هل تعتبر «حلوى المولد النبوي» من الأصنام؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل

المولد النبوي الشريف يظل واحدًا من أهم المناسبات التي تثير الجدل في العالم الإسلامي حيث يتجدد الحديث كل عام حول مدى مشروعية الاحتفال به وحول بعض الممارسات المصاحبة له مثل صناعة وتوزيع حلوى المولد، وقد ردت «دار الإفتاء المصرية» بشكل واضح على الادعاءات التي تروج بأن «حلوى المولد» تعد من الأصنام أو أنها بدعة محرمة لا يجوز تناولها أو إهداؤها، مؤكدة أن هذه المزاعم باطلة ولا تستند إلى أي أساس من الشرع أو التاريخ.
المولد وحقيقة المزاعم الباطلة
أوضحت دار الإفتاء أن القول بأن حلوى المولد من الأصنام «كلام باطل» يدل على جهل مطلق بأحكام الشريعة ومقاصدها، حيث لم يسبق لأي عالم من علماء المسلمين عبر التاريخ القديم أو الحديث أن قال مثل هذا الكلام، بل اعتبرته دار الإفتاء تشبيهًا ظالمًا للمسلمين الذين يحتفلون بالمولد حبًا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمشركين الذين يعبدون الأصنام، وهذا المسلك بحسب دار الإفتاء لا يعدو كونه فكرًا متشددًا ينتمي إلى فكر الخوارج الذين اعتادوا إسقاط النصوص الشرعية الخاصة بالمشركين على المسلمين.
المولد بين الفطرة السوية وعمل الأمة
بيّنت دار الإفتاء أن هذه الدعوات الفاسدة تستلزم تحريم مظاهر الفرح بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما يتعارض مع الفطرة السوية التي جبلت النفوس على الفرح بمن تحب، بل إن الأمة المحمدية عبر القرون اعتادت على الاحتفال بالمولد بطرق مختلفة مثل تقديم الهدايا والتوسعة على الفقراء ورسم البهجة في البيوت، ولم يعترض أحد من العلماء المعتبرين على هذه الممارسات، لذلك فإن القول بتحريمها يعد تضليلًا للأمة وتجهيلًا بعلمائها في كل عصر .
المولد في ميزان الشرع
أكدت دار الإفتاء أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف يعد من «أفضل الأعمال» وأعظم القربات إلى الله تعالى، حيث يندب إحياء هذه الذكرى بمظاهر الفرح والسرور وبكل طاعة مشروعة، فالمولد مناسبة دينية وروحية يتذكر فيها المسلمون مولد الهادي البشير صلى الله عليه وآله وسلم ويعبرون عن محبتهم له بالفرح والذكر والتوسعة على الأهل والمساكين.
حلوى المولد سنة حسنة
أوضحت دار الإفتاء أن ما اعتاده الناس من شراء حلوى المولد والتهادي بها لا يعد من البدع الضالة بل هو «سنة حسنة»، إذ إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحب الحلوى والعسل كما ورد في الأحاديث الصحيحة، فإهداء الحلوى في المولد يعكس محبة المسلمين لما كان يحبه النبي عليه الصلاة والسلام، كما أنه يدخل ضمن السنن الاجتماعية التي تُظهر التآلف والمحبة بين الناس.
المولد والتهادي في الإسلام
أضافت دار الإفتاء أن التهادي أمر مطلوب في ذاته وقد حث عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله «تهادوا تحابوا» كما جاء في الموطأ، وهذا يشمل جميع الأزمنة والأوقات وليس مقيدًا بزمن معين، وبالتالي فإن تبادل الحلوى في المولد يعد عملًا محمودًا إذا كان مقصده إدخال السرور على الأهل وصلة الأرحام والتعبير عن الفرح بمولد النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، مما يجعله أكثر مشروعية وأشد استحبابًا.
المولد ومقاصد الشريعة
أشارت دار الإفتاء إلى أن الشريعة الإسلامية قامت على تحقيق مقاصد عظيمة في حياة المسلمين مثل تعزيز المحبة وصلة الأرحام ونشر البهجة والسرور في المجتمع، ومن هنا فإن أي عمل يحقق هذه المقاصد يعتبر مشروعًا ما دام لا يخالف نصًا صريحًا، ولذلك فإن الاحتفال بالمولد والتهادي بالحلوى لا يتعارض مع الشريعة بل ينسجم معها تمامًا، خاصة إذا كان الهدف هو إحياء ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وتعميق محبته في القلوب.
الرد على دعاوى التحريم
أكدت دار الإفتاء أن دعاوى تحريم المولد أو تحريم ما يرتبط به من مظاهر الفرح هي دعاوى «فاسدة» تفتقر إلى الدليل الشرعي وتتناقض مع ما جرى عليه عمل الأمة عبر العصور، وأن الأخذ بهذه الأقوال يؤدي إلى تضليل الناس وزرع الفرقة بينهم، كما أنه يتسبب في حرمان المسلمين من مناسبة عظيمة يتجدد فيها الإيمان وتزداد فيها المحبة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.
المولد يعكس محبة النبي
ختمت دار الإفتاء توضيحها بالتأكيد على أن الفرح بالمولد النبوي الشريف هو تعبير صادق عن محبة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وأن هذا الاحتفال يعبر عن ارتباط الأمة بنبيها وتمسكها بسنته، بل هو فرصة للتذكير بفضله ورسالته ونشر قيم الرحمة التي جاء بها، ومن ثم فإن القول بتحريمه أو وصف حلوى المولد بالأصنام لا أساس له من الدين وإنما هو فكر متشدد بعيد عن روح الإسلام.