لماذا ترتفع مخاطر التعرض لـ «نوبة قلبية» في ساعات الليل؟

نوبة قلبية في ساعات الليل تعد من أكثر الظواهر الطبية التي أثارت اهتمام الباحثين والأطباء، حيث لاحظت الدراسات أن احتمالية التعرض إلى «نوبة قلبية» ترتفع بشكل ملحوظ عند حلول الليل مقارنة بفترات النهار، وقد أثار هذا الأمر الكثير من التساؤلات حول أسبابه وعلاقته بعمل أجهزة الجسم الحيوية في أوقات النوم والراحة، لذلك جاء الاهتمام الطبي بدراسة العوامل التي تجعل الليل أكثر خطورة على صحة القلب.
العلاقة بين النوم وارتفاع فرص الإصابة بنوبة قلبية
تشير الأبحاث الحديثة إلى أن ساعات الليل تشهد تغيرات كبيرة في عمل الجسم، حيث يقل معدل الأيض وتتباطأ وظائف الأعضاء، كما أن ضغط الدم ومعدل ضربات القلب يتقلبان بشكل يختلف عن النهار، وهذا التغير المفاجئ قد يؤدي إلى حدوث «نوبة قلبية» لدى من يعانون من أمراض مزمنة أو تصلب الشرايين، ويؤكد الأطباء أن النوم العميق أحيانًا يصاحبه انقطاع في التنفس أو ما يعرف بـ «توقف التنفس أثناء النوم»، وهو من أخطر العوامل المسببة لزيادة فرص الإصابة بنوبة.
التغيرات الهرمونية ودورها في حدوث النوبة
من العوامل المؤثرة كذلك التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء الليل، فقد وجدت بعض الدراسات أن هرمونات التوتر مثل الكورتيزول قد ترتفع بشكل غير متوازن عند بعض الأشخاص مما يؤثر على استقرار الدورة الدموية، كما أن اضطراب إفراز الهرمونات المرتبطة بتنظيم النوم قد يضعف عضلة القلب، كل ذلك يجعل احتمالية حدوث «نوبة قلبية» أعلى في فترة الليل.
الضغط النفسي وتأثيره على القلب ليلاً
الضغط النفسي المستمر خلال النهار لا يختفي عند النوم، بل يتراكم داخل الجسم ليظهر أثره أثناء الليل، حيث أشار الأطباء إلى أن الكثير من حالات النوبة القلبية التي تحدث في الليل يكون سببها توتر مزمن أو قلق حاد، وهو ما يرفع ضغط الدم فجأة ويزيد من احتمالية تمزق الشرايين الدقيقة، وبالتالي حدوث نوبة قلبية مفاجئة.
النظام الغذائي ودوره في زيادة خطر النوبة
لا يمكن إغفال تأثير العادات الغذائية في ارتفاع خطر الإصابة بـ «نوبة قلبية» في الليل، فالكثير من الأشخاص يتناولون وجبات دسمة قبل النوم مباشرة، الأمر الذي يرهق القلب ويؤدي إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في الدم، هذه التغيرات تشكل بيئة مناسبة لحدوث انسداد في الشرايين التاجية، وبالتالي زيادة خطر النوبة، لذا ينصح الأطباء دائمًا بالابتعاد عن الأطعمة الثقيلة قبل النوم.
تأثير قلة الحركة على احتمالية حدوث النوبة
الحياة العصرية التي تتسم بقلة النشاط البدني تؤدي إلى تراكم الدهون حول القلب والشرايين، مما يزيد من فرص التعرض إلى «نوبة قلبية» خصوصًا في الليل عندما يقل نشاط الدورة الدموية، إذ إن الجسم أثناء النوم يحتاج إلى تدفق دم منتظم، وأي انسداد في الشرايين قد يظهر أثره المفاجئ في صورة نوبة.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة بنوبة قلبية ليلاً
أوضحت التقارير الطبية أن بعض الفئات أكثر عرضة من غيرها للإصابة بـ «نوبة قلبية» خلال الليل، مثل كبار السن ومرضى السكري وارتفاع ضغط الدم والمصابين بانقطاع النفس أثناء النوم، كما أن المدخنين ومن يعانون من السمنة المفرطة لديهم خطر مضاعف، وذلك بسبب ضعف جدار الشرايين وتراكم الترسبات الدهنية، مما يجعل الليل وقتًا حساسًا يهدد حياتهم بشكل خاص.
علامات الإنذار المبكر لحدوث النوبة ليلاً
من المهم التعرف على العلامات التحذيرية التي قد تسبق «نوبة قلبية»، مثل الشعور بألم شديد أو ضغط في الصدر، التعرق الغزير، صعوبة التنفس، الغثيان والدوخة المفاجئة، وتكمن الخطورة أن كثيرًا من هذه الأعراض تحدث أثناء النوم ولا يلتفت إليها المريض إلا بعد تفاقم الحالة، لذلك ينصح الخبراء بضرورة المتابعة الطبية المستمرة والقيام بفحوص دورية لاكتشاف أي مشاكل محتملة في القلب قبل أن تتحول إلى نوبة.
طرق الوقاية من النوبة القلبية الليلية
الوقاية دائمًا خير من العلاج، ولهذا يشدد الأطباء على اتباع نمط حياة صحي يقلل من خطر الإصابة بـ «نوبة قلبية» في الليل، مثل ممارسة الرياضة بانتظام، تقليل تناول الدهون والأطعمة المالحة، التوقف عن التدخين، تنظيم أوقات النوم والابتعاد عن السهر، وكذلك معالجة أي اضطرابات في التنفس أثناء النوم، هذه الإجراءات تقلل بشكل كبير من احتمالية وقوع النوبة وتمنح القلب فرصة للعمل بكفاءة أكبر.
زيادة مخاطر الإصابة بـ «نوبة قلبية» في ساعات الليل أمر مثبت طبيًا، ويرتبط بعدة عوامل بيولوجية ونفسية وسلوكية، لذلك فإن التعامل مع هذه المشكلة يحتاج إلى وعي مجتمعي وطبي أكبر، فالمسألة لا تتعلق فقط بالقلب بل بأسلوب الحياة ككل، وكل إنسان مسؤول عن وقاية نفسه من خلال الالتزام بالعادات الصحية ومراجعة الأطباء بشكل دوري، لأن النوبة القلبية الليلية غالبًا ما تكون مفاجئة وخطيرة وقد تهدد الحياة في لحظة.