السيسى..اتفاقيات إسرائيل مع العرب لا تكفي لتحقيق السلام الشامل دون دولة فلسطينية

وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى في كلمة محورية خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في العاصمة العراقية بغداد، رسائل واضحة وشاملة إلى القادة والزعماء العرب، مؤكدًا على خطورة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وعلى ضرورة توحيد الصف العربي لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
القضية الفلسطينية في صدارة الاهتمام
قال الرئيس السيسى في مستهل كلمته: «أقولها لكم بكل صدق وإخلاص، إن الأمانة الثقيلة التي نحملها جميعًا، واللحظة التاريخية التي نقف فيها اليوم، تلزمنا بأن نُعلِي مصلحة الأمة فوق كل اعتبار، وأن نعمل معًا يدًا بيد على تسوية النزاعات والقضايا المصيرية التي تعصف بالمنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية؛ القضية المركزية التي لا حياد فيها عن العدل ولا تهاون فيها عن الحق».
وشدد الرئيس السيسى على أن الشعب الفلسطيني يتعرض لما وصفه بـ«المجازر والجرائم الممنهجة»، التي تُرتكب بحقه على يد الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن قطاع غزة يتعرض لعملية تدمير واسعة النطاق تهدف إلى التهجير القسري للسكان.
إدانة شاملة للعدوان على غزة
وأوضح السيسى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تمثل تحديًا صارخًا للقانون الدولي والأعراف الإنسانية، قائلًا: «آلة الحرب الإسرائيلية لم تترك حجرًا على حجر، ولم تترك طفلًا ولا شيخًا إلا واستهدفته».
وأكد أن مصر تتابع المأساة عن كثب وتعمل على مدار الساعة بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لا سيما دولة قطر والولايات المتحدة، بهدف وقف إطلاق النار وضمان دخول المساعدات الإنسانية للقطاع المنكوب.
دعوة إلى مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة
وفي خطوة عملية تعكس التزام القاهرة بدعم الشعب الفلسطيني، أعلن الرئيس السيسى عن عزم مصر تنظيم مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك فور التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال السيسى إن هذه المبادرة تأتي انطلاقًا من مسؤولية مصر التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، ومن حرصها على أن يكون للشعب الفلسطيني حق في الحياة الكريمة على أرضه.
حل الدولتين السبيل الوحيد للخروج من دوامة العنف
وأكد الرئيس السيسي أن «حل الدولتين» يبقى هو الحل العادل والشامل للخروج من دوامة العنف والدمار، مشددًا على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف: «نحن في مصر نؤمن أن السلام لن يتحقق إلا إذا حصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه، وفي مقدمتها الحق في تقرير مصيره، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية».
المشهد السوري واللبناني.. مواقف واضحة ودعوات للحلول السياسية
وفي سياق متصل، تطرق الرئيس السيسي إلى الأوضاع في سوريا، داعيًا إلى استثمار رفع بعض العقوبات الدولية لصالح الشعب السوري، ومؤكدًا على أهمية إطلاق مرحلة انتقالية شاملة لا تستثني أحدًا، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على وحدة الدولة السورية، ومكافحة الإرهاب بكل أشكاله، ومنع تصديره إلى دول الجوار.
كما دعا إلى انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجولان السوري وجميع الأراضي المحتلة، مؤكدًا أن احترام سيادة الدول هو الأساس الذي لا بد أن تُبنى عليه العلاقات الدولية.
وفيما يخص لبنان، شدد الرئيس المصري على أن استقرار هذا البلد العربي لن يتحقق إلا عبر الالتزام بوقف الأعمال العدائية، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، إلى جانب تمكين الجيش اللبناني من أداء مهامه في حفظ الأمن وبسط السيادة على كامل الأراضي اللبنانية.
الأزمة السودانية.. دعوة لوقف فوري لإطلاق النار
وتناول الرئيس السيسي الوضع في السودان، داعيًا إلى وقف فوري وعاجل لإطلاق النار، مؤكدًا أن استمرار الصراع هناك يهدد وحدة الدولة السودانية ويعرض حياة الملايين للخطر.
وأشار إلى أن مصر تدعم كل جهد من شأنه أن يعيد الاستقرار إلى السودان، ويوقف نزيف الدم، ويؤسس لمرحلة انتقالية سلمية يشارك فيها جميع أبناء الشعب السوداني.
الدعوة إلى العمل المشترك وتوحيد الصف العربي
وفي ختام كلمته، دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تعزيز التضامن والعمل العربي المشترك لمواجهة الأزمات المتلاحقة، قائلًا: «فلنعمل معًا على ترسيخ التعاون بيننا، ولنجعل من وحدتنا قوة، ومن تكاملنا نماء، مؤمنين بأن شعوبنا العربية تستحق غدًا يليق بعظمة ماضيها وبمجد حضارتها».
وأضاف: «فلنمضِ بثبات وعزيمة، ولنجعل من هذه القمة خطوة فاصلة نحو غدٍ أكثر إشراقًا لوطننا العربي».
كما وجّه نداءً إلى المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، من أجل وقف الجرائم والانتهاكات بحق الفلسطينيين، داعيًا إلى تفعيل آليات الضغط الدولي على إسرائيل لاحترام القانون الدولي، ووقف سياساتها العدوانية التي تهدد الاستقرار في المنطقة بأسرها.
قمة عربية في لحظة تاريخية
وتُعقد القمة العربية الرابعة والثلاثون في بغداد وسط تحديات إقليمية جسيمة، في ظل استمرار العدوان على غزة، وتوترات سياسية واقتصادية تهدد الاستقرار في المنطقة، وهو ما أكسب كلمة الرئيس المصري أهمية خاصة، باعتبارها تعكس مواقف راسخة ودعوات صادقة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأمن القومي العربي.