30 شهيدا في غزة واعترافات إسرائيلية باستخدام الفلسطينيين كدروع بشرية

أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم السبت، عن استشهاد 30 فلسطينيًا على الأقل جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على مختلف مناطق القطاع منذ فجر اليوم، في حصيلة مرشحة للارتفاع مع استمرار الغارات الجوية والمدفعية العنيفة التي تستهدف المنازل والمناطق السكنية المكتظة.
وقالت الوزارة إن معظم الشهداء من المدنيين العزل، بينهم نساء وأطفال، ما يعكس وحشية الغارات التي تنفذها قوات الاحتلال تحت ذريعة «مطاردة عناصر المقاومة»، بينما الحقيقة الميدانية تؤكد أن الضحايا هم أبرياء لا علاقة لهم بأي نشاط مسلح.
وتشهد مناطق مختلفة من قطاع غزة، لا سيما وسطه وجنوبه، قصفًا عشوائيًا مكثفًا منذ ساعات الصباح الأولى، تسبب أيضًا بإصابة العشرات وتدمير منازل بالكامل فوق رؤوس ساكنيها، فيما تعجز فرق الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إلى كثير من المواقع بسبب شدة القصف وخطورة التحرك الميداني.
ضابط إسرائيلي يكشف.. استخدمنا فلسطينيين كدروع بشرية
وفي تطور صادم يسلط الضوء على انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المتكررة بحق المدنيين، كشف ضابط إسرائيلي عن استخدام واسع النطاق للفلسطينيين كدروع بشرية خلال العدوان المستمر على قطاع غزة، مشيرًا إلى أن ذلك كان يتم بشكل منظم ضمن العمليات الميدانية.
وقال الضابط في شهادته التي تداولتها وسائل إعلام إسرائيلية ودولية، إن كل وحدة مشاة في غزة كانت تستخدم فلسطينيًا لإخلاء المنازل قبل اقتحامها من قبل الجنود، مضيفًا أنه خلال مشاهداته في الميدان، أقدمت إحدى الوحدات العسكرية على قتل فلسطيني بالخطأ أثناء استخدامه درعًا بشريًا.
وتعتبر هذه الشهادة من أوضح الاعترافات العلنية التي توثق جريمة استخدام المدنيين الفلسطينيين كأدوات لتقليل خسائر الجنود الإسرائيليين، وهو انتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف وللقانون الدولي الإنساني.
شهادات جنود ومعتقلين.. ممارسة منتظمة ومنهجية
وفي السياق ذاته، أوردت عدة تقارير إعلامية شهادات جنود إسرائيليين سابقين ومعتقلين فلسطينيين تؤكد انتشار هذه الممارسة على نطاق واسع.
وقال معتقل فلسطيني سابق: «المرة الوحيدة التي لم أكن فيها مكبل اليدين أو معصوب العينين، كانت عندما استخدمني جنود الاحتلال درعًا بشريًا في عملية اقتحام بغزة»، مضيفًا أن الجنود أجبروه على دخول منازل أثناء تثبيت كاميرا على جبهته، بهدف التأكد من خلوّها من المسلحين أو المتفجرات، تحت تهديد القتل إن لم ينفذ التعليمات.
كما أشار ضابط إسرائيلي آخر إلى أن «الأوامر كانت تأتي من مستويات عليا»، لافتًا إلى أن كل فصيل عسكري كان يستخدم مدنيًا فلسطينيًا لتطهير المواقع، ما يوضح أن هذه ليست ممارسات فردية بل جزء من منهجية عسكرية منظمة.
الجيش الإسرائيلي يحاول الإنكار رغم الأدلة
ورغم هذه الشهادات العديدة، حاول الجيش الإسرائيلي التبرؤ من هذه الاتهامات، مدعيًا أن «القانون العسكري الإسرائيلي يحظر تمامًا استخدام المدنيين كدروع بشرية»، وأنه «يفتح تحقيقات في الحالات التي يُزعم فيها مشاركة فلسطينيين في مهام عسكرية».
غير أن منظمة «كسر الصمت» الإسرائيلية، التي تضم جنودًا إسرائيليين سابقين، ردّت على مزاعم الجيش، وأكدت أن «الشهادات التي جمعتها لا تمثل روايات معزولة، بل تعكس فشلًا منهجيًا وانهيارًا أخلاقيًا داخل منظومة الجيش الإسرائيلي».
وتابعت المنظمة في بيان لها أن هذه الممارسات لم تظهر فقط خلال الحرب الأخيرة، بل هي امتداد لسياسة قديمة استخدمها الجيش في أكثر من عدوان سابق، سواء في غزة أو الضفة الغربية.
المجتمع الدولي مطالب بالتحرك
في ظل هذه الشهادات الموثقة والجرائم المتكررة، تتزايد المطالبات من قبل مؤسسات حقوق الإنسان والمراقبين الدوليين بفتح تحقيقات دولية عاجلة، وتقديم قادة الاحتلال المتورطين إلى محاكمات دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويحذر خبراء قانونيون من أن استمرار الصمت الدولي يشجع إسرائيل على تصعيد سياساتها القمعية والإجرامية، خصوصًا أن الجيش الإسرائيلي لم يواجه أي محاسبة حقيقية حتى الآن على جرائمه السابقة بحق المدنيين الفلسطينيين.
الدم الفلسطيني بين النيران والخذلان
بينما يتواصل العدوان الإسرائيلي على غزة وتستمر المجازر بحق المدنيين، تتكشف جوانب مرعبة من الاستهتار الإسرائيلي بالحياة البشرية، وتثبت الشهادات أن دم الفلسطيني في نظر الاحتلال وسيلة حماية لجنوده لا أكثر.
وفي ظل تصاعد أعداد الشهداء والاعترافات المتكررة بجرائم الحرب، تبرز ضرورة تحرك عربي ودولي فاعل يتجاوز الإدانة اللفظية، نحو خطوات قانونية حاسمة توقف نزيف الدم الفلسطيني وتكبح جماح آلة القتل الإسرائيلية المستمرة.