وفاة فرانك كابريو.. القاضي الذي علم العالم أن العدالة رحمة

الخميس 21/أغسطس/2025 - 01:21 م

أثار خبر وفاة القاضي الأمريكي المتقاعد فرانك كابريو، حالة من الحزن العميق في الولايات المتحدة والعالم، بعد أن وافته المنية عن عمر ناهز 88 عامًا إثر صراع طويل مع سرطان البنكرياس.

وجاءت وفاته بعد أيام قليلة من نشره مقطع فيديو مؤثر من داخل المستشفى، ظهر فيه طالبًا الدعاء له، عقب تعرضه لانتكاسة صحية صعبة.

القاضي الرحيم والأكثر لطفًا في العالم

لقب كابريو خلال مسيرته القضائية بـ«القاضي الرحيم» و«الأكثر لطفًا في العالم»، حيث عُرف بنهجه المختلف في التعامل مع القضايا والمخالفات، إذ كان يرى أن قاعة المحكمة ليست مجرد مكان لإنزال العقوبات، وإنما ساحة يسودها العدل الممزوج بالرحمة.

وكان يشدد دائمًا على أن العدالة لا تنفصل عن الإنسانية، وأن المتهمين يستحقون أن يعاملوا بلطف حتى في لحظات المحاسبة.

من قاعة المحكمة إلى شاشات التلفزيون

لم تقتصر شهرة القاضي الراحل على ولايته رود آيلاند، بل تخطت الحدود الأمريكية إلى مختلف أنحاء العالم، بعد أن تحول عمله في محكمة مدينة بروفيدنس إلى برنامج تلفزيوني شهير بعنوان Caught in Providence، الذي وثق جلساته الواقعية وروحه المرحة.

وحصدت مقاطع من البرنامج أكثر من مليار مشاهدة على وسائل التواصل الاجتماعي، ما جعل منه شخصية عالمية محبوبة.

أسلوب قضائي إنساني مختلف

ذكرت شبكة «سي إن إن» أن كابريو طوّر خلال مسيرته القضائية شخصية مميزة عن كثير من قضاة التلفزيون المعروفين بالقسوة والصرامة، إذ اعتمد على التعاطف والود والهدوء في التعامل مع الناس.

وكانت هذه الصفات كفيلة بأن تجعله مصدر إلهام لملايين المتابعين، حيث اعتبر أن تحقيق العدالة لا يعني إلغاء الرحمة.

صوت المدافعين عن العدالة للجميع

لم تقتصر مساهمات كابريو على المحاكمات الإنسانية فقط، بل استغل شهرته في الدعوة إلى إصلاح النظام القضائي الأمريكي، لافتًا إلى مشكلات عدم المساواة في الوصول إلى العدالة. ففي أحد مقاطعه الشهيرة قال:
«إن عبارة مع الحرية والعدالة للجميع يجب أن تجسد العدالة المتاحة للجميع، لكنها للأسف ليست كذلك».

وأشار إلى أن نحو 90% من الأمريكيين ذوي الدخل المحدود يواجهون قضايا مدنية مهمة، مثل الرعاية الصحية والإخلاء الجائر ومشكلات المحاربين القدامى وحتى مخالفات المرور، بمفردهم ودون دعم قانوني.

آلاف القضايا وحكايات إنسانية لا تُنسى

وفقًا لشبكة «بي بي سي»، فقد ترأس كابريو آلاف القضايا في مسقط رأسه بروفيدنس بولاية رود آيلاند، قبل أن يخوض تجربته التلفزيونية الناجحة.

وتميز أسلوبه بابتكار لحظات إنسانية لا تنسى داخل المحكمة، إذ كان يسمح للأطفال بالجلوس بجانبه خلف المنصة أثناء المحاكمات، كما لم يتردد في إدخال المرح على جلساته من خلال عرض دمية على هيئة قاضٍ.

نجومية على السوشيال ميديا

انعكس أسلوبه الفريد في القضاء على شعبيته الجارفة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث حققت مقاطع من حياته اليومية انتشارًا واسعًا.

ومن أبرزها فيديو على تطبيق «تيك توك» يُظهر روتينه الصباحي، بدءًا من تنظيف أسنانه وتوقيع كتابه، وصولًا إلى مشاهدة حلقات برنامجه الخاص، والذي تجاوز 5 ملايين مشاهدة في وقت قصير.

إرث إنساني باقٍ رغم الرحيل

برحيل كابريو، فقدت الساحة القضائية والإعلامية أحد أبرز رموز العدالة الإنسانية، غير أن إرثه سيظل خالدًا عبر برامجه ومقاطع الفيديو التي ألهمت الملايين حول العالم.

فالقاضي الذي عُرف بابتسامته الدافئة وقراراته المليئة بالرحمة، ترك درسًا بليغًا في أن العدالة الحقيقية لا تكتمل إلا إذا امتزجت باللطف والإنصاف.

رحل «القاضي الرحيم» تاركًا خلفه سيرة عطرة ورسالة إنسانية باقية، مفادها أن القانون ليس مجرد نصوص جامدة، وإنما أداة لتحقيق العدالة بمزيج من الرحمة والتفهم.

سيبقى فرانك كابريو حاضرًا في ذاكرة الملايين ممن تابعوا مسيرته، وتعلموا أن أعظم الأحكام القضائية قد تُكتب بابتسامة صادقة ونية خالصة للخير.

ترندات