الأزياء الشعبية للمرآة البدوية عبر العصور التاريخية

كتبت - أميرة محمد
تعد الأزياء الشعبية من أهم مظاهر الثقافة والتاريخ، فهي تُعبر عن هوية المجتمع وتنوعه، وفي سيناء وسيوة، تمثل الأزياء البدوية لوحة فنية غنية بالألوان والتطريز، تُخفي وراءها حكايات وقصصًا تعبر عن مراحل حياة المرأة البدوية ومكانتها الاجتماعية.
يتميز الزي البدوي في سيناء وسيوة بغناه بالتطريز ذي الألوان الجميلة المتباينة، والطرح المطرزة، وأقنعة الوجه المزينة بالعملات الفضية أو الذهبية، والخلاخيل.
يشكل الموروث الشعبي أحد أهم ملامح هوية المجتمع السيناوي، فالزي السيناوي يعبر عن الثوب البدوي بمكملاته ومستلزماته من حلي وزينة.
بالإضافة إلى وجود حزام لربط الوسط يُسمى "صوفية" مع وشاح أسود فوق الرأس يُطلق عليه "قنعة"، كما ترتدي البدوية "البرقع" الذي يُميز القبيلة التي تنتمي إليها.
يُعد الثوب البدوي بمختلف أنواعه وأشكاله لونًا من ألوان الثقافة الشعبية، فهو يُمثل تراثًا شعبيًا لقبائل هذه المنطقة، كما أنه يُعتبر فنًا شعبيًا يعتمد على مجموعة من الخبرات البدائية الموروثة عبر الأجيال المختلفة.
تستخدم في صناعة الزي البدوي وسائل تقليدية مثل الإبرة والخيط المُطرز به الثوب والقماش الذي يصنع منه، والذي يتميز بالأصالة والحشمة.
يختلف لون تطريز ثوب المرأة البدوية حسب عمرها وحالتها الاجتماعية، ففي مرحلة الفتاة، يطغى اللون الأحمر (الزهر) على صدر الثوب واكمامه، بينما باقي التطريز يكون باللون الأزرق (الأشهب).
وعندما تصبح الفتاة زوجة، يتغيّرُ لون التطريز إلى اللون الأحمر مع إضافة ألوان أخرى مثل الأصفر والبرتقالي.
أما كبار السن فيفضلن الثوب خفيف التطريز، يوجد ثوب خاص يُطلق عليه "الوجاهي" تطرزه المرأة بأكمله من صدر يسمى "القبة" وأكمام تسمى "الردن" وبداية من خصر المرأة حتى الذيل يطلق عليه "البدن". ويطرز هذا الثوب بالألوان الزاهية، وتستخدمه المرأة في الأفراح والأعياد.
في حالة الحداد، ترتدي المرأة ثوبًا ذا اللون "الأشهب" حيث يكون تطريز الثوب كله من اللون الأزرق.
الحلي السيناوية
تتنوع الحلي السيناوية تنوعًا كبيرًا، فكل قطعة تُعبر عن عادة أو تقليد معين، فمثلاً، كانت المرأة السيناوية قديماً ترتدي "حجول الفضة" أو "الخلخال" في أرجلهن، وذلك لجذب الأنظار أثناء السير.
ومن أشهر أنواع الحلي السيناوية "قلائد الفرج لله"، وهي عبارةٌ عن قلائد وعقود من الذهب تعلق على الرقبة وتتدلى على صدر المرأة، تتكون هذه القلائد من سلاسل صغيرة تنتهي بأقراص دائرية من الذهب تُمثل قروشًا أو جنيهات ذهبية مزينة برسومات مختلفة.
"الزيتونة" هي نوع آخر من الحلي السيناوية، وهو عبارة عن قلادة من الذهب مطعمة بقطع من الذهب تشبه حبات الزيتون. تفضل كبار السن ارتداء هذه القلادة، فهي توج جمالَهن وتضفي عليه لمسة من الرقي والأناقة.
تفضل المرأة السيناوية الخواتم الذهبية ذات الحجم الكبير والخواتم الفضية، كما ترتدي في أرساغها أساور من ذهب عريض متنوعة الأشكال، خاصة "المباريم" التي تُصمم على شكل حية لها رأس.
يشير تزين المرأة بالحلي إلى المستوى الاقتصادي للأسرة، فكلما زادت كمية الحلي، دل ذلك على ثراءها، وتباهي المرأة السيناوية، خاصة كبيرة السن، بكثرة تزينِها بالحلي، سواء ذهبية أو فضية، خاصة في مدن العريش والقنطرة شرق والطور.
تتميز المرأةُ السيناوية بإتقانها فن التزين بالحلي المطعم بالخرز والأحجار الكريمة، مما يُشير إلى ذوقها الرفيع وإبداعها في اختيار هذه الحلي.
تفضل المرأة العريشية التزين بالحلي والذهب الخالص عيارِ 24 و 21 و 18، وانتشرت وتعددت وتنوعت أنواع وألوان الذهب مسايرة مع التطور، فأصبحت المرأة الآن تتزين بأنواع كثيرة من الذهب، منها على سبيل المثال: القلائد والسلاسل الذهبية المطعّمة بالذهب الأبيض الخالص، وقطع ذهبية ذات أشكال مختلفة تتدلى منها.
تفضل أيضا المرأة العريشية المشغولات الذهبية مثل الأساور والخواتم البسيطة ذات الحجم الصغير ودقة الخطوط، والتي يدخل في تركيبها أيضًا نوع من الخرز و الأحجار الكريمة.
تستخدم المرأة البدوية الخرز من أنواع الكهرمان والعقيق والفيروز، حتى سميت سيناء بأرض الفيروز وتميز هذا الحجر الكريم وكثر استخراجه منها.
تعد الحلي جزءًا مهمًا من مهر العروس، حيث يكون المهر جزءًا نقديًا وآخر عينيًا.
يأخذ والد العروس المهر ويقوم بشراء قطعٍ ذهبية تُطلق عليها "المشاخص" (مفردها: المشخص) وعددها من 10 إلى 15 قطعة ذهبية، تتزين الفتاة البدوية بها، كما تُبالغ المرأة في كثرة الحلي والذهب في المناسبات.
التزين بالفضة
تتنوع تصاميم الحلي الفضية السيناوية بشكل كبير، بها المرأة في برقعها والوقاه والسكاريج التي توضع في جانبي البرقع كما يطلقون علي هذه العملات الفضية( الوزاريات) وهي تعود إلي زمن قديم وخاصة العملات الرومانية والإسلامية والعثمانية ومصر القديمة.
وتوجد عملات أخري فضية أقل حجما من الدياك وهي "القروش الفضية" التي يزين بها الوقاه والبرقع وتوجد أيضا عملات أصغر حجما من القروش يطلق عليها "العشاري" توضع في شبكة البرقع بأعداد كثيرة تؤدي إلي ثقل البرقع.
ووتعددت الأشكال وأنواع الحلي للمرأة البدوية حيث اشتهرت نساء البادية بالتزين بأنواع أخري من الحلي مثل: "الشناف" وهو من الفضة ويوضع في الفتحة اليمني من أنف المرأة البدوية المتزوجة.
ولكن الماسكة فهي عبارة عن قرص فضي أكبر من الريال الفضة ومنقوش بأية الكرسي ويوضع في القلائد وتعلقه المرأة الحامل علي صدرها لحماية الجنين في الرحم ولتثبيت الحمل.
وتفضل أيضا بدويات سيناء الخواتم الفضية وتضعها في ثلاثة من أصابعهن وهي( البنصر والخنصر والوسطي)، الخواتم العربية تصنع من الفضة المدعمة وتصنع بالوان وأحجام مختلفة من الكهرمان والمرجان والعقيق.
وتوجد بعض الخواتم مثل خاتم( طرف) أو بحجر طرف لونه أحمر وتعتقد نساء البادية في وقايته من أمراض العين ويوجد نوع أخر من الخواتم وهو ذو خرزة خضراء اللون ويلبس للوقاية من المشاهرة عند النساء.