نبيل أبوالياسين: بيانات أوروبية حادة تظهر عزلة إسرائيل.. ونتنياهو يعترف «أصبحنا منبوذين»

الأحد 10/أغسطس/2025 - 10:07 م

بينما يصرخ الألم من تحت الأنقاض في غزة، وتتحول كل زاوية من زوايا القطاع إلى شاهد على الكارثة الإنسانية، ترتفع الأصوات المنددة بالعدوان، ليس فقط من الشعوب، بل من عواصم العالم نفسها، إن ما كان يُعد في الماضي «دعمًا غير مشروط»، بدأ يتصدع أمام هول الجرائم، فخرجت بيانات أوروبية قوية تدين سياسات نتنياهو وتصفها بـ «العقبة الخطيرة».

وفي مشهد نادر، اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه بأن بلاده أصبحت منبوذة، وأن الإعلام العالمي ضدها، في إقرار ضمني بفشل روايتها المضللة التي لم تعد تقنع أحدًا، هذه ليست مجرد أزمة سياسية، بل هي لحظة فارقة يسقط فيها القناع عن وجه الحقيقة.

غضب أوروبي يضع إسرائيل في عزلة

توالت البيانات الأوروبية المنددة بخطة إسرائيل لاحتلال غزة وتوسيع عملياتها العسكرية، مما يشير إلى تزايد العزلة الدولية التي تواجهها تل أبيب. فقد أصدر وزراء خارجية 8 دول أوروبية، من بينها إسبانيا والنرويج، بيانًا مشتركًا اعتبروا فيه أن تكثيف الهجوم واحتلال غزة يمثل «عقبة خطيرة» أمام حل الدولتين. كما أصدرت بريطانيا وفرنسا ودول أخرى بيانًا مشتركًا يدين قرار التوسع العسكري ويؤكد أن أي محاولة للضم أو الاستيطان تخالف القانون الدولي. هذه المواقف الأوروبية، التي كانت في السابق أكثر حذرًا، تعكس تحولًا كبيرًا في الرأي العام الأوروبي وتزايد الضغط على الحكومات لتبني مواقف أكثر حزمًا.

تضامن عربي وإسلامي.. معركة الضمير العالمي

في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الأوروبية، تتصاعد الدعوات العربية والإسلامية لمزيد من العزلة السياسية والاقتصادية لإسرائيل. ففي ماليزيا وإندونيسيا، خرجت مظاهرات حاشدة تضامنًا مع غزة، بينما أعلنت دول عربية عن خطط لمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال، هذه التحركات، وإن جاءت متأخرةً، تُظهر أن العدوان الإسرائيلي لم يعد قضية فلسطينية فحسب، بل تحول إلى معركة ضمير عالمية.

إسرائيل في قفص الاتهام الأممي

لم يقتصر التنديد على الدول الأوروبية فقط، بل امتد إلى أروقة الأمم المتحدة، حيث وجهت روسيا وفرنسا اتهامات مباشرة لإسرائيل. نائب المندوب الروسي بمجلس الأمن، أشار إلى المفارقة التاريخية المؤلمة، بأن الشعب الذي واجه الهولوكوست يحاصر الآن الفلسطينيين ويسعى لتدميرهم. ومن جهته، أكد نائب المندوب الفرنسي معارضة بلاده لأي خطة لاحتلال أو ضم غزة، مذكراً بضرورة التزام إسرائيل بالقانون الإنساني الدولي. وبينما يتعرض مجلس الأمن للشلل بسبب الفيتو، يرى سياسيون وحقوقيون أن هذه الهيئة أصبحت رهينة، ما يؤكد أن العدالة الدولية تُختبر الآن في غزة.

نتنياهو يعترف بالهزيمة الإعلامية

في تصريحات نادرة، اعترف بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل أصبحت «منبوذة» وأن «الإعلام الدولي ضدنا»، في إشارة واضحة إلى انهيار الرواية الإسرائيلية، فقد ألقى باللوم على «حملة عالمية من الأكاذيب»، وهدد برفع دعوى قضائية على صحيفة «نيويورك تايمز» لنشرها صورًا قال إنها «مزيفة» لطفل يعاني من المجاعة.

هذه التصريحات، التي تبدو دفاعًا، هي في حقيقتها اعتراف بفقدان السيطرة على السرد الإعلامي العالمي، الذي أصبح يميل أكثر نحو نقل الحقيقة من غزة.

وفي محاولة لتبرير عدوانه، زعم نتنياهو أن هدفهم هو «تحرير» غزة وليس احتلالها، وأن الحرب ستنتهي بإلقاء حماس سلاحها، وهي تصريحات لم تعد تقنع أحدًا.

تصعيد إسرائيلي وتضامن دولي متزايد

في ظل هذه العزلة، تواصل إسرائيل تصعيدها بتهديدات صريحة، حيث توعد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بالتحرك لإسقاط السلطة الفلسطينية ردًا على أنباء عن عزمها إعلان الدولة الفلسطينية، بن غفير، بأسلوبه المعتاد، وصف الرئيس محمود عباس والسلطة الفلسطينية بـ «الإرهاب»، مؤكدًا أنه سيطالب نتنياهو باتخاذ خطوات فورية لتدمير هذه السلطة، في المقابل يزداد التضامن الدولي مع الفلسطينيين، حيث دعت المقررة الأممية، فرانشيسكا ألبانيز، إلى طرد إسرائيل من مسابقات كرة القدم الأوروبية بعد استشهاد لاعب فلسطيني. كما دعت نقابة مناولي الأمتعة بمطار بروكسل إلى وقف خدمة شركات الطيران المتجهة إلى إسرائيل، مما يدل على أن العزلة لا تقتصر على السياسة والدبلوماسية فحسب، بل تمتد لتشمل جوانب الحياة كافة.

وختامًا: هكذا، تتكشف فصول هذه المأساة، حيث لم يعد بإمكان إسرائيل الاختباء وراء رواية «الدفاع عن النفس»K لقد سقط القناع تمامًا، وظهر الوجه الحقيقي للعدوان الذي يواجه الآن إدانة من حلفائه التقليديين وحتى من الداخل.

إن اعتراف نتنياهو بأن إسرائيل أصبحت «منبوذة» ليس مجرد تصريح عابر، بل هو إقرار بانهيار مشروع سياسي كامل قائم على القوة والتضليل واليوم، بينما تتصاعد الدعوات لفرض عقوبات ومقاطعة، يدرك العالم أن الصمت لم يعد خيارًا، وأن الحقيقة التي حاولت إسرائيل طمسها لعقود قد ظهرت الآن بكل وضوح وقوة.

المقالات