غضب داخلي في إسرائيل يهدد شعبية نتنياهو بعد أزمة غزة الإنسانية

نشرت صحيفة الفورين بوليسي الأمريكية تقرير مطول أشارت فيه إلى تصاعد الغضب داخل الداخل الإسرائيلي تجاه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، نتيجة الصورة العالمية السلبية التي باتت تحاصر إسرائيل بسبب الأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة، جراء العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع.

الأزمة الإنسانية في غزة تثير صدمة داخلية

أوضح التقرير أن البث الإعلامي الإسرائيلي، خاصة عبر القناة 12 الإسرائيلية، سلط الضوء مؤخرا على الأزمة الإنسانية في غزة بطريقة نادرة، مما كشف جزء من المعاناة الحقيقية للسكان المدنيين. 

وبحسب الصحيفة، فقد ركز التعليق الصوتي والمقابلات على مشكلة الصورة السيئة لإسرائيل في العالم وكيف فقدت السيطرة على السرد الإعلامي للأحداث.

وأشارت نوا تيشبي، الممثلة الإسرائيلية الناشطة على وسائل التواصل الاجتماعي، إلى أن «الوضع في غزة خطير للغاية، والصور صعبة، والناس لا يعرفون ماذا يفعلون»، مما يعكس مدى الانزعاج الداخلي من تصاعد الانتقادات العالمية ضد الاحتلال الإسرائيلي.

صور غزة تتحدث بصوت أعلى من الكلمات

ولفت التقرير الأمريكي إلى أن الصور التي ظهرت في البث الإسرائيلي أحدثت صدمة داخل الرأي العام الإسرائيلي، حيث أظهرت الأطفال وهم يحملون أواني فارغة يتنافسون على الطعام في محطات المساعدة، وأطفال يظهرون هشاشتهم الجسدية من خلال الجلد الرقيق، وأمهات تحدق بحزن وهي تحمل أطفالها المرضى بين ذراعيها.

وأوضحت الصحيفة أن مثل هذه الصور ليست جديدة بالنسبة للمشاهدين حول العالم، فقد غطت وسائل الإعلام الدولية الأزمة الإنسانية والجوع المتزايد في غزة بشكل واضح خلال فترة الحرب.

 لكن بالنسبة للمواطنين الإسرائيليين، قدم تقرير القناة 12 لمحة نادرة عن حجم المعاناة الإنسانية في غزة خلال الأشهر الـ 22 الماضية من الحرب، ما أثار صدمة كبيرة داخل الداخل الإسرائيلي.

لأول مرة.. إثبات مرئي للمجاعة في الإعلام الإسرائيلي

أكد التقرير أنه ولأول مرة، وبعد ضغوط داخلية وخارجية، ظهرت أدلة مرئية على المجاعة في غزة في وسائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية.

 وأشارت أيالا بانييفسكي، الباحثة الإعلامية الإسرائيلية بجامعة لندن، إلى أن التقرير قدم المعلومات بشكل أساسي كجزء من الحرب الدعائية التي تشنها حركة حماس، قائلة: «حتى عندما يتم الاعتراف بالجوع في غزة، يتم تقديمه على أنه مشكلة حماس أو كطريقة لتشويه سمعة إسرائيل، وليس حقيقة معاناة المدنيين».

الغضب الإسرائيلي يتصاعد تجاه نتنياهو

وفقًا للتقرير، فإن استياء المواطنين الإسرائيليين يتزايد بسبب الصورة العالمية السلبية التي انتشرت عن إسرائيل، حيث يلوم العديدون نتنياهو على فشل الحكومة في إدارة الأزمة الإنسانية والرد على الانتقادات الدولية. 

وأن هذا الغضب الداخلي يأتي في وقت يزداد فيه الضغط على إسرائيل من قبل المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام العالمية، التي توثق حالات الموت والجوع والدمار في غزة.

وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي والصحف الدولية، مشاهد لنيران تقطع طريقًا في تل أبيب ضمن احتجاجات تطالب بوقف حرب غزة وإبرام صفقة لاستعادة الأسرى.

كما تجري احتجاجات في جميع أنحاء إسرائيل للمطالبة بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة وإنهاء الحرب.

وأغلق المتظاهرون حركة المرور على طريق رئيسي بالقرب من تل أبيب، حيث أشعلوا النار في الإطارات ووقفوا أمام السيارات.

تحولات في الرأي العام الإسرائيلي

كشف التقرير عن تغيرات ملحوظة في الرأي العام الإسرائيلي تجاه الحرب، حيث بدأ بعض المواطنين يشككون في الرواية الرسمية للقيادة، ويطالبون بوقف العنف ضد المدنيين وفتح قنوات إنسانية لتخفيف المعاناة.

وأكدت الصحيفة أن هذه التحولات تمثل تحديًا جديدًا لنتنياهو وحكومته، في ظل استمرار الضغوط الدولية والداخلية.

الإعلام الإسرائيلي بين النقد والسيطرة على السرد

أكد التقرير أن وسائل الإعلام الإسرائيلية الرئيسية بدأت لأول مرة في عرض أدلة مرئية على معاناة المدنيين في غزة، لكنها غالبا ما تؤطر هذه الأحداث ضمن سياق دعائي لتبرير العمليات العسكرية أو تشويه سمعة حماس.

 ورغم ذلك، فإن تأثير الصور الإنسانية على الرأي العام الإسرائيلي كان قويًا، وأدى إلى موجة من القلق والغضب تجاه القيادة السياسية.

وفي ضوء ذلك، يظهر التقرير الأمريكي أن الأزمة الإنسانية في غزة لم تعد مجرد قضية خارجية تواجه إسرائيل، بل أصبحت تؤثر بشكل مباشر على الداخل الإسرائيلي، وتضع نتنياهو تحت ضغط داخلي متزايد، وسط تصاعد الغضب الشعبي وتحديات الإعلام. 

كما تؤكد الصحيفة أن استمرار الحرب مع تفاقم الأزمة الإنسانية سيبقى عامل ضغط كبير على الحكومة الإسرائيلية، ويزيد من عزلة إسرائيل على المستوى الدولي.