نبيل أبوالياسين.. والنداء الأخير «مصر» صمام الأمان.. وطرد القواعد الأمريكية ضرورة وجودية

أصدر «نبيل أبوالياسين»، المحلل والحقوقي والباحث في الشأن العربي والدولي، في بيان صحفي صادر عنه اليوم "الخميس"، تحذيراً عاجلاً دعا فيه إلى ضرورة التكاتف العربي حول مصر كصمام أمان للمنطقة في ظل التحديات الخطيرة التي تواجهها الأمة. وأكد أن التصريحات الأخيرة للرئيس المصري خلال قمة الدوحة تشكل خارطة طريق لا غنى عنها لمواجهة المخططات الصهيوأمريكية التي تستهدف سيادة الدول العربية وثرواتها، مشدداً على أن القواعد الأمريكية لم تكن يوماً لحماية المنطقة بل لخدمة أجندة الاحتلال والإبادة وزعزة الإستقرار في الشرق الأوسط.

القواعد الأمريكية: حماية مزيفة وخطر حقيقي

أضاف "أبوالياسين" أن القواعد الأمريكية لعقود لم تحمِ دولاً عربية واحدة، بل ساهمت في انتهاك سياداتها كما حدث في سوريا والعراق ولبنان، وصولاً إلى الاستباحة الأخيرة لسيادة قطر عبر الهجوم الإسرائيلي على الدوحة. وأشار إلى أن هذه القواعد تُستخدم كأداة لسرقة ثروات المنطقة وتمكين الكيان المحتل، محذراً من أن الأردن قد يكون التالي في قائمة الاستهداف. ولفت إلى أن التحذيرات المتكررة من خطورة هذه القواعد أثبتتها الأحداث الأخيرة، حيث كشفت هجمة الدوحة الوجه الحقيقي للتواطؤ الأمريكي الإسرائيلي.

أرقام صادمة: ثمن التواجد الأمريكي المزعوم

ولتدعيم موقفه، استشهد "أبوالياسين" بتقرير صادر عن "مركز الدراسات الاستراتيجية والعربية" يوضح أن الولايات المتحدة تدير ما يزيد عن 40 قاعدة وتسهيلاً عسكرياً كبيراً في 10 دول عربية، بينما كشفت "منظمة الشفافية الدولية" عن أن الصفقات العسكرية المشبوهة مع واشنطن تكلف الدول العربية ما لا يقل عن 200 مليار دولار سنوياً، وهي أموال كان من الممكن أن تُوجه لبناء اقتصاديات وطنية مستقلة وتطوير أنظمة دفاعية ذاتية، بدلاً من تعميق التبعية وتمويل من يسرق أمننا ويستباح سيادتنا.

هجوم الدوحة: فضحية التواطؤ الأمريكي الإسرائيلي

ووضح "أبوالياسين" أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة لم يكن مفاجئاً، بل كان مُخططاً له بتواطؤ أمريكي مباشر، حيث عطّلت الولايات المتحدة الدفاعات الجوية القطرية لتسهيل العملية. وأكد أن التصريحات الغامضة لترامب عن "حدث كبير قريب" كانت إشارة واضحة للمخطط، التي فشلت بشكل ذريع وكشفت حجم الخديعة الأمريكية. وحذر بأن الحادثة يجب أن يكون "جرس إنذارٍ أخير" يدفع الدول العربية لمراجعة وجود تلك القواعد فوراً. وأضاف: صمت واشنطن المطبق قبل الهجوم، ثم تبريراتها الهزلية والخجولة بعده، ليست سوى اعترافاً صريحاً بالتواطؤ والمسؤولية المباشرة عن الجريمة.

النداء الأخير: مصر قائدة وأمل

وحذر "أبوالياسين" من أن استمرار التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومي العربي، داعياً إلى تبني رؤية الرئيس المصري بإنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق الأمني والسياسي. وأكد أن مصر كانت ومازالت حصناً منيعاً أمام المشاريع التقسيمية، وأن قيادتها الحكيمة في قمة الدوحة قدمت الحل الوحيد لمواجهة التحديات عبر التضامن الفعلي وليس الشكلي. ولفت إلى أن اللحظة التاريخية تتطلب وقفة جادة لمواجهة المشاريع العدوانية التي تستهدف الأمة.

من التنسيق إلى التكامل: ملامح الآلية العربية الإسلامية الفعالة

وأوضح "أبوالياسين" أن الآلية المقترحة لا ينبغي أن تبقى حبراً على ورق، بل يجب أن تترجم إلى هياكل عملية فورية، على غرار "قيادة عسكرية موحدة" لتنسيق الدفاع الجوي المشترك ومراقبة الحدود، و"خلية أزمة دائمة" لاتخاذ قرارات سريعة، و"صندوق مالي عربي إسلامي" لتمويل مشاريع الطاقة والصناعات العسكرية الاستراتيجية بديلاً عن التبعية للغرب. وأكد أن هذه الخطوات، وإن بدت طموحة، هي الحد الأدنى المطلوب لمواجهة التحديات الوجودية التي تهدد الأمة، وأن نجاحها مرهون بالإرادة السياسية الحقيقية وليس الخطابات التضليلية.

خيبة أمل القمة.. وأمل الخطوات العملية

ولفت "أبوالياسين" إلى أن القمة العربية الإسلامية التي انعقدت في الدوحة، وإن كانت خطوة دبلوماسية مهمة، إلا أنها قد لا تكون بلغت مستوى تطلعات وغضب الشعوب العربية والإسلامية والملايين المتضامنين حول العالم، الذين خاب أملهم من فجوة بين حرارة الميادين وبرودة القاعات. لكن الأمل الحقيقي -برأيه- لم يعد في البيانات التقليدية، بل في الخطوات العملية والجرأة غير المسبوقة التي أعلن عنها الرئيس السيسي، والتي تشكل نواةً حقيقية للأمن القومي العربي. وأكد أنه إذا كانت الأنظمة العربية تهمها مصلحة شعوبها حقًا، فعليها الالتفاف حول هذه الرؤية المصرية دون تراخٍ أو تردد، ورفض أي مبررات للانسياق وراء أوهام الحماية المزيفة أو المصالح الضيقة، ووصف التعلل بـ"المتطلبات والاتفاقيات" بمحض "المياعة الماسخة" وانسلاخ عن المسؤولية التاريخية التي يجب أن تتحملها النخب الحاكمة لاسترداد كرامة الأمة المهدرة.

وختم "أبوالياسين" بيانه الصحفي بالقول: "ها قد انكشفت الأوراق، ولم يعد هناك مجال للصمت أو التردد. القواعد الأمريكية ليست سوى سكين في خاصرة الأمة، والمخطط الصهيوأمريكي لا يستهدف فلسطين وحدها بل كل دولة عربية وإسلامية. مصر التي قادت تاريخياً معارك التحرير والأمان هي الملاذ الأخير لإنقاذ كرامتنا وسيادتنا. إنني أدعو كل القيادات العربية إلى الإسراع في بناء جبهة موحدة، وطرد القواعد الأمريكية، والوقوف خلف مصر كقائد وكصمام أمان. لن ننتظر حتى تكون الأردن أو غيرها الضحية التالية.. فإما نكون أمة واحدة، وإما سنُدفع ثمن التفرقة دماً ودماراً. التاريخ ينظر إلينا اليوم، ولن يغفر لمن يتخاذل.