السبت 16 أغسطس 2025 الموافق 22 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

أمين الفتوى.. «الإبلاغ عن الجرائم» حفاظ على الأمن وليس انتهاكا للستر

التبليغ عن الجرائم
التبليغ عن الجرائم

الجرائم تمثل خطرًا داهمًا على أمن المجتمعات واستقرارها، وقد شدد الشيخ هشام ربيع أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية على أن «التبليغ عن الجرائم» هو وسيلة لحماية المجتمع وليس فضيحة للناس، موضحًا أن واجب المسلم لا يقتصر على ستر من يرتكب المعصية في الخفاء، بل يشمل أيضًا حماية المجتمع من كل أذى قد يلحق به جراء أفعال المجرمين الذين يهددون حياة الناس وأموالهم وأمنهم.

حديث أمين الفتوى عن الجرائم

أوضح الشيخ هشام ربيع أن بعض الناس يسيئون فهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي جاء فيه «هلا سترته بثوبك»، حيث يتخذون من هذا الحديث ذريعة للتغاضي عن مرتكبي «الجرائم» أو السعي لإفلاتهم من العقوبة، مؤكدا أن هذا الفهم سطحي وخاطئ ويشكل خطرًا على المجتمع، فالستر الذي دعا إليه الحديث يتعلق بالذنوب والمعاصي الشخصية التي تكون بين العبد وربه، أما عندما يتعلق الأمر بالسرقة أو القتل أو النصب أو غيرها من الجرائم التي تضر بالآخرين فإن التستر على مرتكبيها يصبح مشاركة فعلية في الجريمة.

الفرق بين الذنب الشخصي والجرائم المجتمعية

بيَّن أمين الفتوى أن هناك فرقًا جوهريًا بين الذنب الشخصي الذي يقع من فرد في خلوته ويشعر فيه بالندم، وبين «الجرائم» التي يكون لها أثر مباشر على المجتمع وتلحق الضرر بالآخرين، ففي الحالة الأولى يستحب الستر حفاظًا على كرامة الإنسان وحماية له من الفضيحة، أما في الجرائم العامة فلا يجوز التستر على مرتكبيها لأن في ذلك تشجيعًا لهم على الاستمرار في الإجرام وإفساد حياة الآخرين، وقد وصف الشيخ هشام التستر على المجرم في هذه الحالات بأنه «خيانة للأمانة ومشاركة في الإثم والعدوان».

أمثلة على الجرائم التي تستوجب التبليغ

لفت الشيخ هشام إلى أن الجرائم التي يجب على المسلم التبليغ عنها وعدم السكوت تشمل القتل والسرقة والاتجار في المخدرات والنصب والاحتيال، فهذه الجرائم ليست مجرد أخطاء فردية بل هي تهديد مباشر للمجتمع، فالتستر على قاتل مثلًا يعني أن أرواحًا أخرى معرضة للخطر، والتغاضي عن تاجر مخدرات يعني أن مزيدًا من الشباب سيدمر مستقبلهم، وغض الطرف عن محتال أو نصاب هو إهدار لحقوق الناس وأموالهم، ومن هنا فإن الصمت على الجرائم يعد جريمة جديدة تضاف إلى سجل المجرم.

التستر ليس جدعنة ولا رجولة

انتقد أمين الفتوى بعض المفاهيم الشعبية المغلوطة التي ترى أن «الجدعنة» أو «الرجولة» تتمثل في مساعدة المجرم على الإفلات من العقوبة أو منع الناس من التبليغ عنه، مؤكدًا أن هذه السلوكيات بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام، فالإسلام دين عدل يحث على ردع الظالم ونصرة المظلوم، وليس دين مجاملة للمجرمين على حساب أمن الناس، ولذلك شدد على أن من يساعد مجرمًا على الهرب أو التستر عليه يصبح شريكًا في الجريمة ولو لم يشارك في ارتكابها فعليًا.

الجرائم وأثرها على المجتمع

أكد الشيخ هشام أن خطورة الجرائم لا تكمن فقط في فعلها نفسه بل في انتشارها إذا لم يتم ردع مرتكبيها، فالمجتمع الذي يسكت على الجرائم أو يتستر عليها يصبح بيئة خصبة لتفشي الفساد وتزايد الانحرافات، وقد أشار إلى أن ترك المجرمين دون محاسبة يدفعهم إلى التمادي في أفعالهم القبيحة ويعرض حياة الأبرياء للخطر، كما أنه يهدم ثقة الناس في العدالة ويجعلهم يعيشون في حالة من الخوف والقلق.

دور المسلم في مواجهة الجرائم

أوضح أمين الفتوى أن على المسلم دورًا أساسيًا في حماية المجتمع من الجرائم، وذلك بالتبليغ عن المجرمين وعدم التستر عليهم، فذلك يعد من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أنه يحقق العدالة ويصون الحقوق ويمنع انتشار الفساد، مؤكدًا أن الشرع لم يأمر الناس بترك المجرمين يعيثون في الأرض فسادًا بل أوجب التصدي لهم بكل الوسائل القانونية والشرعية المتاحة.

الستر في موضعه الصحيح

شدد الشيخ هشام على أن الإسلام دين رحمة وعدل، وأن مبدأ الستر الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم يطبق على المعاصي الفردية التي لا يترتب عليها ضرر عام، أما عندما يتعلق الأمر بالجرائم التي تهدد المجتمع فإن تطبيق هذا المبدأ بشكل خاطئ يمثل خطرًا كبيرًا، فالستر في غير موضعه ظلم، والرحمة الحقيقية تكمن في حماية الأبرياء من بطش المجرمين وليس في تركهم يفلتون من العقاب.

«الجرائم» تمثل تحديًا كبيرًا لأي مجتمع، والتستر عليها بدعوى الستر أو الجدعنة ليس إلا مشاركة في الجريمة وإسهامًا في نشر الفساد، وقد أوضح أمين الفتوى بجلاء أن الإسلام يفرق بين الذنوب الشخصية التي يُستحب سترها وبين الجرائم العامة التي يجب التبليغ عنها لحماية المجتمع، ومن هنا فإن مسؤولية كل فرد هي أن يكون عونًا للحق وعدلًا للعدالة، وأن يدرك أن «التبليغ عن الجرائم حماية للمجتمع وليس فضيحة للناس».

تم نسخ الرابط