«هنو».. طريق إصلاح قصور الثقافة طويل ومرهق.. ولن نتراجع

أكد الدكتور أحمد هنو، وزير الثقافة، أن طريق إصلاح قصور الثقافة في مصر «طويل ومرهق للغاية»، لكنه شدد في الوقت نفسه على عزمه الاستمرار فيه دون تراجع، رغم ما يواجهه من تحديات مالية وإدارية، قائلاً: «لدينا قناعة بأن التطوير لابد وأن يتم اليوم.. لدى هذه النية، ولا حياد عنها».
جاء ذلك خلال اجتماع لجنة الإعلام والثقافة بمجلس الشيوخ، برئاسة الكاتب الصحفى محمود مسلم، لمناقشة خطة الوزارة في إعادة هيكلة البنية الثقافية بالدولة، وتقييم أوضاع قصور الثقافة والمراكز التابعة لها.
غياب التطوير لسنوات طويلة
أشار أحمد هنو إلى أن كثيرًا من المنشآت الثقافية «غابت عن مسار التطوير لسنوات طويلة»، ما أدى إلى تدهور حالتها، سواء من حيث البنية أو المضمون، مضيفًا: «ما نُطلق عليه اليوم قصر ثقافة، أحيانًا يكون مجرد شقة صغيرة بمساحة لا تتجاوز ٢٠ مترًا، وهذا لا يليق برؤية الدولة».
وأوضح هنو أن التغيير المطلوب لا يمكن تحقيقه من خلال ترقيعات أو حلول مؤقتة، بل يحتاج إلى «رؤية استراتيجية شاملة وتكاملية، تراعى التنسيق مع الوزارات الأخرى والجهات الشريكة»، مشددًا على أهمية إنشاء «كود إنشائي» خاص بالمباني الثقافية، مثلما هو معمول به في المستشفيات والمدارس.
رسالة ثقافية جديدة تناسب العصر
وعن الرسالة الثقافية، أكد «هنو» ضرورة إعادة صياغتها بما يتماشى مع طبيعة العصر، في ظل التحولات الكبيرة في طرق تلقي المعلومة والوسيط المستخدم، وقال: «ابنك حاليًا بيكون قاعد جنبك على الكنبة ماسك التليفون، ومش عارف هو فين».
وأضاف: «لا يمكن أن نخاطب هذا الجيل باللغة القديمة أو بنفس الأدوات، ولذلك علينا أن نُحدث تجديدًا حقيقيًا في الوسائط والمحتوى، دون أن نفرط في الهوية والثوابت».
التنوع الثقافي ضرورة لا ترف
تطرق وزير الثقافة إلى أهمية احترام التنوع الثقافي وتقديم محتوى يناسب جميع الأذواق، خاصة الشباب، وقال: «في فئة من المتثقفين شايفة إن مغني الراب خارج النطاق والسيطرة، بس لو رجعنا لوقت سابق هنلاقى نجيب محفوظ نفسه حصل حوله دبيت في عصره».
وأوضح أن الثقافة يجب أن تكون «منفتحة على كافة التعبيرات الفنية»، مضيفًا: «إذا لم نُقدّر أهمية التنوع، فهناك مشكلة حقيقية».
وأشار إلى تجربة ساقية الصاوي كمثال على الفهم الجيد لطبيعة الجمهور، وقال: «الساقية نجحت لأنها عرفت توجّهها وخطابها، وهذا ما نحتاجه في قصور الثقافة».
الموازنات.. التحدي الأكبر
من جانبه، كشف مساعد وزير الثقافة أن الموازنة الحالية للوزارة لا تكفي لتطوير البنية التحتية والثقافية المطلوبة، موضحًا أن الوزارة تحتاج إلى ما يقرب من «٦ مليارات جنيه» لتطوير قصور الثقافة، بينما «ما يُخصص حاليًا لا يتجاوز ٥٠٠ مليون جنيه فقط».
ومع ذلك، أشار إلى أن الوزارة وضعت خطة استثمارية، وتم تفعيل عدد من الأنشطة، كما تم تطوير مسارح مثل مسرح الغردقة كجزء من هذه الخطة، إلى جانب نشر المسارح المتنقلة في المحافظات والقرى.
انتقادات داخل البرلمان
شهد الاجتماع انتقادات واضحة من أعضاء اللجنة لطريقة تعامل الوزارة مع قصور الثقافة، حيث أبدى النائب عماد الدين حسين استياءه من نهج الإغلاق، وقال: «الغلق عقاب للمواطن وليس للموظف، ونريد أن نفهم تصور الوزارة للبدائل الحقيقية».
وأيده الكاتب الصحفى محمود مسلم، رئيس اللجنة، قائلاً: «إغلاق المراكز لا يجب أن يكون هو العقوبة الأساسية عند ضعف الأداء، بل يجب تطويرها ومحاسبة المسؤولين لا معاقبة الجمهور».
مغلقة بـ«الجنزير».. نموذج من رأس سدر
من جانبها، أثارت النائبة سها سعيد، وكيلة اللجنة، أزمة قصر الثقافة والمكتبة في رأس سدر، مشيرة إلى أنها وجدت المنشأتين «مغلقين بجنزير»، رغم حاجة المنطقة الماسة للأنشطة الثقافية نظرًا لخصوصية سيناء، وقالت: «هناك إشكاليات في اللوائح تمنع تفعيل النشاط الثقافي كما ينبغي».
الوزير يرد.. نغلق الشقق المؤجرة فقط
وردًا على الانتقادات، قال الدكتور أحمد هنو إن ما يتم إغلاقه ليس قصورًا للثقافة بالمعنى الحقيقي، بل شقق مؤجرة لا تقدم أية خدمات فعلية أو لا تصلح للأنشطة، مؤكدًا: «لدينا ٥٠٠ قصر ثقافي متكامل، جاري العمل على تطويرها، وننشر المسرح المتنقل في القرى، ونغلق فقط ما ثبت عدم صلاحيته».
واختتم الوزير حديثه بالتأكيد على أن الوزارة لا تعمل بشكل منفرد، بل تسعى إلى شراكات استراتيجية مع مختلف الجهات، «وهدفنا أن تصل الثقافة إلى كل بيت مصري، لا أن تبقى حكرًا على العاصمة».