خبير إسرائيلي يحذر.. إسرائيل على حافة التفكك.. وخطر زوال الدولة بات واقعيا

في تحذير غير مسبوق، دق الخبير في الثقافة الإسرائيلية الدكتور أورن يحيى شالوم ناقوس الخطر بشأن مستقبل الكيان الإسرائيلي، مؤكدًا أن إسرائيل تمر بمرحلة تفكك داخلي غير مسبوقة تهدد بانهيار مؤسساتها واقتصادها ومجتمعها، وربما بزوالها كدولة قائمة.
وفي مقابلة موسعة مع صحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية، كشف شالوم، وهو أحد مؤسسي مبادرة «يهودية إعلان الاستقلال» ومؤلف كتاب «شمع إسرائيل اليهودية العلمانية من الرامبام إلى أحد هعام»، عن رؤيته التشاؤمية لمستقبل إسرائيل، معتبرًا أن ما يجري اليوم على الساحة الإسرائيلية يمثل معركة وجودية فاصلة، قد تحدد شكل الدولة في العقود القادمة.
انقسام حاد وصراع على الهوية
يرى شالوم أن الأزمة الحقيقية التي تهدد إسرائيل ليست الحرب الدائرة في غزة، بل التصدعات العميقة في الهوية اليهودية للدولة، والانقسام المجتمعي الحاد بين التيارات المتطرفة والعلمانية.
ويشرح: «نحن أمام صراع بين نموذجين لليهودية؛ الأول يقوم على الديمقراطية والمساواة كما ورد في إعلان الاستقلال، والثاني متعصب وثيوقراطي تقوده كتل سياسية مثل سموتريتش تسعى لتحويل إسرائيل إلى دولة دينية استبدادية».
ويضيف: «إذا تعارضت يهودية الأغلبية مع القيم الديمقراطية، فلن تكون هناك ديمقراطية، هذا الصراع لا يدور حول أراضي أو حدود، بل حول جوهر الدولة ومَن يحكمها».
الدولة تنهار.. والنخبة تهرب
في تحليله الكئيب للمستقبل، يصف شالوم سيناريو متوقعًا لما ستكون عليه إسرائيل في عام 2048، بالتزامن مع مرور 100 عام على إنشائها، في حال استمرت الأوضاع الحالية على ما هي عليه.
ويعدد النقاط التالية كمؤشرات على الانهيار القادم:
- تفكك مؤسسات الدولة وضعف الخدمات العامة.
- أزمة اقتصادية خانقة تدفع رؤوس الأموال إلى الهروب.
- هجرة جماعية للكفاءات والنخب، وإذا وصلت إلى 300 ألف شخص "لن تعود الدولة قادرة على البقاء".
- تحول إسرائيل إلى دولة غير جاذبة للعيش، ينهار فيها النموذج السياسي بينما يفرّ منها السكان.
ويعلّق شالوم بأسى: «نحن نهدّم بأيدينا ما بنيناه على مدى 75 عامًا، هذه ليست خيانة للصهيونية فحسب، بل نقيض لكل ما قامت عليه اليهودية الحديثة».
أزمة الرهائن.. مرآة للانقسام
من أبرز الأمثلة التي ساقها شالوم لتوضيح عمق الانقسام الإسرائيلي، كانت طريقة التعامل مع قضية أسرى غزة، والتي كان يُفترض أن توحّد الإسرائيليين حول هدف إنساني ووطني مشترك.
ويقول: «التيارات المسيانية المتطرفة حولت القضية من إنقاذ الأرواح إلى خطاب انتقامي زائف، لقد جُرد الرهائن من أهميتهم لأنهم يمثلون قيمًا تتناقض مع سردية النصر الكامل التي يروج لها المتعصبون».
ويضيف بحسرة: «هذه الحرب أصبحت شخصية بالنسبة لي.. أنا لا أقاتل من أجل الصهيونية، بل من أجل أن تنعم ابنتي أبيجيل بمستقبل آمن. لكن العديد من أصدقائي غادروا البلاد بالفعل».
هل تبقى إسرائيل «دولة يهودية ديمقراطية»؟
تأتي تصريحات شالوم وسط تزايد الأرقام المقلقة حول هجرة الأكاديميين ورجال الأعمال من إسرائيل، وتراجع المؤشرات الاقتصادية، فضلًا عن تصاعد الخطاب الديني المتشدد في الإعلام والسياسة.
وفي ظل هذا المشهد القاتم، تبرز تساؤلات كبيرة حول قدرة إسرائيل على الاستمرار كـ«دولة يهودية ديمقراطية»، أم أنها دخلت بالفعل مرحلة تآكل داخلي قد تكون نهايتها قريبة.
يقول شالوم: «نحن اليوم أمام خيار حاسم: إما أن ننتفض كأغلبية ونفرض رؤيتنا المعتدلة لليهودية، أو نترك الدولة تنهار تحت أقدام المتطرفين. هذا هو المنعطف الأخير.. إما أن نوقف الانهيار، أو نتحمل مسؤولية النهاية».
هشاشة الدولة الإسرائيلية من الداخل
تحذيرات أورن شالوم لم تعد صدى لصوت مثقف قلق، بل باتت تعكس ما تتحدث عنه كثير من مراكز الأبحاث وصناع القرار في الغرب، بشأن هشاشة الدولة الإسرائيلية من الداخل.
وإذا كانت إسرائيل تواجه تحديات خارجية مصيرية، فإن الأخطر من ذلك يكمن في ما يحدث داخل جدرانها: تفكك، تطرّف، وانقسام لا يبدو أن له نهاية قريبة.