أوضح أن جمهور العلماء فسروا هذه الآية بأن المقصود بها الملائكة، إلا أن ذكر وصف «المطهرين» يوحي بأن المصحف له مكانة عظيمة تستوجب ألا يمسه إلا من كان على طهارة، ولذلك فلا يجوز لمس المصحف ولا قراءة القرآن منه لمن لم يكن متوضئًا.

جواز قراءة القرآن بدون وضوء عن ظهر قلب

لكن أمين لجنة الفتوى أشار أيضًا إلى أن قراءة القرآن من غير وضوء جائزة في حال لم يكن هناك مس للمصحف، بمعنى أن المسلم يمكنه أن يقرأ القرآن من حفظه أو أن يتلو بعض آياته أثناء سيره في الطريق أو في أي وقت دون أن يكون على وضوء، كما يمكنه أن يقرأ من الهاتف المحمول لأن الهاتف لا يعد مصحفًا بالمعنى الشرعي، ولذا فإن قراءة القرآن من الأجهزة الإلكترونية لا يشترط لها الوضوء، وهذا ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كان يقرأ القرآن على كل حال إلا إذا كان جنبًا فإنه لا يقرأ من المصحف حتى يغتسل.

حديث «لا يمس القرآن إلا طاهر»

واستشهد الدكتور محمود شلبي بحديث صحيح ورد في «الموطأ» للإمام مالك، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب في كتابه لعمرو بن حزم «ألا يمس القرآن إلا طاهر»، وهو حديث اعتبره العلماء قاعدة أساسية في التعامل مع المصحف، حيث إن كلمة «طاهر» تشمل الوضوء والطهارة من الحدث الأكبر، وبناءً على ذلك جرى العمل بين جمهور الفقهاء على أن مس المصحف وقراءة القرآن منه تحتاج إلى وضوء كامل.

حكم قراءة القرآن للحائض والنفساء

أما بالنسبة للمرأة الحائض أو النفساء فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة، حيث يرى جمهور العلماء حرمة قراءة القرآن للحائض من المصحف، مستدلين بأن الطهارة شرط أساسي في ذلك، بينما ذهب المالكية إلى جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء في حال استرسال الدم، فإذا انقطع الدم لم يجز للمرأة القراءة حتى تغتسل إلا أن تخشى نسيان ما تحفظه من القرآن، كما أجاز المالكية مس المصحف لمن تتعلم القرآن أو تعلمه وذلك في إطار التعليم فقط، وهو رأي وجد فيه بعض العلماء مخرجًا للطالبات والمعلمات حتى لا ينقطعن عن دروس القرآن وحفظه.

رأي دار الإفتاء في مسألة الحائض

وقد أوضح الدكتور علي فخر مدير إدارة الحساب الشرعي وأمين الفتوى بدار الإفتاء أن جمهور الفقهاء حرموا على الحائض قراءة القرآن من المصحف، وهو الرأي الغالب عند أهل العلم، غير أن المالكية أجازوا ذلك في حالة التعلم أو التعليم، وبالتالي فمن وجدت مشقة أو حرجًا وكانت بحاجة إلى قراءة القرآن أو مس المصحف للحفظ أو للتعليم أو للتدريس فإنها يمكنها أن تعمل برأي المالكية ولا حرج عليها في ذلك.

تطبيق الأحكام على الحياة اليومية

وفي الحياة اليومية يحتاج المسلم إلى فهم هذه الأحكام حتى يعبد الله على بصيرة، فالذي يريد أن يتلو القرآن من المصحف ينبغي له أن يكون على وضوء كامل حتى ينال الأجر ويتجنب مخالفة الشريعة، أما من أراد قراءة القرآن من الهاتف أو عن ظهر قلب فلا يشترط له الوضوء، وهذا يسهل على المسلمين قراءة القرآن في مختلف الأوقات والأماكن، فالموظف الذي يقرأ القرآن في المواصلات من هاتفه أو الطالب الذي يتلو آيات من ذاكرته كلاهما لا يحتاجان للوضوء، بينما يبقى مس المصحف مرتبطًا بالطهارة الكاملة.

مكانة القرآن وأهمية الطهارة

إن «القرآن الكريم» هو كلام الله المعجز الذي نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو كتاب طاهر لا ينبغي أن يمسه إلا من كان على طهارة، ولذلك فإن الجمع بين تعظيم القرآن وبين التيسير على الناس هو ما تسعى دار الإفتاء لتوضيحه، فهي تبين أن مس المصحف يحتاج إلى وضوء، بينما القراءة من الهاتف أو التلاوة من الذاكرة لا تحتاج إلى ذلك، وهو ما ييسر للمسلمين ممارسة عبادتهم دون مشقة وفي الوقت نفسه يحفظ للقرآن مكانته الرفيعة.

وبذلك يتضح أن قراءة القرآن بدون وضوء لها صور مختلفة، فإن كانت من المصحف فلا بد من الوضوء، وإن كانت من الهاتف أو عن ظهر قلب فهي جائزة، أما مسألة المرأة الحائض فالأفضل الأخذ برأي الجمهور في عدم الجواز، لكن عند الحاجة يمكن الأخذ برأي المالكية، وهذا يبين لنا كيف أن الإسلام دين رحمة وتيسير، حيث جمع بين «تعظيم القرآن» وبين مراعاة أحوال الناس واحتياجاتهم.

تم نسخ الرابط