أبوالياسين: نداء أخير يا خليج استيقظوا! مصر والأردن تناديان..المنطقة تحترق والحل بوحدتكم

في هذا الزمن الذي تتراقص فيه نيران الحرب على أعتابنا، وتُهدد المنطقة بأسرها بكارثة لا تبقي ولا تذر، بات الصمت جريمة والتفرج خذلانًا، وإن الشرق الأوسط ينزف، وغزة وحدها تكفي لتشهد على انحدار عالمي غير مسبوق، واليوم، ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي ضد إيران، لم يعد هناك مجال للمراوغة أو الحياد السلبي، وإنها لحظة تاريخية فارقة تستدعي يقظة الضمائر، وتتطلب موقفًا عربيًا وإسلاميًا موحدًا وحاسمًا قبل أن يبتلعنا طوفان الفوضى ونستفيق على واقع لا يُحمد عقباه.
الخليج يدفع الثمن: استيقظوا
للأسف الشديد، إن منطقة الخليج تدفع، وستدفع ثمنًا باهظًا للتصعيد الراهن والحرب المشتعلة، بينما كانت هناك محادثات دولية لمحاولة احتواء الملف النووي الإيراني، شنت إسرائيل هجماتها الغاشمة، ملقية بالمنطقة في أتون الفوضى، وإن دول الخليج، كونها الأكثر عرضة للمخاطر المباشرة، لم تعد تملك ترف المراقبة، ويجب عليها الآن أن تتخذ موقفًا واضحًا، وأن تتدخل لدى حليفها الأميركي بصرامة لوقف هذا الجنون، تجنبًا لتبعات لا يمكن حصرها في المدى القريب أو البعيد.
انهيار إيران ليس خيارًا خليجيًا
لا يمكن لدول الخليج أن ترى جارتها الكبيرة إيران تنهار، فمثل هذا الانهيار سيقود حتمًا إلى فلتان مدمر للأوضاع، ستكون عواقبه وخيمة على الجميع دون استثناء، ولقد علمتنا الأيام دروسًا قاسية؛ فتبعات الصراعات الماضية لا تزال آثارها ماثلة، وهذه الحرب الجديدة ستكون لها عواقب أعمق وأشد إيلامًا، ويجب على مراكز القرار الخليجية أن تعلن موقفًا صريحًا ومطالبة فورية بوقف هذا الصلف الإسرائيلي الجنوني الذي لم تتضح أبعاده الكاملة بعد.
انحدار أخلاقي عالمي وخذلان غزة
كما حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، فإن العالم يتجه نحو «انحدار أخلاقي» واضح، وأوضح أشكاله تتجلى في خذلان غزة، كيف يُعقل أن تصبح المجاعة سلاحًا يُستخدم ضد الأطفال؟ كيف نصمت على استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية؟ إن ما يحدث يتنافى مع كل القوانين والمعايير الأخلاقية، وهذا الانحدار لا يتوقف عند غزة، بل يمتد ليشمل الاستهدافات الخطيرة في المنطقة، مما ينذر بتصعيد لا يمكن معرفة أين ستنتهي حدوده.
الضغوط الأمريكية وإخفاء الحقائق
في خضم هذا المشهد، يتراجع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن تصريحاته بتحذير طهران، مؤكدًا أنه «أراد أن يكون الناس بأمان»، فيما يستمر في التهديد بالرد «بقوة شديدة» على أي هجوم، وفي المقابل، تحاول إسرائيل التكتم على خسائرها البشرية والمادية، وتمنع الصحفيين والجمهور من تصوير الأضرار، مما يؤكد أنها اعتادت إخفاء الحقيقة حتى عن شعبها، وهذه السياسات العدوانية المدعومة أمريكيًا تهدف لإشعال المنطقة، بينما الملاحة البحرية ومصادر الطاقة أصبحت تحت التهديد المباشر.
تصريحات ترامب: وقود الصراع
إن نداءنا العاجل لم يأتِ من فراغ، بل هو صرخة في وجه التصريحات الجنونية وغير المسؤولة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فتهديداته السافرة بأن المرشد الأعلى هدف سهل، وأن صبره ينفد، تكشف عن عقلية لا تبالي بأرواح شعوب المنطقة، وهذه التهديدات ليست مجرد كلمات، بل هي وقود يشعل الصراع ويدفعنا نحو الهاوية، مؤكدة أن أمن المنطقة والعالم بات معلقًا على حافة الجنون.
حياد إيجابي وفاعل: حان وقت الفعل
لقد حذر رئيس وزراء قطر الأسبق الشيخ حمد بن جاسم بوضوح: مصلحتنا كدول خليجية تقتضي أن تكون بحيرة الخليج العربي بحيرة سلام للجميع، ورغم خلافاتنا مع إيران وإسرائيل، لا يمكننا أن نظل متفرجين أو نتبنى حيادًا سلبيًا غير فاعل، بل يجب أن يكون حيادنا إيجابيًا، فعالًا، ومؤثرًا، وإننا أول المتضررين من هذا الجنون، وآن الأوان أن يتحرك قادتنا بسرعة عبر القنوات التي يعرفونها لوقف هذا الصلف الجنوني في استعمال القوة، وأن تعمل الشعوب العربية والإسلامية على الضغط لفتح المعابر عنوة.
وختامًا: إن النداء اليوم ليس مجرد كلمات، بل هو صرخة وجود في وجه العدم، وإن غزة تنادي، والقدس تستغيث، والمنطقة كلها على كف عفريت، ولا يمكننا الاستمرار في ترف الصمت والحياد، فالمخاطر أكبر من أن نتحملها، ونتائج التقاعس ستكون كارثية على أجيال قادمة، وعلى دول الخليج، ومعها مصر والأردن، أن تمد يدها لتشكيل جبهة عربية وإسلامية قوية، تفرض السلام بقوة الحق، وتوقف العدوان الذي لا يميز بين صديق وعدو، ولنتحد الآن، قبل فوات الأوان، فمستقبل الأمة مرهون بهذه اللحظة، ولن يغفر التاريخ لمن تخاذل.