دعاء النبي لطرد الكسل وجلب النشاط في العبادة
العبادة هي الطريق الأقرب إلى الله وهي سر السعادة والراحة في القلب، وكلما تمسك الإنسان بالعبادة وأخلص فيها نال من الله التوفيق والنور، وكلما ابتعد عن الذنوب والتقصير في حق الله وجد نفسه بعيدًا عن الطمأنينة، إذ يقول الله تعالى في كتابه الكريم «وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا»، وهو وعد رباني بأن التقوى والالتزام طريق إلى التيسير في كل أمور الحياة، لذلك فإن من يريد النشاط في العبادة والنجاح في حياته عليه أن يبدأ من هذه اللحظة دون تأجيل أو تسويف، فالتسويف من عمل الشيطان، ومن أراد إصلاح أمره فليجعل البداية الآن دون انتظار.
دعاء النبي لطرد الكسل في «العبادة»
علّمنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن الدعاء هو السلاح الأقوى لكل مسلم يريد التخلص من الكسل في «العبادة»، فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي كان يقول في دعائه الشريف «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ وَالهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ»، وهو دعاء جامع يُظهر كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يجنبه الكسل والعجز وكل ما يُثقل النفس عن العبادة والطاعة، فالمؤمن حين يردد هذا الدعاء بإخلاص ينال معونة الله وتوفيقه، ويشعر بأن همته ترتفع ونشاطه يتجدد.
ويؤكد العلماء أن هذا الدعاء من أبلغ الأدعية في مواجهة الفتور الروحي، إذ يجمع بين الاستعاذة من العجز الذي يمنع الإنسان من العمل، والكسل الذي يجعله يتهاون في العبادة، والجبن الذي يضعف القلب، والهرم الذي يُفقد القوة، فكل هذه الأمور تعيق المسلم عن التقدم في طريق الطاعة، ولذلك فإن تكرار هذا الدعاء باستمرار يفتح بابًا من النشاط والبركة في العبادة والحياة.
أدعية تحيي القلب وتزيد الرغبة في العبادة
ولأن «العبادة» تحتاج إلى قلب حي وإرادة صادقة، فقد وردت أدعية كثيرة يمكن للمسلم أن يرددها كل يوم ليحافظ على حيويته، ومن أجمل هذه الأدعية ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»، وهو دعاء عظيم يعلّمنا أن العبادة لا تتم إلا بعون الله، وأن العبد مهما اجتهد لا يستطيع أن يعبد ربه حق عبادته إلا إذا أعانه الله ووفقه.
كما يمكن للمسلم أن يقول «ربي لا تجعلني محروماً ولا شقياً ولا عاصياً ولا مكروهاً»، فهذا الدعاء يجمع بين طلب الرضا والعون والثبات في العبادة، فحين يخلص القلب في الدعاء يشعر المؤمن بلذة القرب من الله، ويجد في العبادة طمأنينة لا تضاهيها طمأنينة أخرى.
أثر ترك الذنوب على النشاط في العبادة
من أهم أسرار النشاط في «العبادة» الابتعاد عن الذنوب والمعاصي، فالمعصية تضعف القلب وتُثقل الجسد وتجعل الإنسان يشعر بالتعب الدائم، بينما الطاعة تفتح أبواب البركة وتمنح صاحبها راحة في نفسه وجسده، وقد قال بعض الصالحين «إني لأجد أثر معصيتي في خلق دابتي»، أي أن الذنوب تجلب التعسير في كل شيء، ولذلك فإن من أراد التوفيق في العبادة فليبدأ بتوبة صادقة وليبتعد عن الغفلة.
إن الطاعة تنير القلب وتشرح الصدر، وكلما ازداد العبد قربًا من ربه وجد حلاوة العبادة في قلبه، وصار يؤديها بفرح وسرور، كما أن المداومة على الذكر والدعاء تجعل الروح متصلة بالله، فيصبح المسلم أكثر نشاطًا وحماسًا لأداء الفرائض والنوافل.
فضل الصلاة في وقتها ودورها في تقوية العبادة
تُعد الصلاة عمود الدين وأهم مظاهر «العبادة»، وهي الصلة الدائمة بين العبد وربه، وقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله فقال «الصلاة على وقتها»، فهي ليست مجرد أداء لركعات، بل هي وسيلة لتجديد الإيمان وتقوية العلاقة بالله في كل يوم.
إن الصلاة في وقتها تنظم حياة المسلم وتغذي روحه بالسكينة، فهي تُطهّر النفس من الذنوب وتمحو الخطايا، كما ورد في الحديث الشريف أن الصلاة تكفّر ما بينهما من الذنوب، فمن حافظ على الصلاة في وقتها عاش في نور دائم، وابتعد عن الكسل والفتور، لأنها تذكّر الإنسان بواجباته نحو خالقه في كل لحظة من يومه.
ومن فضل الصلاة أيضًا أنها «نورٌ للمسلم في الدنيا والآخرة»، وهي «تكفيرٌ للسيئات ورفعٌ للدرجات»، كما أن المداومة على الصلاة تجعل الملائكة تدعو للمصلي حتى يفرغ من صلاته، وهذا دليل على عظمة مكانتها في ميزان العبادة، فالصلاة ليست مجرد أداء جسدي بل هي «عبادة قلبية» وروحية تملأ الإنسان بالإيمان والسكينة.
كيف يصبح المسلم نشيطًا في العبادة
ليكون الإنسان نشيطًا في العبادة، عليه أن يبدأ بتنظيم وقته، ويبتعد عن أسباب التراخي، وأن يتذكر دائمًا ثواب المخلصين في الطاعة، كما يجب عليه أن يصاحب أهل الخير الذين يعينونه على الذكر والقيام، فرفقة الصالحين تُشعل في النفس الحماس وتوقظ القلب، كما أن سماع المواعظ وقراءة القرآن بانتظام يجدد الإيمان في القلب.
وينبغي للمسلم أيضًا أن يكثر من الاستغفار، فهو باب واسع لرفع الكسل وتطهير النفس من الذنوب التي تُثقل الجسد وتضعف العزيمة، وكلما داوم على الاستغفار وجد نفسه أكثر نشاطًا في العبادة وأكثر شوقًا للطاعة، لأن الذنوب حواجز بين العبد وربه، فإذا أزالها بالاستغفار شعر بالقرب من خالقه.
خلاصة الطريق إلى النشاط في العبادة
طريق النشاط في العبادة يبدأ من القلب، فالقلب إذا امتلأ بالإيمان انطلقت الجوارح بالطاعة، وإذا ضعف الإيمان تراجعت الهمة، لذلك يجب على المسلم أن يُكثر من الدعاء والاستعاذة من الكسل، وأن يجعل ذكر الله رفيقًا له في كل حال، لأن «الذكر مفتاح العبادة»، وبه تزول الغفلة ويُفتح باب النور، فالعبد الذي يُكثر من قول «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» يعيش في معية الله ويفوز بنشاط روحي لا ينقطع.



