هواوي تسعى لكسر هيمنة Java وSwift بلغة برمجة مبتكرة ومفتوحة المصدر

هواوي تدخل ساحة جديدة في عالم البرمجيات حيث أعلنت مؤخرًا عن تطوير «لغة برمجة جديدة» مفتوحة المصدر تهدف من خلالها إلى كسر هيمنة اللغتين الأشهر عالميًا Java وSwift وتأتي هذه الخطوة في سياق سعي هواوي لتعزيز استقلالها التكنولوجي وتوسيع تأثيرها في مجال التطوير البرمجي الذي يعد اليوم من أهم ركائز الاقتصاد الرقمي العالمي وتسعى الشركة من خلال هذه المبادرة إلى تقديم لغة أكثر كفاءة وتوافقًا مع بيئات التطوير الحديثة خصوصًا في مجالات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والأنظمة المدمجة.
خلفية المنافسة التقنية
من المعروف أن لغتي Java وSwift تسيطران على نسبة كبيرة من سوق البرمجة حول العالم حيث تُستخدم Java على نطاق واسع في تطوير تطبيقات أندرويد والأنظمة الخلفية بينما تسيطر Swift على بيئة تطوير تطبيقات أبل إلا أن هواوي ترى أن هناك فجوة تقنية في التوافق والكفاءة يمكن سدّها عبر تقديم لغة برمجة تجمع بين «بساطة الاستخدام» و«القدرة على الأداء العالي» في ذات الوقت.
وبحسب ما أعلنت عنه هواوي فإن اللغة الجديدة تأتي كجزء من خطة طويلة الأجل لتعزيز قدرتها على تطوير منظوماتها البرمجية الخاصة دون الاعتماد على تقنيات غربية قد تُقيد استخدامها في ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
ما الذي يميز لغة هواوي الجديدة
تعتمد لغة هواوي الجديدة على «البرمجيات المفتوحة المصدر» وهي سمة أساسية تعكس توجه الشركة نحو إشراك المجتمع البرمجي العالمي في تطوير اللغة وتحسينها بشكل مستمر وتم تصميم هذه اللغة لتكون «مرنة وقابلة للتوسع» بحيث يمكن استخدامها في تطوير تطبيقات الهواتف الذكية والساعات الذكية والسيارات الذكية وحتى أنظمة التشغيل المستقبلية التي تعمل عليها الشركة.
وتهدف هواوي إلى توفير أدوات تطوير شاملة ومتكاملة تسهّل على المبرمجين تبني اللغة الجديدة وتشجعهم على نقل مشاريعهم الحالية من Java وSwift إليها دون الحاجة إلى تغييرات جذرية أو إعادة كتابة كاملة للكود البرمجي.
دعم الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء
تركز هواوي في لغة البرمجة الخاصة بها على دعم الاتجاهات التقنية الصاعدة وعلى رأسها «الذكاء الاصطناعي» و«إنترنت الأشياء» حيث تم بناء اللغة بطريقة تسمح لها بالتكامل السلس مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي ومعالجات البيانات الضخمة كما تم تزويدها بمكتبات مدمجة تتيح التعامل مع المستشعرات الرقمية وأجهزة التحكم عن بعد بشكل مباشر مما يمنحها ميزة تنافسية أمام اللغات التقليدية التي تتطلب أدوات إضافية لتحقيق ذلك.
توجه استراتيجي لتعزيز الاستقلالية التقنية
يأتي إعلان هواوي عن تطوير هذه اللغة في ظل مساعيها المستمرة لتعزيز «الاستقلالية التكنولوجية» في مواجهة القيود التي فُرضت عليها خلال السنوات الأخيرة من جانب بعض الدول الغربية فقد حرمت الشركة من التعامل مع عدد من شركات البرمجيات الكبرى وهو ما دفعها إلى تسريع خطواتها نحو إنشاء منظومة تشغيل متكاملة خاصة بها تشمل نظام التشغيل «هارموني» والآن لغة برمجة قادرة على دعم هذا النظام وتوسيع تطبيقاته.
وتسعى هواوي من خلال هذه اللغة إلى خلق «نظام بيئي برمجي متكامل» يشمل المطورين والأجهزة والخدمات دون الحاجة إلى الاعتماد على منصات خارجية قد تُعطّل خطط الشركة في أي وقت.
تأثير محتمل على السوق البرمجي العالمي
إذا نجحت هواوي في كسب ثقة مجتمع المطورين العالمي فإن اللغة الجديدة قد تُحدث تحولًا تدريجيًا في خريطة لغات البرمجة المستخدمة عالميًا خصوصًا في الدول التي تتبنى تقنيات هواوي مثل الصين وعدد من الدول الآسيوية والأفريقية حيث تسعى الشركة إلى تقديم حوافز وبرامج تدريبية للمطورين لتشجيعهم على استخدام اللغة الجديدة وتقديم حلول برمجية قائمة عليها.
ويشير بعض الخبراء إلى أن هواوي لا تسعى فقط إلى تقديم بديل تقني بل إلى إعادة تعريف مفهوم البرمجة من خلال لغة تراعي متطلبات العصر الرقمي الذي يتسم بسرعة التطور وكثرة الأجهزة الذكية وتداخل الأنظمة بشكل غير مسبوق.
ردود أفعال مبدئية من مجتمع المبرمجين
رغم أن اللغة لا تزال في مراحلها الأولى إلا أن ردود الأفعال المبدئية من المطورين كانت «مشجعة» حيث أبدى العديد منهم اهتمامًا بمبدأ الانفتاح الذي تقدمه هواوي بالإضافة إلى الوعد بتوفير وثائق شاملة وأدوات تطوير مرنة وسهلة الاستخدام مقارنة ببعض اللغات التي تتطلب منحنيات تعلم طويلة.
وقد بدأت بعض المنتديات التقنية والمجتمعات البرمجية في مناقشة ميزات هذه اللغة ومقارنتها بغيرها من اللغات المعروفة ما يعكس وجود اهتمام حقيقي بهذه المبادرة الجديدة.
الخطوة التالية في مشروع هواوي
تعتزم هواوي خلال الأشهر القادمة إطلاق النسخة التجريبية من اللغة الجديدة لتكون متاحة للمطورين حول العالم كما تعمل الشركة على بناء «مستودع أكواد مفتوح» يضم مكتبات وأدوات جاهزة لتسهيل عملية البرمجة وتطوير التطبيقات.
وسيتم تنظيم ورش عمل ومؤتمرات تقنية متخصصة لتعريف المطورين بخصائص اللغة وكيفية استخدامها في مشاريعهم المستقبلية ويُتوقع أن تكون هذه الورش مفتاحًا أساسيًا لزيادة الانتشار وكسب الثقة في الأوساط التقنية.
خطوة هواوي نحو إطلاق لغة برمجة مبتكرة لا تُعد مجرد مبادرة تقنية بل تعكس تحولًا إستراتيجيًا في صناعة البرمجيات حيث تسعى الشركة إلى بناء «بنية رقمية متكاملة» خاصة بها من دون الاعتماد على حلول خارجية قد تكون مهددة في أي وقت.
وبينما تتطلع هواوي إلى كسر هيمنة Java وSwift فإنها تفتح الباب أمام نمط جديد من لغات البرمجة التي تراعي احتياجات المستقبل وتدمج بين الأداء العالي والانفتاح المجتمعي.