الإثنين 08 سبتمبر 2025 الموافق 16 ربيع الأول 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يجوز ضرب التلاميذ في المدارس؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي

حكم ضرب الطالب
حكم ضرب الطالب

أثار سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية حول حكم ضرب المدرسين للتلاميذ في المدارس جدلًا واسعًا بين أولياء الأمور والمعلمين، إذ طلب السائل من الدار أن تبين الحكم الشرعي العام فيما يتعلق بضرب المدرسين والمدرسات للتلاميذ سواء في المدارس العامة أو الأزهرية، كما طلب توضيح الحكم في حالات متعددة تتعلق بمراحل التعليم المختلفة وما يترتب على ذلك من أخطاء دراسية أو سلوكية، فجاء رد دار الإفتاء واضحًا ومفصلًا مؤكدًا أن الإسلام هو «دين الرحمة» وأنه لا يجوز التعدي على الأطفال أو المراهقين بالضرب بحجة التربية أو التعليم.

الإسلام دين رحمة لا عنف

أوضحت دار الإفتاء أن الإسلام وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه «رحمة للعالمين»، مستشهدة بقوله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، كما ذكرت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يرد عنه أنه قام بأي فعل من أفعال الضرب تجاه طفل على الإطلاق، بل كان دائمًا مثالًا للرفق واللين، وأشارت إلى أن الأطفال هم الأولى بالرحمة والرعاية، وأن عدم رحمتهم يعتبر من الكبائر وفقًا لحديثه الشريف «لَيْسَ مِنَّا مَن لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبيرِنَا».

حكم ضرب الأطفال في المرحلة الابتدائية

ذكرت دار الإفتاء أن الطفل في المرحلة الابتدائية لم يبلغ بعد مرحلة التكليف الشرعي، وبالتالي فإن التعامل معه يجب أن يكون من باب التربية والتوجيه وليس من باب العقاب، حيث إن العقوبة ترتبط بترك واجب شرعي أو ارتكاب محرم وهو ما لا ينطبق على الطفل قبل البلوغ، لذا فإن ضرب التلاميذ في هذه المرحلة غير جائز شرعًا، ويجب أن يقتدي المعلمون بسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم في اللين والرفق بالطلاب.

التعامل مع طلاب المرحلة الإعدادية

وبالنسبة للمرحلة الإعدادية التي تمثل بداية سن المراهقة، أكدت دار الإفتاء أن الحكم الشرعي يظل على نفس المنوال، حيث إن الطالب في هذه المرحلة قد يقترب من البلوغ أو يكون قد بلغه بالفعل، لكن التربية والتعليم لا يجب أن يقترنا بالعنف أو الضرب، بل يجب التعامل مع الطلاب في هذا العمر بما يتناسب مع تغيراتهم النفسية والعاطفية، مع التركيز على الحوار والإقناع وغرس القيم بأسلوب تربوي بعيد عن الأذى الجسدي.

حكم ضرب طلاب المرحلة الثانوية

أشارت دار الإفتاء إلى أن المرحلة الثانوية تختلف لأن معظم الطلاب يكونون قد بلغوا سن التكليف الشرعي، وهنا يصبح التعامل معهم مختلفًا، إذ أن البالغ لا يجوز أن يُضرَب إلا في حالتين، الأولى هي «الحدود الشرعية» والثانية هي «التعزير» وكلاهما من اختصاص ولي الأمر أو من ينيبه، وليس من سلطة المعلم أو أي شخص عادي، وبالتالي فإن ضرب طلاب المرحلة الثانوية من قبل المدرسين يُعد تجاوزًا غير مشروع، خاصة إذا كان ولي الأمر قد أصدر قرارًا بمنع الضرب في المدارس.

موقف ولي الأمر وسلطة الدولة

أكدت دار الإفتاء أن ولي الأمر هو المخول الوحيد لتحديد العقوبات في إطار الشرع، فإذا رأى ولي الأمر منع الضرب في المدارس بل وفرض عقوبات على من يمارسه، فإن هذا المنع واجب شرعًا ويجب الالتزام به، لأن الهدف من المنع هو حماية الطلاب من العنف وضمان بيئة تعليمية قائمة على الاحترام والتربية الصحيحة، وأشارت إلى أن القوانين الحالية التي تجرم الضرب في المدارس تتوافق تمامًا مع الشريعة الإسلامية.

التربية الصحيحة بديل عن الضرب

أوضحت دار الإفتاء أن التربية الصحيحة تقوم على أساس الرحمة والقدوة الحسنة، وأن المعلمين لهم دور كبير في بناء شخصية الطالب وتشكيل وعيه، وهو ما لا يتحقق باستخدام الضرب أو العنف الجسدي، بل عبر غرس القيم بالحب والقدوة، وإيجاد وسائل بديلة للتأديب مثل التوجيه بالكلمة الطيبة، وإشراك الطالب في تحمل المسؤولية، وتحفيزه على السلوكيات الصحيحة بدلًا من معاقبته باليد.

رؤية مجتمعية حول القضية

القضية لم تعد دينية فقط بل أصبحت اجتماعية وتربوية أيضًا، حيث يرفض كثير من أولياء الأمور اليوم فكرة الضرب في المدارس، معتبرين أن الزمن تغير وأن التربية الحديثة تبتعد عن الأساليب القسرية التي قد تؤدي إلى نتائج عكسية مثل الانطواء أو العنف المضاد أو كراهية المدرسة، فيما يصر البعض الآخر على أن القليل من الضبط قد يكون ضروريًا، إلا أن رأي الإفتاء جاء ليحسم الجدل مؤكدًا أن الضرب ليس أسلوبًا شرعيًا للتربية أو التعليم.

دار الإفتاء المصرية قدمت رؤية شاملة تؤكد أن الإسلام يدعو إلى الرحمة والرفق في معاملة الصغار والكبار، وأن ضرب التلاميذ في المدارس لا يتفق مع السيرة النبوية ولا مع القيم التربوية الصحيحة، وأن ولي الأمر له الحق الشرعي في منع الضرب وفرض العقوبات على من يمارسه، لذا فإن بناء جيل متعلم وواعٍ يجب أن يقوم على أسس الاحترام والحوار، لا على العنف الجسدي.

تم نسخ الرابط