هل تغير القاهرة قواعد اللعبة؟.. إشارات مقلقة من المكالمة الأخيرة

كشفت صحيفة «معاريف» العبرية، اليوم الثلاثاء، عن توتر سياسي جديد بدأ يلوح في الأفق بين القاهرة وواشنطن، على خلفية تعثر المفاوضات الخاصة بإعادة الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، والجهود المبذولة للتوصل إلى تهدئة شاملة توقف نزيف الدم في القطاع المحاصر.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن المكالمة الهاتفية الأخيرة بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي والمبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، اتسمت بتوتر شديد، عكس تصاعد القلق المصري من أداء الإدارة الأمريكية في التعامل مع ملف الحرب المستمرة في غزة منذ أكثر من 8 أشهر.
مخاوف مصرية من التصعيد في خان يونس وانعكاساته الجغرافية
ونقلت «معاريف» عن مصادر مطلعة قولها إن الجانب المصري عبّر بوضوح عن استيائه من استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية، لا سيما في خان يونس، حيث حذر الوزير بدر عبد العاطي من أن هذا التصعيد الميداني قد يؤدي إلى إعادة رسم الخريطة الديموغرافية في جنوب القطاع.
وحذرت القاهرة، بحسب الصحيفة، من أن هذه العمليات قد تدفع الفلسطينيين تدريجيًا نحو الحدود المصرية، مما يمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، في ظل ما وصفته بـ"غياب رؤية استراتيجية لدى إسرائيل والولايات المتحدة لإنهاء الأزمة".
واشنطن تحت الضغط المصري.. أنتم مسؤولون عن الفشل
ووفق ما ورد في التقرير العبري، فإن المسؤولين المصريين أبلغوا الجانب الأمريكي بأنهم يحمّلون الإدارة الأمريكية مسؤولية مباشرة عن تعثر التفاهمات، وفشل التوصل إلى اتفاق تهدئة شامل أو صفقة لتبادل الأسرى، رغم الجهود الدبلوماسية المكثفة في الشهور الأخيرة.
وأشارت «معاريف» إلى أن القاهرة باتت ترى أن واشنطن لا تضغط بما يكفي على حكومة بنيامين نتنياهو، وأنها باتت تميل أكثر لدعم الخيارات العسكرية الإسرائيلية بدلاً من الحلول السياسية التي تسعى إليها مصر وشركاؤها الدوليون.
دور مصر في الوساطة.. وقلق من فقدان الثقة
وتُعدّ مصر أحد أبرز اللاعبين الإقليميين في ملف النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي، حيث قامت منذ اندلاع الحرب في أكتوبر الماضي بدور محوري في التوسط بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، من أجل التوصل إلى اتفاقيات لوقف إطلاق النار، وتأمين إطلاق الأسرى، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
لكن، بحسب الصحيفة، فإن الخلافات الأخيرة تهدد هذا الدور المصري المحوري، خاصة في ظل تزايد الإحباط في القاهرة من السياسات الأمريكية التي تراها غير متوازنة ومحابية لإسرائيل، وهو ما قد يدفع مصر إلى إعادة النظر في مدى استمرارها بالانخراط بنفس الحماس في جهود الوساطة.
تحذيرات مصرية من استنزاف طويل للحرب
وقالت الصحيفة إن عبد العاطي أبلغ ويتكوف صراحة بأن مصر قلقة من أن تتحول حرب غزة إلى «حرب استنزاف طويلة الأمد»، في ظل غياب حلول حقيقية وجادة، وهو ما سيفتح المجال أمام مزيد من الفوضى الإقليمية والانفجارات المحتملة على حدود غزة والضفة الغربية، وتهديد استقرار دول الجوار، خاصة مصر والأردن ولبنان.
وتخشى القاهرة، وفق «معاريف»، من أن استمرار تجاهل المطالب الإنسانية والحقوقية للفلسطينيين، وتوسيع العمليات العسكرية بشكل عشوائي، سيزيد من الاحتقان الشعبي، ويؤجج التطرف في المنطقة، ويخلق أزمات جديدة يصعب التحكم بها مستقبلاً.
مصالح مصر في غزة تتجاوز الحدود.. وموقفها ثابت من القضية الفلسطينية
وتؤكد مصر دومًا أن موقفها من القضية الفلسطينية ثابت، يقوم على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وحل الدولتين كحل وحيد دائم للنزاع، وقد لعبت دورًا كبيرًا في كافة جولات المفاوضات السابقة، ودفعت مرارًا بكبار مسؤوليها للقاء ممثلين عن الفصائل الفلسطينية والجانب الإسرائيلي.
كما أن مصر تتحمل العبء الأكبر في إدارة الأزمات الإنسانية المتلاحقة في غزة، إذ أن معبر رفح الحدودي هو الشريان البري الرئيسي الذي تمر عبره المساعدات الطبية والغذائية للفلسطينيين، خاصة في ظل الحصار الشديد المفروض على القطاع.
جهود مصر تتواصل رغم التعقيدات.. وتحذير من التصعيد الإيراني
إلى جانب الملف الفلسطيني، تعمل مصر أيضًا بالتنسيق مع الولايات المتحدة وأطراف أوروبية على خفض التوتر في ملفات إقليمية أخرى، من بينها مفاوضات البرنامج النووي الإيراني، التي ترى فيها مصر نافذة أمل لاستقرار أوسع في المنطقة.
لكن تصاعد التوتر بين القاهرة وواشنطن قد يؤثر سلبًا على جهود مصر في هذا المسار، ما لم يتم احتواء الخلافات السياسية الأخيرة المتعلقة بغزة وعودة الأسرى.
خلاصة المشهد.. رسالة مصر واضحة: لا تهديد للأمن القومي
وفي نهاية تقريرها، خلصت «معاريف» إلى أن مصر بعثت برسالة حاسمة للولايات المتحدة خلال المكالمة الهاتفية، مفادها أن أمنها القومي خط أحمر، وأن أي تغيرات ديموغرافية أو ميدانية على حدودها مع غزة ستكون لها عواقب خطيرة، وأن القاهرة لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمرت الحرب دون أفق سياسي واضح.