دراسة تكشف ارتباطا بين «التدخين» و«زيادة ضغط الدم»

في دراسة علمية حديثة كشفت نتائجها عن علاقة وثيقة بين التدخين و«زيادة ضغط الدم» لدى مختلف الفئات العمرية، تبين أن التدخين لا يقتصر تأثيره على الرئتين والجهاز التنفسي فقط، بل يمتد ليشكل خطراً مباشراً على صحة القلب والأوعية الدموية، مما يجعل من التدخين أحد أهم الأسباب المسببة لارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم حول العالم، وهو ما أكده الباحثون بعد متابعة دقيقة لحالات آلاف المدخنين وغير المدخنين خلال فترة زمنية طويلة.
نتائج الدراسة العلمية
أوضحت الدراسة التي أجراها فريق من العلماء في جامعة مرموقة أن الأشخاص الذين يمارسون عادة التدخين بانتظام، سواء كانوا من المدخنين الجدد أو القدامى، معرضون بشكل أكبر للإصابة بارتفاع ضغط الدم مقارنة بغير المدخنين، حيث لاحظ الباحثون أن مادة «النيكوتين» الموجودة في السجائر تعمل على تضييق الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى زيادة الجهد الذي يبذله القلب لضخ الدم في الجسم، وبالتالي يرتفع ضغط الدم تدريجياً مع مرور الوقت، كما أظهرت النتائج أن التوقف عن التدخين ولو لفترات قصيرة يمكن أن ينعكس إيجابياً على ضغط الدم ويقلل من فرص الإصابة بمضاعفات القلب.
التدخين وتأثيره على القلب والأوعية
أشار الخبراء إلى أن التدخين يساهم في تقليل مرونة الشرايين، ويؤدي إلى تراكم المواد الضارة في جدران الأوعية، مما يزيد من احتمالات حدوث انسداد أو تصلب شرياني، وهذه التغيرات تجعل الجسم في حالة إجهاد دائم، حيث يحاول القلب التغلب على المقاومة داخل الأوعية لضخ الدم، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع ضغط الدم، وقد أكدت الدراسة أن المدخنين يحتاجون إلى طاقة إضافية لضمان وصول الدم إلى جميع أنحاء الجسم، مما يضع القلب تحت ضغط مستمر ويزيد من احتمالات الإصابة بالسكتات الدماغية والنوبات القلبية.
الآثار الممتدة للتدخين على الجسم
لا يتوقف خطر التدخين عند تأثيره المباشر على ضغط الدم، بل يمتد ليؤثر على الجهاز العصبي والجهاز الهرموني، حيث تعمل السموم الناتجة عن احتراق التبغ على تنشيط إفراز هرمونات التوتر مثل «الأدرينالين» و«الكورتيزول»، وهي هرمونات ترفع ضغط الدم بشكل مؤقت، لكن مع استمرار التدخين بشكل يومي تتحول هذه الحالة المؤقتة إلى دائمة، مما يجعل الجسم في حالة استنفار مستمرة، كما أن النيكوتين يزيد من سرعة ضربات القلب ويقلل من كفاءة نقل الأكسجين إلى الأنسجة الحيوية.
التحذير من التدخين السلبي
لفتت الدراسة الانتباه إلى أن خطر التدخين لا يقتصر على المدخن نفسه، بل يمتد إلى المحيطين به من خلال ما يُعرف بـ «التدخين السلبي»، حيث يتعرض غير المدخنين لاستنشاق الدخان الصادر عن السجائر، مما يؤدي إلى التأثير ذاته على القلب والأوعية الدموية لديهم، وأكد العلماء أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر تضرراً من التدخين السلبي، حيث أظهرت القياسات أن نسبة ارتفاع ضغط الدم لديهم تكون أعلى بشكل واضح في البيئات التي يكثر فيها التدخين مقارنة بالبيئات الخالية من الدخان.
نصائح الخبراء للحد من الأضرار
أوصى الخبراء بضرورة اتخاذ خطوات عاجلة للإقلاع عن التدخين، مشيرين إلى أن التوقف عن التدخين يؤدي إلى تحسن ملحوظ في ضغط الدم خلال أسابيع قليلة، كما أن اتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات وممارسة الرياضة بانتظام يساعدان في إعادة التوازن إلى الجسم وتقليل الآثار السلبية الناتجة عن سنوات طويلة من التدخين، وأكدوا أن دعم برامج الإقلاع عن التدخين والتوعية المجتمعية أمر أساسي للحد من انتشار هذه العادة الضارة التي باتت تؤثر على الصحة العامة في مختلف الدول.
التحديات أمام حملات مكافحة التدخين
رغم الجهود العالمية المبذولة للحد من انتشار التدخين، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، فالإعلانات الموجهة من شركات التبغ وأساليب التسويق الحديثة تجعل من السهل جذب الشباب إلى تجربة التدخين، خصوصاً مع ظهور منتجات مثل السجائر الإلكترونية التي تُروَّج على أنها أقل ضرراً، في حين تؤكد الأبحاث أن تأثيرها على ضغط الدم لا يقل خطورة عن السجائر التقليدية، بل قد تكون أكثر ضرراً بسبب تنوع المواد الكيميائية المستخدمة فيها، مما يجعل الحاجة ماسة إلى تشريعات أكثر صرامة لحماية المجتمع من خطر التدخين.
التدخين في ضوء الصحة العامة
تؤكد الدراسة أن معالجة مشكلة التدخين تتطلب تعاوناً واسعاً بين الهيئات الصحية والتعليمية والإعلامية، حيث إن رفع الوعي العام بأضرار التدخين يمثل خطوة أساسية في كبح تفشي ارتفاع ضغط الدم في المجتمعات، كما أن توفير بدائل علاجية فعالة ودعم نفسي مستمر للمدخنين الراغبين في الإقلاع يمكن أن يحقق نتائج ملموسة، وتختتم الدراسة بتوصية واضحة مفادها أن «التدخين ليس عادة شخصية فحسب، بل قضية صحية عامة تستدعي تدخلًا عاجلاً من الجميع»، لأن تأثيره يتجاوز الفرد إلى الأسرة والمجتمع بأكمله.