الصحة العالمية.. ترخيص لقاح جديد لمرض السل 2028

مرض السل يعد من أكثر «الأمراض المعدية» التي شكلت تهديدا للصحة العامة على مستوى العالم منذ قرون طويلة، حيث ما زال «مرض السل» يتسبب في إصابات ووفيات مرتفعة في العديد من الدول رغم تطور الطب ووسائل العلاج الحديثة، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية في تقرير حديث أنها تعمل على «ترخيص لقاح جديد» لمواجهة مرض السل بحلول عام 2028، وهو خبر يبعث الأمل لدى ملايين المرضى والمجتمعات التي تعاني من هذا الوباء المستمر، إذ يمثل هذا الإعلان نقطة تحول مهمة في معركة طويلة بين البشرية ومرض السل.
تاريخ مرض السل وتأثيره العالمي
مرض السل ليس جديدا على البشرية، فقد عُرف منذ آلاف السنين وكان سببا رئيسيا في وفاة الملايين قبل اكتشاف المضادات الحيوية، ويعد «مرض السل» من الأمراض البكتيرية التي تنتقل عبر الرذاذ التنفسي عند السعال أو العطس، وهو يصيب الرئتين بشكل أساسي لكنه قد ينتشر إلى أعضاء أخرى مثل العظام والدماغ، وخلال العقود الماضية بذلت المؤسسات الصحية جهودا كبيرة للحد من انتشاره، إلا أن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية جعلت السيطرة عليه أكثر صعوبة.
منظمة الصحة العالمية وخطط المواجهة
تولي منظمة الصحة العالمية أهمية قصوى لمكافحة مرض السل، حيث تضع استراتيجيات متكاملة تشمل التشخيص المبكر والعلاج المجاني في بعض الدول، إضافة إلى دعم الأبحاث العلمية الخاصة بتطوير لقاحات جديدة، وقد أعلنت مؤخرا أن هناك 16 لقاحا قيد التطوير، ومن المتوقع أن يتم «ترخيص لقاح واحد على الأقل» بحلول عام 2028، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الوقاية والعلاج، ويُعزز فرص تقليل الإصابات والوفيات الناتجة عن مرض السل.
لماذا الحاجة إلى لقاح جديد
رغم أن هناك لقاحا معروفا باسم «بي سي جي» يُستخدم منذ أكثر من مئة عام لمكافحة مرض السل، إلا أن فعاليته محدودة، حيث يوفر حماية أكبر للأطفال لكنه لا يمنح المناعة الكافية للبالغين، كما أن معدلات العدوى ما زالت مرتفعة في المناطق الأكثر فقرا، ولهذا كان من الضروري البحث عن بدائل حديثة، فالعلماء يؤكدون أن «اللقاح الجديد» قد يكون أكثر فعالية في مواجهة السلالات المقاومة للأدوية، وهو ما يجعل تطويره أولوية عالمية.
التوقعات بحلول عام 2028
تتوقع الصحة العالمية أن يتم اعتماد اللقاح الجديد خلال عام 2028 بعد اجتياز المراحل التجريبية والسريرية، وهو ما سيمنح البشرية فرصة تاريخية لتقليل الأعباء الصحية والاقتصادية الناجمة عن مرض السل، فوفقا للتقارير فإن مئات الآلاف من الأرواح يمكن إنقاذها سنويا بفضل هذا اللقاح، إضافة إلى تخفيف العبء على أنظمة الرعاية الصحية في الدول الفقيرة التي تعاني من معدلات مرتفعة من الإصابة.
مرض السل والتحديات الراهنة
رغم التقدم العلمي إلا أن «مرض السل» ما زال يشكل تحديا كبيرا خاصة مع ظهور السلالات المقاومة للأدوية، حيث يضطر المرضى أحيانا إلى تلقي علاج طويل ومعقد يستمر لأشهر عديدة، وفي بعض الحالات قد تصل مدة العلاج إلى سنتين مع مخاطر آثار جانبية خطيرة، ولهذا فإن اللقاح الجديد يمثل أملا لتقليل هذه المعاناة، كما أنه سيخفف من تكلفة العلاج التي تُشكل عبئا ثقيلا على ميزانيات الصحة العامة.
أهمية الوعي المجتمعي والوقاية
لا يقتصر الأمر على تطوير اللقاحات فقط، بل إن التوعية تلعب دورا رئيسيا في مكافحة مرض السل، فالتشخيص المبكر والالتزام بالعلاج والحرص على النظافة العامة والتهوية الجيدة للمنازل وأماكن العمل كلها عوامل تساعد في تقليل انتشار العدوى، كما أن توعية المجتمعات الفقيرة بخطورة المرض تشكل عاملا أساسيا لإنجاح جهود منظمة الصحة العالمية.
«مرض السل» رغم كونه عدوا قديما للإنسان، إلا أن العالم اليوم يقف أمام فرصة تاريخية لتغيّر مسار المواجهة، فترخيص لقاح جديد بحلول عام 2028 سيكون بمثابة نقلة نوعية في عالم الصحة العامة، حيث سيمنح الملايين الأمل في حياة صحية أفضل، ويؤكد أن التقدم العلمي والبحث المستمر قادران على التغلب على أصعب التحديات.