الثلاثاء 08 يوليو 2025 الموافق 13 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

جمجمة «مفلطحة» لطفل تثير دهشة العلماء بالأرجنتين.. اكتشاف يعود لـ 700 عام

تشكيل الرأس
تشكيل الرأس

اكتشف علماء الآثار في الأرجنتين جمجمة طفل غريبة الشكل تعود إلى ما لا يقل عن 700 عام، وذلك أثناء تنفيذ أعمال حفر تتعلق بتركيب خط أنابيب مياه في مدينة سان فرناندو ديل فالي دي كاتاماركا، عاصمة مقاطعة كاتاماركا شمال غربي البلاد، وفق ما أوردته صحيفة «Greek Reporter».

وأوضحت الصحيفة أن الهيكل العظمي يعود لطفل يتراوح عمره بين 3 إلى 4 سنوات، وقد عثر عليه مدفونا في وضعية الجنين، بدون وجود أي متعلقات شخصية أو أدوات جنائزية، فيما ساعدت شظايا من الفخار وجدت في التربة المحيطة بالقبر على تأريخ الدفن إلى الفترة الواقعة بين عامي 1100 و1300 ميلادية.

تشكيل الجمجمة.. طقس ثقافي قديم

أثار شكل جمجمة الطفل غير المعتاد اهتمام فريق علماء الآثار، الذين تعرفوا على الفور على سِمة التسطح الأمامي والخلفي كدليل واضح على ما يعرف بـ تعديل الجمجمة المتعمد، وهو طقس شائع في عدد من المجتمعات القديمة، كان يمارس لأغراض رمزية أو اجتماعية.

وأكد كريستيان سيباستيان ميليان، مدير المديرية الإقليمية للأنثروبولوجيا في كاتاماركا، أن الجمجمة تظهر «مثالًا واضحا» على ما يسميه العلماء «التعديل اللوحي المائل» (Oblique Tabular Modification)، وهي تقنية تتضمن الضغط التدريجي على رأس الطفل باستخدام قماش أو وسادة، مما يؤدي إلى تشكّل جمجمة مفلطحة أو مائلة.

وأضاف ميليان: «هذا الشكل المتعمد للجمجمة يعكس تغيرا ثقافيا واضحا، ويشير إلى طقس متجذر في تقاليد السكان الأصليين لتلك المنطقة»، لافتا إلى أن الجمجمة كانت أعرض من الجانبين، وهي سِمة شائعة لهذه الطريقة.

لا إصابات أو أمراض على العظام

وخلال الفحص الأولي للهياكل العظمية، لم يُلاحظ وجود أي علامات على إصابات أو أمراض على عظام الطفل، مما يشير إلى أن التشوه في الجمجمة لم يكن نتيجة مرض أو صدمة، بل كان ناتجا عن تدخل ثقافي متعمد في مرحلة الطفولة المبكرة، على الأرجح خلال الأشهر الأولى من حياة الطفل.

وقال ميليان إن «التغير الذي شهدته جمجمة الطفل لم يأتِ نتيجة ظروف طبية، وإنما هو جزء من موروث ثقافي، وقد وثقت هذه العادة في حضارات عدة، بما في ذلك حضارات أمريكا الجنوبية، وأجزاء من أوروبا وآسيا».

موروث عالمي في التقاليد البشرية

يُعد تعديل الجمجمة من أقدم وأغرب الممارسات الثقافية التي عرفتها البشرية، حيث وُثّقت هذه العادة في قارات عدة، منها أمريكا الجنوبية، حيث مارستها شعوب الإنكا، وكذلك في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وكانت تستخدم لأسباب متعددة، منها تمييز الطبقات الاجتماعية أو تعزيز الهوية الثقافية.

ويضيف هذا الاكتشاف في كاتاماركا إلى سلسلة من الأدلة الأثرية التي تثبت مدى تعقيد النُظم الاجتماعية والثقافية للسكان الأصليين في أمريكا الجنوبية قبل الاستعمار الأوروبي، حيث كان شكل الجمجمة يعد رمزا للجمال أو النبل، ويعكس مكانة العائلة أو القبيلة.

اكتشاف يعمق الفهم للحضارات القديمة

تُعد جمجمة الطفل واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية الحديثة في الأرجنتين، ليس فقط بسبب شكلها غير المألوف، ولكن لأنها تمثل رابطا حيا بيننا وبين معتقدات وأساليب حياة أجيال مضت منذ قرون.

ووفقًا للخبراء، فإن دفن الطفل بدون أي متعلقات قد يشير إلى تقاليد جنائزية تختلف عن الأعراف الشائعة في تلك الفترة، وقد يرجح علماء الأنثروبولوجيا أن الطفل ينتمي إلى مجتمع يرى أن قيمة الإنسان مرتبطة بتكوينه الجسدي وشكله الخارجي أكثر من ارتباطها بالمكانة أو الثروة المادية.

نظرة جديدة إلى التنوع الثقافي ما قبل الكولومبي

من جهة أخرى، أشار علماء الآثار إلى أن هذا النوع من الاكتشافات يساعد في إعادة تشكيل الصورة العامة عن التنوع الثقافي والحضاري في أمريكا الجنوبية ما قبل الكولومبية، حيث لم تكن المجتمعات الأصلية متجانسة، بل عرفت تباينًا شديدًا في العادات والطقوس والمعتقدات.

ويؤكد الباحثون أن مثل هذه الاكتشافات تدفع نحو مزيد من الدراسات حول المفاهيم الجمالية والرمزية التي تبنتها هذه الشعوب، خصوصًا أن تعديل الجمجمة لم يكن وسيلة للعقاب أو التعذيب، بل ممارسة ذات أبعاد رمزية واجتماعية وثقافية معقدة.

تم نسخ الرابط