الأحد 17 أغسطس 2025 الموافق 23 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يحق للمرأة الحائض «دخول المقابر»؟.. الإفتاء توضح الحكم الشرعي

هل يحق للمرأة الحائض
هل يحق للمرأة الحائض دخول المقابر؟

المقابر كانت ولا تزال محل نقاش فقهي واسع خاصة عند الحديث عن زيارة النساء الحائض لها وهل يجوز لهن دخولها أم لا، فقد أثير هذا الموضوع كثيرًا في الأوساط الدينية والاجتماعية وحرصت دار الإفتاء المصرية على توضيح الحكم الشرعي في هذه القضية التي تهم الكثير من النساء، إذ تسعى كل سيدة لمعرفة الحكم الصحيح حتى تلتزم به وتكون زيارتها «للمقابر» موافقة للشريعة الإسلامية.

الحكم الشرعي لزيارة المرأة الحائض للمقابر

أوضحت دار الإفتاء أن المرأة الحائض لا تُمنع من زيارة «المقابر» بشكل قاطع، فالشرع الشريف لم يرد فيه نص صريح يحرم على الحائض دخول المقابر، وإنما الأمر متعلق بآداب الزيارة وأهدافها، فإذا كان الهدف من زيارة المقابر هو العظة والاعتبار والدعاء للمتوفين والترحم عليهم فلا مانع شرعي في ذلك، حيث إن زيارة المقابر مشروعة للرجال والنساء على حد سواء، كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم بالآخرة».

هل تحتاج المرأة الحائض إلى طهارة للدخول

دار الإفتاء أكدت أن زيارة «المقابر» لا تشترط طهارة كاملة مثل الصلاة أو الطواف، فالطهارة هنا ليست شرطًا لصحة الزيارة، إذ إن المقابر مكان للعظة والدعاء وليست عبادة بدنية تحتاج إلى طهارة كالصلاة، وبالتالي يجوز للحائض أن تدخل المقابر وأن تدعو للميت دون حرج، ومع ذلك يُستحب دائمًا أن تكون المرأة على طهارة عند القيام بأي عمل تعبدي، لكن عدم الطهارة لا يمنعها من الدعاء أو الزيارة.

الحكمة من زيارة المقابر

تأتي أهمية زيارة «المقابر» في تذكير الإنسان بحقيقة الموت والآخرة، فهي فرصة للتأمل في مصير الإنسان ونهاية رحلته في الدنيا، كما أنها وسيلة لربط الأحياء بالأموات من خلال الدعاء والاستغفار، ومن هنا جاءت الحكمة النبوية في إباحة زيارة المقابر بعد أن كانت منهيًا عنها في بداية الإسلام، فزيارتها تربي القلوب على التواضع وتبعدها عن الغرور وتعيد الإنسان إلى حقيقته الأساسية، وهي أنه مهما طال به العمر فمصيره إلى التراب.

آداب زيارة المقابر للنساء

هناك مجموعة من الآداب التي ينبغي على المرأة الحائض أو غيرها الالتزام بها عند زيارة «المقابر»، ومن أبرزها أن تكون الزيارة بقصد الاعتبار والدعاء لا بقصد التبرك أو القيام بممارسات غير مشروعة، وأن تتحلى المرأة بالهدوء والسكينة، فلا تجهر بالصوت أو ترفع النحيب، وأن تلتزم بالحجاب الشرعي والوقار، كما يفضل أن تدعو للميت بالأدعية المأثورة مثل «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، فهذا هو المقصود الشرعي من الزيارة.

الرد على من يمنع زيارة الحائض للمقابر

بعض الآراء الشعبية أو الموروثات قد تمنع المرأة الحائض من دخول «المقابر» بحجة أن ذلك لا يليق أو أن المرأة في فترة الحيض تكون غير طاهرة، غير أن دار الإفتاء أوضحت أن هذه المعتقدات لا أساس لها من الشرع، وإنما هي عادات اجتماعية متوارثة، بينما الأصل الشرعي هو أن زيارة المقابر مباحة للجميع رجالًا ونساءً، طاهرين أو غير طاهرين، لأن الهدف من الزيارة لا يرتبط بصفة الطهارة، وإنما يرتبط بقصد القلب والدعاء للميت.

فضل الدعاء عند القبور

من فضل الله على عباده أن جعل الدعاء للميت عند «المقابر» سببًا في رفع درجاته وتخفيف سيئاته، فالميت أحوج ما يكون إلى الدعاء والرحمة، ومن هنا فإن زيارة المرأة الحائض للمقابر والدعاء للميت فيها ثواب عظيم، فهي تشارك في بر الميت وتواصل الصلة به بعد وفاته، إذ جاء في الأحاديث أن دعاء الولد الصالح ينفع الميت ويخفف عنه، فما بالك بدعاء الأقارب والأحبة عند قبره، فهو عمل صالح يقبله الله سبحانه وتعالى.

المرأة الحائض والجانب الروحي للزيارة

زيارة «المقابر» لا تقتصر على الجانب الفقهي فقط، بل لها بُعد روحي عميق، فالمرأة الحائض التي قد تشعر أحيانًا ببعض الحرمان من أداء بعض العبادات كالصلوات أو الصيام، تجد في زيارة المقابر متنفسًا روحيًا، فهي وسيلة للتقرب إلى الله بالدعاء والذكر والاستغفار، وهذا يعزز الصلة بالله تعالى ويقوي الإيمان، كما يجعل المرأة أكثر إدراكًا لقيمة الحياة والآخرة، فهي تتأمل مصيرها ومصير من سبقها فتزداد خشية وخضوعًا لله.

الإفتاء تؤكد الوسطية في الأحكام

دار الإفتاء شددت على أن أحكام الدين الإسلامي قائمة على «اليسر والرحمة»، وأن الشريعة لا تضيق على الناس بلا سبب، ولهذا فإنها لم تحرم على الحائض دخول المقابر، بل أباحت ذلك بشرط الالتزام بالآداب الشرعية، والبعد عن الممارسات الخاطئة، وهذه الوسطية هي ما يميز الإسلام عن غيره من التشريعات، فهو دين يسير ولا يرهق المرأة في حياتها اليومية، بل يفتح أمامها أبواب الخير والذكر في كل حالاتها.

من خلال ما سبق يتضح أن المرأة الحائض يجوز لها شرعًا دخول «المقابر» وزيارتها دون أي حرج، وأن الطهارة ليست شرطًا لهذه الزيارة، وإنما المطلوب هو الالتزام بالآداب، والنية الخالصة لله تعالى بالدعاء للميت والاعتبار، وأن كل ما يقال عن حرمة دخول المقابر للحائض لا يعدو كونه عادات اجتماعية لا أصل لها في الدين، بل إن زيارة المقابر مشروعة ومحببة وتذكر الإنسان بالآخرة، وتعزز الجانب الروحي والإيماني لديه.

تم نسخ الرابط