احذر التأخير.. هذا آخر موعد لحلاقة الشعر وقص الأظافر قبل الأضحية

الأضحية شعيرة عظيمة وسنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولها منزلة خاصة في الشريعة الإسلامية، فهي ليست مجرد «ذبح» بل عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه في أيام مباركة، ولأن «الأضحية» شعيرة متصلة بأعمال الحج التي يؤديها الحجاج في مكة، فإنها ترتبط كذلك ببعض الأحكام والمستحبات التي يحرص المسلمون على اتباعها، ومن أبرز تلك الأحكام مسألة «قص الشعر وتقليم الأظافر» لمن نوى أن يضحي، وهو ما يثير تساؤلات كثيرة كل عام، وفى هذا المقال يستعرض القارئ نيوز أبرز هذه الأسئلة والإجابة عنها في ضوء ما ورد من أدلة شرعية وآراء العلماء المعتبرين.
مشروعية الأضحية في الإسلام
من المؤكد أن «الأضحية» سنة مؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث يثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها، وقد شرعت في الإسلام بالكتاب والسنة النبوية القولية والفعلية، كما انعقد عليها «الإجماع» بين علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم، فـ «القرآن الكريم» قد أشار إلى مشروعيتها في قوله تعالى: «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ، فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ، إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ»، وقد فسر كثير من العلماء هذه الآيات بأنها تتضمن الأمر بالصلاة والنحر، أي ذبح الأضحية تقربًا إلى الله، وقال الإمام القرطبي في تفسيره عن هذه الآية أن المقصود منها «إقامة الصلاة المفروضة»، كما نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما.
موعد الامتناع عن قص الشعر وتقليم الأظافر
مع اقتراب أيام عيد الأضحى المبارك، يكثر البحث عن «آخر موعد» لقص الشعر والأظافر للمسلم الذي ينوي أن يقدم الأضحية، وقد أوضح الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية وأمين الفتوى السابق بدار الإفتاء، أن هذه المسألة تعد من السنن المندوبة وليست من الواجبات، أي أنها مستحبة، ولا يأثم من لم يلتزم بها، وقد ورد فيها حديث واحد فقط روته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وأضاف أن آخر وقت مسموح به لقص الشعر وتقليم الأظافر هو قبل مغرب ليلة الأول من شهر ذي الحجة، ومن يمسك بعد هذا الموعد فقد أصاب السنة، أما من أخذ من شعره أو أظافره بعد هذا الوقت، فلا شيء عليه وأضحيته تظل صحيحة ولا ينقص ثوابها.
الحكمة من الامتناع عن القص والتقليم
تشير الأحكام المتعلقة بـ «الأضحية» إلى أن الحكمة من الإمساك عن قص الشعر وتقليم الأظافر عند دخول عشر ذي الحجة، تعود إلى تشبه المسلم الذي يريد الأضحية بالمحرم الذي يؤدي مناسك الحج، فكما أن الحاج يمتنع عن هذه الأمور أثناء إحرامه، فكذلك المضحّي يُستحب له أن يشاركهم في هذه الصفة، لتتجلى روح المشاركة والارتباط بين من هم في مكة ومن هم في سائر بقاع الأرض.
حكم قص الشعر في العشر الأوائل من ذي الحجة
ولأن كثيرًا من المسلمين قد لا يتمكنون من الإمساك عن القص بسبب عدم العلم أو الخطأ أو حتى النسيان، فإن التساؤل يظل قائمًا، هل ينقص ذلك من ثواب الأضحية؟ وقد أجابت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية عن هذا التساؤل، موضحة أنه لا كفارة على من قص شعره أو قلم أظافره بعد دخول عشر ذي الحجة، ولكن الأفضل والأولى أن يمتنع عن ذلك، لأن ذلك يعد من السنن المؤكدة، ومخالفتها لا تبطل الأضحية، بل تقع صحيحة وثوابها محفوظ بإذن الله.
آراء المذاهب الأربعة في هذه المسألة
وقد اختلف العلماء في حكم الأخذ من الشعر والأظافر لمن ينوي الأضحية على ثلاثة أقوال رئيسية، فأما المذهب الحنفي، فيرى أن ذلك «مباح» ولا حرج فيه، بينما يرى المالكية والشافعية أن الإمساك مستحب وليس واجبًا، في حين ذهب الحنابلة إلى أنه «يحرم» على من نوى الأضحية أن يأخذ من شعره أو أظافره بعد دخول عشر ذي الحجة وحتى يذبح أضحيته، ويعد هذا الرأي من أشد الآراء في هذا الباب، ومع ذلك فإن الجمهور على أن الأمر لا يتعدى كونه مستحبًا، وليس هناك وزر على من فعله.
تنبيه هام للمضحين
ولمن نوى ذبح «الأضحية» هذا العام، فعليه أن ينتبه جيدًا إلى أن آخر وقت لقص الشعر وتقليم الأظافر سيكون قبل مغرب يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذي يبدأ فيه شهر ذي الحجة، وبهذا الموعد يكون الإمساك عن هذه الأمور قد دخل في حيّز السنة، وينبغي الالتزام بها لكل من أراد أن يطبق السنة على الوجه الأكمل، غير أن من لم يفعل ذلك فلا حرج عليه، لأن الشريعة الإسلامية يسرت على الناس ولم تجعل مثل هذه الأمور شرطًا في صحة الأضحية.
سنة عظيمة لا تفوّتها
إن «الأضحية» ليست فقط سنة عملية عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هي كذلك رمز للتقرب إلى الله، وتجسيد لمعاني البذل والطاعة والتضحية، ولهذا ينبغي أن يستعد لها المسلم بنفسٍ طيبة وعزيمة صادقة، ومن ضمن هذه الاستعدادات الالتزام بالسنن المرتبطة بها، مثل الإمساك عن قص الشعر والأظافر، لأن تطبيق السنن هو سبيل لزيادة القرب من الله ونيل الثواب الكامل.
الأضحية عبادة موسمية بروح الحج
تظل «الأضحية» عبادة موسمية عظيمة، تتداخل فيها أجواء الحج، وتستحضر فيها معاني الإيمان والتقوى، ولعل الحرص على كل تفاصيلها، ولو كانت مستحبة فقط، هو ما يجعلها عبادة متكاملة، فمن أراد أن يشارك فيها فليحسن الاستعداد لها، ولينتبه إلى تفاصيلها الصغيرة التي تحمل في ظاهرها بساطة، لكنها في معناها تعظيم لشعائر الله.