اضطرابات «الغدة الدرقية» تسبب مشكلات خطيرة في الإبصار

تُعد «الغدة الدرقية» من أهم الغدد في جسم الإنسان، فهي المسؤولة عن تنظيم عمليات الأيض والطاقة والتحكم في وظائف عديدة تشمل القلب والعينين والجهاز العصبي، غير أن أي اضطراب في عملها قد يؤدي إلى مضاعفات تتجاوز التعب والإرهاق لتصل إلى «مشكلات خطيرة في الإبصار»، إذ أن «الغدة الدرقية» قد تسبب ما يُعرف بمرض العين الدرقية الذي يصيب أنسجة العينين ويؤدي إلى تغيرات في الشكل والرؤية إذا لم يُعالج في الوقت المناسب.
العلاقة بين الغدة الدرقية والعين
إن «الغدة الدرقية» تقع في مقدمة العنق وتفرز هرمونات تنظم معدل الأيض في خلايا الجسم، لكن عندما تفرز هذه الغدة هرمونات أكثر من اللازم أو أقل من المعدل الطبيعي يحدث اضطراب في التوازن الداخلي، ومن أبرز الحالات المرتبطة بالعين هو مرض جريفز الذي يعد أحد أشكال فرط نشاط «الغدة الدرقية»، حيث يبدأ الجهاز المناعي بمهاجمة الأنسجة المحيطة بالعين مما يؤدي إلى التهابها وانتفاخها، وتظهر الأعراض على هيئة جحوظ في العينين واحمرار مستمر وصعوبة في تحريك الجفون.
أعراض مرض العين الدرقية
من أكثر الأعراض شيوعًا في اضطرابات «الغدة الدرقية» المتعلقة بالعينين هو الشعور بجفاف شديد أو إحساس بوجود جسم غريب داخل العين، إضافة إلى تورم الجفون وصعوبة إغلاق العين بالكامل، وقد تتطور الحالة إلى «ازدواج في الرؤية» أو حتى فقدان جزئي للبصر في بعض الحالات الشديدة، كما يعاني المرضى من حساسية مفرطة تجاه الضوء وصعوبة في القراءة أو التركيز، ويلاحظ الأطباء أن هذه الأعراض غالبًا ما تتزامن مع علامات أخرى لفرط نشاط «الغدة الدرقية» مثل فقدان الوزن السريع وزيادة ضربات القلب والتعرق الزائد.
أسباب اضطرابات الغدة الدرقية
تنتج اضطرابات «الغدة الدرقية» عن عوامل متعددة، منها الوراثة والعوامل البيئية والتوتر النفسي، كما قد تؤدي بعض الأمراض المناعية إلى مهاجمة الجسم لأنسجة الغدة بشكل مباشر مما يخل بوظيفتها، ويُعد التدخين من أبرز الأسباب التي تزيد من خطر تطور مرض العين الدرقية، إذ يضاعف تأثير الالتهاب في الأنسجة العينية، كذلك يمكن أن تلعب العدوى الفيروسية أو التعرض المفرط للإشعاع دورًا في تحفيز اضطرابات «الغدة الدرقية»، مما يجعل من الضروري إجراء فحوصات دورية لمراقبة مستويات الهرمونات في الدم.
تشخيص مرض العين الدرقية
يعتمد التشخيص على الفحص السريري ومراقبة حركة العينين وتغير شكل الجفون، كما يطلب الطبيب إجراء تحاليل للدم لقياس مستويات هرمونات «الغدة الدرقية» وتحديد ما إذا كانت مرتفعة أو منخفضة، وقد يلجأ الأطباء إلى التصوير بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي لتقييم مدى تورم الأنسجة خلف العين، ويُعد التشخيص المبكر عاملًا حاسمًا في السيطرة على المرض قبل أن يتسبب في ضرر دائم للرؤية أو تغيرات شكلية يصعب علاجها.
طرق العلاج
يختلف علاج اضطرابات «الغدة الدرقية» حسب نوع الخلل، ففي حالات فرط النشاط قد يُستخدم اليود المشع أو الأدوية المثبطة لإفراز الهرمون، أما في حالة قصور الغدة فيُعطى المريض علاجًا هرمونيًا لتعويض النقص، أما بالنسبة لمرض العين الدرقية فيُركز العلاج على تقليل الالتهاب والضغط داخل العين باستخدام الكورتيزون أو الأدوية المناعية، وفي بعض الحالات المتقدمة قد تكون الجراحة ضرورية لتخفيف الضغط أو تعديل وضع الجفون، ويؤكد الأطباء أن نجاح العلاج يعتمد على ضبط مستويات هرمونات «الغدة الدرقية» أولًا ثم معالجة الأعراض العينية.
أهمية المتابعة الطبية
إن مريض «الغدة الدرقية» يحتاج إلى متابعة دورية دقيقة لأن التغير في مستوى الهرمونات يمكن أن يؤثر على العين خلال فترات قصيرة، ويجب الالتزام بتعليمات الطبيب وتناول الدواء في مواعيده المنتظمة، كما يجب الانتباه لأي تغير في الرؤية أو شكل العين لأن ذلك قد يشير إلى تفاقم الحالة، وتوصي الدراسات بأن التدخل المبكر يقلل من احتمال حدوث مضاعفات دائمة مثل جحوظ العين أو ضعف النظر المستمر.
نمط الحياة ودوره في تحسين الحالة
إلى جانب العلاج الدوائي يُنصح المرضى باتباع نمط حياة صحي يساعد في استقرار وظائف «الغدة الدرقية»، حيث إن التغذية المتوازنة تلعب دورًا محوريًا في دعم الهرمونات، فالأطعمة الغنية باليود مثل الأسماك البحرية مفيدة في حالات القصور، بينما يجب الحذر من الإفراط فيها إذا كان هناك فرط نشاط، كما يُنصح بتجنب التدخين لأنه يزيد من التهابات العين، والمحافظة على نظافة العينين واستخدام القطرات المرطبة لتقليل الجفاف الناتج عن مرض العين الدرقية.
الوقاية من اضطرابات الغدة
الوقاية تبدأ بالوعي، فالحفاظ على صحة «الغدة الدرقية» يتطلب توازنًا في الغذاء والراحة والنوم الكافي، وتجنب التوتر النفسي الزائد لأنه يؤثر على الجهاز المناعي، كما يُفضل إجراء فحوصات للغدة مرة واحدة سنويًا خاصة لمن لديهم تاريخ عائلي من أمراض الغدة، فالكشف المبكر يساعد على تجنب المشكلات التي قد تصل إلى العينين والإبصار، فكلما تمت السيطرة على اضطرابات الغدة في بدايتها كان من السهل منع المضاعفات المرتبطة بها.
«الغدة الدرقية» ليست مجرد غدة صغيرة في العنق بل هي عنصر أساسي في توازن الجسم وصحة العينين، وأي اضطراب فيها قد يؤدي إلى نتائج خطيرة على الإبصار إذا لم يتم التعامل معه بحذر، لذلك فإن الوعي بالأعراض والاهتمام بالعلاج والمتابعة المنتظمة مع الطبيب تعد خطوات جوهرية للحفاظ على النظر وصحة الجسم ككل، فالعين مرآة الجسد وأي خلل في «الغدة الدرقية» قد ينعكس عليها بشكل واضح مما يجعل الوقاية والمتابعة الطبية أمرًا لا غنى عنه.