السبت 31 مايو 2025 الموافق 04 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

جدل تحت القبة حول معاقبة «مروجي شائعات المياه».. مادة 73 تثير المخاوف

مجلس النواب
مجلس النواب

أثارت المادة 73 من مشروع قانون تنظيم مرفق المياه للشرب والصرف الصحي، المقدم من الحكومة، جدلًا واسعًا تحت قبة البرلمان، بعد أن نصت على فرض غرامة مالية كبيرة على من يروج شائعات أو معلومات غير صحيحة عن جودة المياه، بقصد تكدير السلم والأمن الاجتماعي.

غرامة تصل إلى نصف مليون جنيه

ونصت المادة المثيرة للجدل على أنه: «يعاقب بغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على خمسمائة ألف جنيه، كل من قام بترويج شائعات، أو معلومات غير صحيحة بأية وسيلة كانت عن جودة المياه، بقصد تكدير السلم والأمن الاجتماعي لدى المواطنين بشأن حالة المياه، وجودتها».

وتسعى الحكومة من خلال هذه المادة، وفقًا لما هو مُعلن، إلى مواجهة محاولات بث الذعر أو التشكيك المتعمد في جودة مياه الشرب، خاصة في ظل الحملات التي قد تستهدف النيل من مؤسسات الدولة وخلق حالة من البلبلة.

البرلسي.. «المادة تقيد حرية التعبير»

لكن المادة لم تمر مرور الكرام داخل قاعة المجلس، حيث اعترض عليها عدد من النواب، على رأسهم النائب أحمد البرلسي، الذي أبدى تخوفه من توسيع مفهوم العقوبة ليشمل حتى المواطنين العاديين والصحفيين.

وقال البرلسي خلال الجلسة العامة: Jقانون العقوبات بالفعل يتضمن نصوصًا تجرّم نشر الشائعات أو المعلومات الكاذبة، فلماذا نُكرر العقوبة؟ ولماذا نُشددها في هذا القانون تحديدًا؟».

وتابع النائب متسائلًا: «لو مواطن كتب على صفحته أن المياه نازلة من الحنفية ولونها متغير، هل سيُعتبر ناشر شائعات؟ ولو صحفي عمل تحقيقًا صحفيًا على مشكلة في جودة المياه، هل نقول له أنت بتقصد تكدير السلم الاجتماعي؟».

وأكد البرلسي أن المادة تُقيد من حرية الرأي والتعبير، وتفتح باب التأويل الواسع لمعاقبة أصحاب الشكاوى المشروعة، داعيًا إلى حذفها بالكامل من مشروع القانون.

الحكومة.. نحمي الأمن القومي.. لا نقمع الآراء

وفي المقابل، دافعت الحكومة عن المادة باعتبارها إجراءً احترازيًا ضد الشائعات المتعمدة، التي قد تؤثر على استقرار المجتمع وثقة المواطنين في مرفق حيوي مثل المياه.

وشدد ممثل الحكومة خلال الجلسة، على أن العقوبة مشروطة بتوافر نية الإضرار بالسلم العام، ولا تنطبق على الحالات الفردية أو الشكاوى العفوية، بل تستهدف الحملات المنسقة لبث الذعر أو التشكيك في أداء الدولة.

وأشار إلى أن مصر تواجه حربًا من الشائعات، وقد تكرر في الآونة الأخيرة الترويج لمعلومات مغلوطة عن تلوث المياه أو انقطاعها في بعض المناطق، مما يؤدي إلى حالة من الفزع لدى الأهالي، ويؤثر على الأمن الاجتماعي.

انقسام نيابي.. مطالب بتعديل الصياغة

لم يكن النائب البرلسي وحده من أبدى تحفظًا على المادة، إذ أبدى عدد آخر من النواب مخاوف من سوء استخدام النص القانوني، لا سيما في ظل غياب تعريف دقيق لما يُعد «معلومة غير صحيحة» أو «قصد التكدير».

واقترح بعض النواب تعديل صياغة المادة، بحيث تُربط بشكل واضح بـ«القصد الجنائي»، أي أن يكون النشر مقصودًا للإضرار وليس مجرد نقل معلومة غير دقيقة بحسن نية.

فيما ذهب آخرون إلى المطالبة بتضمين استثناءات للمواطنين والصحفيين الذين يطرحون مشكلات حقيقية بهدف المعالجة وليس التكدير، كما طالبوا بوجود جهة مختصة بفحص الشكاوى قبل تحريك أي دعاوى جنائية، لضمان عدم المساس بالحريات.

المادة مستمرة في التشريع.. والمعركة لم تنتهِ

ورغم الاعتراضات، لم تُسحب المادة من مشروع القانون حتى الآن، ولاتزال مطروحة ضمن بنوده تمهيدًا لإقرار القانون بشكل نهائي خلال الجلسات المقبلة، وسط ترقب منظمات حقوقية ونقابات مهنية، أبرزها نقابة الصحفيين، التي عبرت عن مخاوفها من تأثير القانون على حرية الصحافة ودور الإعلام في الرقابة المجتمعية.

تساؤلات مشروعة

ويبقى التساؤل قائمًا: كيف يمكن التفريق بين «الشكوى من واقع معاش» و«ترويج شائعة؟».
وهل ستضمن الصياغة الحالية للمادة عدم محاسبة مواطن عبّر عن انزعاجه من سوء حالة المياه في منطقته؟ أم سيتحول القانون إلى أداة تقييد بدلاً من وسيلة تنظيم؟

في انتظار الإجابة، تستمر مناقشات البرلمان وسط انقسام بين من يرى في المادة سلاحًا ضد حملات التضليل، ومن يراها قيدًا على الحريات العامة.

تم نسخ الرابط