أزهري يوضح.. «حكم تمليك البنات» في حياة الوالدين لضمان حقوقهن بعد الممات

حكم منح البنات ممتلكات« في حياة الوالدين» يعد من القضايا التي تشغل الكثير من الأسر المسلمة في المجتمعات العربية والإسلامية، وقد أوضح الدكتور أسامة قابيل أحد علماء الأزهر الشريف أن هذا الأمر له «حكم شرعي» واضح وصريح، حيث يملك الأب أو الأم حق التصرف في أموالهم وممتلكاتهم في حياتهم بالهبة أو العطية، بما يضمن تحقيق العدل بين الأبناء والبنات ويؤكد على «المساواة» التي دعا إليها الشرع الحنيف، موضحا أن «حكم الشرع» يتيح للوالدين هذا التصرف ما دام يتم في إطار النية الصافية لحماية الأبناء وليس بهدف إقصاء الورثة الآخرين أو حرمانهم من نصيبهم الشرعي.
حكم الهبة في حياة الوالدين
الهبة في حياة الوالدين تعتبر وسيلة مشروعة لحفظ الحقوق، وقد أكد الدكتور أسامة قابيل أن الشرع أجازها وأعطاها مكانة كبيرة ضمن التصرفات المالية، مشيرا إلى أن «حكم الهبة» لا يتعارض مع أحكام الميراث، بل يعد ضمانا لعدم حدوث خلافات مستقبلية بين الأبناء بعد وفاة الوالدين، وأوضح أن كتابة الممتلكات للبنات خلال حياة الأب أو الأم أمر جائز طالما لم يقصد به الإضرار ببقية الورثة أو منعهم من حصتهم.
حكم كتابة وصية بعد الوفاة
كما أوضح الدكتور قابيل أن هناك إمكانية للوالدين في كتابة وصية بعد الوفاة، بحيث يتم توزيع الممتلكات بشكل عادل ومنظم، وهذا أيضا له «حكم» واضح في الشريعة الإسلامية، حيث أقر الإسلام حق الإنسان في الوصية بجزء من ماله بما لا يتجاوز الثلث، مؤكدا أن ذلك يساعد على ضمان وصول الحقوق إلى البنات أو الأبناء المستحقين بطريقة شرعية لا تثير النزاعات الأسرية.
حكم التصرف بدافع الحماية للبنات
في كثير من الحالات قد يقوم الأب بمنح ممتلكاته لبناته في حياته بدافع الحرص عليهن وضمان مستقبلهن، وقد شدد الدكتور قابيل على أن «حكم الشرع» أجاز هذا التصرف إذا كانت النية صادقة وليست حرمانا للورثة الآخرين، فالمال ملك لصاحبه وله أن يتصرف فيه ضمن الضوابط الشرعية، مؤكدا أن الإسلام أرسى مبدأ «العدل» بين الأبناء مع إعطاء مساحة من الحرية للوالدين في إدارة أموالهم.
حكم خاص في حال عدم وجود ذكور
أوضح العالم الأزهري أن «حكم الشرع» يشمل أيضا الحالات التي لا يوجد فيها أبناء ذكور، حيث لا مانع أن يمنح الأب أو الأم البنات ممتلكاتهن في حياتهم، مستشهدا بما قام به الإعلامي الراحل وائل الإبراشي الذي منح ابنته ممتلكات وأموالا في حياته، معتبرا أن هذا التصرف لا يخالف الشريعة الإسلامية بل يعكس وعيا بحقوق البنات وحرصا على تأمين حياتهن بشكل مشروع.
احترام حكم الشرع في تصرفات الوالدين
كما دعا الدكتور قابيل الورثة إلى احترام ما يقرره الأب أو الأم في حياتهم من تصرفات مالية، طالما تمت وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وأكد أن «حكم الشريعة» لا يترك مجالا للشك، فالوالدان أحرار في التصرف بأموالهم ما داموا ملتزمين بالحدود الشرعية، ولا يحق للورثة الاعتراض على قرارات لا تخالف الدين أو تسلبهم حقوقهم.
التوازن بين حكم الميراث وحكم الهبة
شدد العالم الأزهري على أن الشرع الحنيف يدعو إلى التوازن بين «حكم الميراث» و«حكم الهبة» معا، موضحا أن الإسلام لا يغفل جانب العدل ولا يترك مجالا للظلم، بل يمنح الوالدين وسيلة شرعية لحفظ حقوق البنات وصون الميراث، كما استشهد بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حين أراد أن يتصدق بمعظم ماله فوجهه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن الثلث هو الحد الأقصى، مؤكدا أن ترك الورثة أغنياء أفضل من تركهم فقراء.
البعد الاجتماعي لحكم الشرع
لا يتوقف الأمر عند الجانب الشرعي فحسب، بل يمتد إلى البعد الاجتماعي، حيث إن التزام الأسر بـ«حكم الشرع» في توزيع الممتلكات والهبات يسهم في تعزيز الروابط الأسرية ومنع الخلافات بين الأبناء والبنات بعد وفاة الوالدين، وهو ما يؤكد أن الإسلام لم يغفل الجوانب الإنسانية والاجتماعية عند إقراره لهذه الأحكام، فالمقصد النهائي هو تحقيق العدل وحماية الحقوق وضمان حياة كريمة للجميع.
وبذلك يتضح أن حكم منح البنات ممتلكات في حياة الوالدين مشروع وجائز شرعا، وأنه يمثل وسيلة فعالة لحفظ الحقوق وصون الميراث، شريطة أن يتم وفق نية صادقة بعيدا عن أي ظلم أو حرمان للآخرين، فالشريعة الإسلامية منحت الوالدين هذا الحق، ووضعت له ضوابط دقيقة تضمن عدم التعدي على نصيب أحد من الورثة، وهو ما يجعل احترام «حكم الشرع» ضرورة دينية وأخلاقية واجتماعية في آن واحد.