أكثرهم عرضة للخطر.. هذه الفئات أولى بلقاح المكورات السحائية

المكورات السحائية تُعد من أخطر أنواع العدوى البكتيرية التى يمكن أن تصيب الإنسان، فهى ليست مجرد عدوى تنفسية عابرة، بل يمكن أن تتطور خلال ساعات إلى التهابات سحائية قاتلة أو تترك آثارًا عصبية مزمنة، ولهذا السبب توصى الجهات الصحية العالمية والمحلية بأهمية تلقي اللقاح المضاد للمكورات السحائية، خاصة لبعض الفئات التى تزداد احتمالية إصابتها بمضاعفات خطيرة فى حال التعرض للعدوى.
ومن هنا تنطلق أهمية التوعية المجتمعية حول من هم الأكثر احتياجًا لهذا اللقاح، ولماذا يجب أن يُدرج فى خطط الوقاية الشخصية والعامة لهذه الفئات تحديدًا، وذلك من منطلق تعزيز الحماية المجتمعية وخفض معدلات الانتشار والوفيات المرتبطة بالمكورات السحائية.
الفئات الأكثر احتياجًا إلى لقاح المكورات السحائية
بحسب الإرشادات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة فى عدد من الدول، فإن لقاح المكورات السحائية يُوصى به بشدة للفئات التالية:
الأطفال فى سن الحضانة والمرحلة الابتدائية، حيث تشير الدراسات إلى أن الأطفال دون سن العاشرة يمثلون نسبة كبيرة من الحالات المصابة بالمكورات السحائية، بسبب ضعف مناعتهم واحتكاكهم المباشر فى الأماكن المزدحمة مثل المدارس ودور الرعاية.
طلاب المدارس الداخلية والمعاهد والجامعات، وخاصة فى بداية العام الدراسى، إذ أن التجمعات المغلقة تعتبر بيئة خصبة لانتشار المكورات السحائية بسرعة كبيرة، ما يجعل اللقاح ضرورة وقائية لهم.
مرضى ضعف المناعة، سواء بسبب أمراض مزمنة أو أدوية تؤثر على جهاز المناعة، لأن أجسادهم لا تملك القدرة الكافية لمقاومة العدوى، مما يجعل المكورات السحائية تهديدًا حقيقيًا لحياتهم.
الحجاج والمعتمرون والمسافرون إلى مناطق ينتشر بها المرض، إذ أن الزحام الكبير وسوء التهوية والاحتكاك المستمر يسهل انتقال المكورات السحائية، وقد تم إدراج اللقاح ضمن متطلبات بعض الدول لأداء مناسك الحج والعمرة.
العاملون فى القطاع الصحى وفرق الطوارئ، نظراً لتعاملهم المستمر مع حالات مرضية متنوعة، واحتمالية تعرضهم لعوامل مسببة للعدوى، ويعتبر لقاح المكورات السحائية وسيلة أساسية لحمايتهم وحماية من حولهم.
لماذا تُعد المكورات السحائية خطيرة؟
ما يجعل المكورات السحائية أكثر خطورة من غيرها من البكتيريا هو سرعتها فى التأثير، ففى بعض الحالات، تبدأ الأعراض بشكل بسيط، مثل ارتفاع فى درجة الحرارة وصداع، لكنها قد تتفاقم خلال ساعات لتصيب السحايا المحيطة بالمخ والحبل الشوكى، مسببة التهابات حادة قد تؤدى إلى فقدان الوعى، الغيبوبة، أو حتى الوفاة، إذا لم يتم التدخل السريع.
كما أن المكورات السحائية تنتقل بسهولة عبر الرذاذ المتطاير من الفم والأنف، وهو ما يجعلها تنتشر بسرعة فى الأماكن المغلقة والمزدحمة، لذا فإن وجود لقاح فعال ومتاح يُعد خط الدفاع الأول فى مواجهتها.
أهمية التوعية بلقاح المكورات السحائية
تكمن أهمية التوعية بلقاح المكورات السحائية فى كونه لا يحمى الفرد فقط، بل يسهم فى تقليل انتشار العدوى داخل المجتمع، وهو ما يعرف بمفهوم “المناعة المجتمعية”، حيث يؤدى تطعيم نسبة كبيرة من الأفراد إلى تقليص فرص انتشار المرض، مما يحمى حتى غير المطعَّمين من التعرض للعدوى.
ومن هذا المنطلق، فإن حملات التوعية واللقاحات المدرسية، والتغطية الإعلامية الموجهة نحو الفئات المستهدفة، تمثل أحد محاور الوقاية الأساسية، خاصة إذا تم التركيز على فئة أولياء الأمور الذين يتخذون قرارات التطعيم لأبنائهم.
الآثار الجانبية للقاح وآمانه الطبى
رغم القلق الذى يراود البعض من فكرة التطعيم، فإن لقاح المكورات السحائية يُعد من اللقاحات الآمنة، وقد أُثبت فعاليته فى الوقاية من الإصابة بشكل كبير، وتقتصر آثاره الجانبية غالبًا على أعراض خفيفة مثل ألم موضعى فى الذراع أو ارتفاع بسيط فى درجة الحرارة.
ولا توجد تقارير طبية موثقة حول تأثيرات سلبية خطيرة للقاح على الفئات المستهدفة، مما يعزز الثقة فى استخدامه ضمن برامج التحصين الروتينى.
دور المؤسسات الصحية والتعليمية فى تعزيز الحماية
لضمان استفادة الفئات المستهدفة من لقاح المكورات السحائية، ينبغى أن تتكاتف الجهود بين وزارات الصحة والتعليم والهيئات المعنية، لتوفير اللقاحات مجانًا أو بأسعار رمزية، وتنظيم حملات موسمية فى المدارس والمعاهد، فضلًا عن إدماج المعلومات الوقائية حول المكورات السحائية فى المناهج الدراسية والبرامج التوعوية.
كما يُعد تدريب الطواقم الطبية والتعليمية على اكتشاف الأعراض المبكرة للمكورات السحائية من أهم أدوات التدخل السريع وتقليل المضاعفات.
متى يجب الحصول على اللقاح؟
ينصح الأطباء بالحصول على لقاح المكورات السحائية قبل بدء العام الدراسى أو موسم الحج أو السفر إلى مناطق موبوءة، ويفضل أن يُعطى اللقاح قبل الموعد المتوقع للتجمعات بما لا يقل عن أسبوعين لضمان تفعيل المناعة، كما يُنصح بإعادة الجرعة بعد عدة سنوات وفقًا لنوع اللقاح المستعمل وتوصيات الجهات الصحية المحلية.
الوقاية من المكورات السحائية ليست ترفًا، بل ضرورة صحية، خصوصًا للفئات التى تمثل الحلقة الأضعف فى المجتمع، ومن هنا تأتى أهمية التثقيف الطبى والتطعيم المبكر، فكل جرعة لقاح تُعطى اليوم تعنى حياة محمية من خطر قد لا يمنح فرصة ثانية.