هل نسيان السورة بعد الفاتحة يبطل الصلاة ويستوجب سجود السهو؟
الصلاة هي الركن الأعظم بعد الشهادتين وهي «عماد الدين» الذي لا يقوم الإسلام إلا به ومن أجل ذلك يحرص المسلمون على معرفة كل ما يتعلق بها من أحكام وسنن وشروط ومبطلات ليؤدوا الفريضة كما أمر الله تعالى ورسوله الكريم وتُعد مسألة «سجود السهو» واحدة من أكثر المسائل التي يكثر فيها التساؤل لا سيما إذا تعلقت بنسيان تلاوة السورة بعد الفاتحة داخل الصلاة وهي من السنن المؤكدة في الركعتين الأولى والثانية في الصلوات المفروضة.
يتساءل كثير من الناس: «هل نسيان قراءة سورة بعد الفاتحة يوجب سجود السهو؟» وهل تُعد السورة جزءًا أساسيًا من أركان الصلاة أم يمكن إغفالها من دون تأثير على صحة الصلاة؟ هذه الأسئلة وغيرها تُطرح باستمرار من المصلين الذين يسعون إلى الطمأنينة في عبادتهم وإلى أداء الصلاة على الوجه الأكمل.
حكم نسيان السورة بعد الفاتحة
وفي توضيح لهذه المسألة أكد الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن نسيان السورة بعد الفاتحة لا يوجب سجود السهو وأضاف في فتوى متلفزة أن بعض الأذكار والتسابيح داخل الصلاة إذا نسيها المصلي فلا يُطلب منه أن يسجد للسهو لأنها ليست من الفروض أو الأركان وإنما من السنن.
وأوضح الشيخ أن من الأمثلة على هذه الأمور هو نسيان قراءة التسابيح أثناء السجود أو الدعاء بين السجدتين أو بعد الرفع من الركوع أو السجود فكل هذه الأمور لا تُوجب سجود السهو لأنها ليست من أركان الصلاة الأساسية.
متى لا يُشرع سجود السهو؟
من المهم التفريق بين الأمور الجوهرية في الصلاة وتلك التي تُعد سنة أو مستحبة فإذا نسي الإنسان السورة بعد الفاتحة سواء في الركعة الأولى أو الثانية فلا يُشرع له سجود السهو لأن السورة ليست ركنًا في الصلاة وإنما سنة من سنن الصلاة.
كذلك نسيان التشهد الأول في الصلاة يُعد من السنن وليس من الفروض فإذا تركه المصلي سهوًا فهنا يُشرع له سجود السهو ولكن صلاته لا تبطل إن لم يسجد للسهو لأنه ترك سنة وليس فرضًا.
ما حكم من نسي سجود السهو نفسه؟
طرح أحد المتصلين سؤالًا هامًا وهو: «ما حكم من نسي سجود السهو؟» فأجاب الشيخ محمود شلبي أن نسيان سجود السهو لا يبطل الصلاة لأن سجود السهو نفسه سنة وليس فرضًا فإذا نسيه المصلي فصلاته تظل صحيحة ولا يُطلب منه الإعادة.
وبذلك فإن السهو في الصلاة ينقسم إلى نوعين أحدهما يستلزم السجود والآخر لا يستلزم ذلك فعلى سبيل المثال إذا نسي المصلي ركعة كاملة فلا يُغني سجود السهو وحده عن الإتيان بالركعة الناقصة بل يجب الإتيان بها ثم السجود للسهو بعد ذلك.
أما إن كان السهو عن أمر غير ركني كالتشهد الأوسط أو التسبيح أو السورة بعد الفاتحة فهنا لا يكون سجود السهو واجبًا ولا يؤثر على صحة الصلاة.
متى يُشرع سجود السهو في الصلاة؟
سرد الشيخ محمود شلبي الحالات التي يُشرع فيها السجود للسهو في الصلاة وهي أربعة أحوال رئيسية تشمل أولا أن يسلم المصلي قبل تمام صلاته أي قبل إكمال الركعات المفروضة عليه وثانيًا عند الزيادة في الصلاة سواء أضاف ركعة أو سجدة أو غير ذلك من الأفعال الزائدة وثالثًا عند نسيان التشهد الأول أو سنة مؤكدة من سنن الصلاة ورابعًا في حال الشك في عدد الركعات كأن يشك إن صلى ركعة أو ركعتين فيجعلها ركعة ثم يسجد للسهو.
ماذا يُقال في سجود السهو؟
أوضح الشيخ أن «سجود السهو» يتم بعد التشهد الأخير وقبل التسليم وأنه لا يوجد ذكر مخصوص يجب على المصلي قوله في سجود السهو وإنما الأفضل أن يقول في السجود كما يقول في السجود العادي «سبحان ربي الأعلى» ثلاث مرات.
وأضاف أن بعض العلماء استحبوا أن يقول المسلم في سجود السهو «سبحان من لا ينام ولا يسهو» خاصة إذا كان السهو قد وقع منه عن غير قصد وأراد التوبة والتعويض عما حصل منه أثناء الصلاة.
أهمية الطمأنينة في أداء الصلاة
ينبغي على المسلم أن يحرص على الطمأنينة والخشوع في الصلاة وأن لا يجعل الوسوسة أو الشكوك تفسد عليه عبادته فالأصل أن الصلاة ما دامت أُديت بأركانها وواجباتها فهي صحيحة ولا تبطل إلا بترك ركن أو شرط من شروطها.
كذلك ينبغي للمصلي أن يتعلم ما يصح به صلاته وما هو من السنن حتى لا يُكلف نفسه ما لا يلزم فيظن أن كل سهو يبطل الصلاة أو يوجب الإعادة.
الصلاة والتيسير في الشريعة
من رحمة الله بعباده أن جعل الصلاة متيسرة وجعل فيها أحكام السهو لرفع الحرج وتدارك النقص حتى لا يُرهق الناس بكثرة الإعادة أو التشدد في الأمور التي لا تؤثر في صحة العبادة وهذا من المقاصد العليا للشريعة التي ترفع المشقة وتُيسر على الناس عباداتهم.
ولذلك فإن نسيان قراءة السورة بعد الفاتحة لا يؤثر على صحة الصلاة ولا يُوجب سجود السهو كما أن نسيان بعض السنن لا يبطل الصلاة وهذا يوضح أن الصلاة في الإسلام قائمة على التيسير لا التعقيد.
ومن المهم أن يتعلم كل مسلم هذه الأحكام ليتعبد لله تعالى على بصيرة ويفهم أن أحكام الصلاة مبنية على الرحمة والتخفيف وليس على المشقة والتعسير.