تريند صور الراحلين بالذكاء الاصطناعي.. يتحول لعبء نفسي؟

تريند الصور التي يعاد فيها إحياء «الراحلين» باستخدام تقنيات «الذكاء الاصطناعي» أصبح ظاهرة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث يسعى الكثيرون إلى استرجاع لحظات قديمة مع أحبائهم الذين غادروا الحياة باستخدام برامج متطورة تحول الصور القديمة إلى لقطات جديدة تظهر وكأنها حقيقية، هذا «التريند» يثير مشاعر مختلطة تجمع بين الحنين والدهشة والصدمة أحيانًا، فبينما يجد البعض فيه وسيلة لتكريم ذكرياتهم قد يشعر آخرون بثقل عاطفي ينعكس على «الصحة النفسية»، ويؤكد خبراء علم النفس أن التعلق بمثل هذه التجارب قد يفتح بابًا من المشاعر غير المستقرة، إذ يتحول هذا «التريند» من مجرد تقنية ترفيهية إلى حالة من التعلق غير الصحي.
الجوانب النفسية وراء تريند الصور
يشرح الأطباء النفسيون أن مشاركة أو مشاهدة صور الأحباء الراحلين عبر هذا «تريند» قد تثير مشاعر فقدان جديدة حتى بعد مرور سنوات على الوفاة، فالصورة الناتجة تبدو واقعية بدرجة قد تدفع العقل إلى استعادة الصدمة الأولى، ويشيرون إلى أن الدماغ يتعامل مع المشهد وكأنه لقاء حقيقي ما قد يربك عملية الحداد الطبيعية، ويضيف الخبراء أن هذا «تريند» قد يعمق الحزن بدلًا من مداواته، خاصة إذا أصبح الشخص يكرر التجربة مرارًا بحثًا عن لحظة قرب وهمية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حالة من الإدمان العاطفي الذي يصعب الخروج منه.
الإيجابيات المحتملة لتريند الراحلين
رغم التحذيرات هناك من يرى جانبًا إيجابيًا لهذا «تريند»، فالبعض يستخدم الصور كوسيلة لتخليد الذكرى وتخفيف الألم، إذ قد تساعد اللقطات على إحياء قصص قديمة أو توثيق لحظات لم تلتقط من قبل، ومن خلال مشاركة هذه الصور مع العائلة يمكن خلق مساحة للحوار والتذكر، كما قد يشعر البعض بالراحة عندما يرى صورة تجمعه مجددًا مع من فقدهم، غير أن الأطباء ينصحون بوعي كامل عند خوض هذه التجربة حتى لا تتحول إلى عبء نفسي.
حدود الأمان في تريند الصور
يؤكد المتخصصون أن التعامل مع هذا «تريند» يحتاج إلى إدراك للحدود الصحية، فإذا شعر الشخص بأن الصور تثير بداخله قلقًا أو حزنًا مضاعفًا أو تمنعه من ممارسة حياته الطبيعية فعليه التوقف فورًا وطلب المساعدة من مختص، كما ينصحون بعدم مشاركة الصور مع من قد يتأثرون سلبًا بها مثل الأطفال أو كبار السن الذين لم يتجاوزوا مرحلة الحداد، فالغاية من التقنية ليست إعادة الفقد أو إحياء الماضي بشكل مؤلم، بل تكريم الذكرى بطريقة متوازنة.
تأثير المجتمع ومواقع التواصل
يُلاحظ أن هذا «تريند» يلقى رواجًا كبيرًا على منصات التواصل التي تشجع مشاركة المحتوى المؤثر والعاطفي، ومع تكرار ظهور هذه الصور أمام المستخدمين قد يتولد شعور بالفضول لتجربتها حتى لمن لم يفقدوا أحدًا مؤخرًا، وهنا تكمن الخطورة، إذ يمكن أن يتحول الأمر إلى مجرد سباق للحصول على إعجابات ومشاهدات متجاهلين أثره النفسي العميق، لذلك يدعو خبراء الإعلام إلى وضع ضوابط تحمي المستخدمين وتمنع الاستغلال التجاري لمشاعر الفقد والحزن.
دور العائلة والأصدقاء في مواجهة تريند الراحلين
توصي الدراسات بأن يكون للعائلة والأصدقاء دور داعم عند ملاحظة انغماس أحد أفرادهم في هذا «تريند»، فالحوار المفتوح حول المشاعر وتقديم الدعم النفسي يمكن أن يخفف من وطأة الحنين الذي قد يتحول إلى ألم مزمن، ويجب تذكير من يخوض التجربة بأن الصور لا تعيد الأحباء ولا تحل محل التذكر الطبيعي أو طقوس الحداد التقليدية.
التوازن هو الحل
يبقى «تريند» صور الراحلين بالذكاء الاصطناعي سلاحًا ذا حدين، فبينما يراه البعض وسيلة لإحياء ذكريات ثمينة قد يتحول عند آخرين إلى عبء نفسي ثقيل، والحل يكمن في التوازن، أي استخدام التقنية بحذر ومعرفة، وعدم ترك الفضول أو رغبة الشهرة على مواقع التواصل تسيطر على المشاعر الداخلية، فالتقدير الحقيقي للراحلين لا يكون عبر صور مزيفة بل عبر الاحتفاظ بقيمهم في حياتنا اليومية ومواصلة الطريق الذي رسموه لنا.