من وراء الكواليس.. كيف تسببت شبكة إلكترونية بفوضى بمطار بروكسل؟

شهد مطار بروكسل الدولي، أحد أبرز المحاور الجوية في أوروبا، حالة من الفوضى والارتباك صباح اليوم السبت، إثر تعرضه لهجوم إلكتروني استهدف أنظمته الحيوية. 

هذا الهجوم السيبراني أدى إلى تعطيل شامل لحركة الطيران، ما تسبب في إلغاء وتأخير عشرات الرحلات الجوية، وأحدث حالة من الارتباك بين آلاف المسافرين. 

وقد اضطر موظفو المطار إلى اللجوء إلى الإجراءات اليدوية في عمليات تسجيل الدخول والصعود إلى الطائرات، مما أثر بشكل كبير على سير العمليات الاعتيادية.

تداعيات الهجوم السيبراني على خدمات المطار

لم يستهدف الهجوم أنظمة المطار بشكل مباشر، بل تركز على مزود خدمة خارجي متخصص في تشغيل الأنظمة الخاصة بتسجيل وصول الركاب وصعودهم إلى الطائرات. 

هذا الارتباط غير المباشر تسبب في عواقب وخيمة، حيث تعطلت الأنظمة الآلية بالكامل، ما أجبر الموظفين على استخدام الأوراق والوثائق الورقية لتسجيل بيانات الركاب، وهي عملية تستغرق وقتًا طويلاً وتتطلب جهدًا مضاعفًا.

نتج عن هذا التعطيل الشامل إلغاء تسع رحلات جوية بشكل كامل، ما أدى إلى إحباط آمال مئات المسافرين الذين كانوا يستعدون لمغادرة المطار. 

بالإضافة إلى ذلك، تأخرت حوالي 15 رحلة أخرى لمدة ساعة على الأقل، مما تسبب في سلسلة من التأخيرات المتتالية وتفاقم حالة الفوضى داخل صالات المطار.

جهود مكثفة لاحتواء الأزمة وتقديم حلول عاجلة

أكدت المتحدثة باسم مطار بروكسل، إحسان شيوا لخلي، أن فرق الطوارئ ومزود الخدمة التقني يعملون بشكل مكثف لإيجاد حل سريع لهذه المشكلة.

 وأوضحت أن الهدف الرئيسي هو استعادة الأنظمة التقنية في أسرع وقت ممكن لتقليل الأضرار الناتجة عن الهجوم، والسماح بعودة حركة الطيران إلى طبيعتها.

في الوقت نفسه، وجهت سلطات المطار تحذيرات ونصائح هامة للمسافرين، مطالبة إياهم بعدم التوجه إلى المطار إلا بعد التأكد من أن رحلاتهم لم يتم إلغاؤها.

 كما حثتهم على متابعة قنوات التواصل الرسمية للمطار ومواقع شركات الطيران للحصول على آخر التحديثات المتعلقة بوضع رحلاتهم، في محاولة لتجنب الازدحام والفوضى داخل مباني المطار.

الهجوم يمتد ليضرب مطارات أوروبية أخرى

لم يقتصر تأثير الهجوم على مطار بروكسل فقط، بل امتد ليطال مطارات أوروبية أخرى، مما يشير إلى أن الهجوم كان يستهدف شبكة واسعة من الخدمات وليس مطارًا واحدًا.

 في ألمانيا، حذر مطار برلين براندنبورج المسافرين من احتمالية مواجهة تأخيرات كبيرة في عمليات تسجيل الوصول والصعود إلى الطائرات. 

على الرغم من أن المطار الألماني أكد أنه لم يكن الهدف الرئيسي للهجوم، إلا أنه تأثر بشكل غير مباشر بنفس المشكلة التي ضربت مطار بروكسل. 

هذا الارتباط يوضح مدى ترابط وتكامل الأنظمة التقنية في قطاع الطيران الأوروبي.

وبحسب تقارير غير رسمية، أفادت مصادر إعلامية بوجود مشاكل فنية مماثلة في مطارات أوروبية أخرى، وإن لم يتم تحديدها بشكل دقيق حتى الآن.

 كما أعلن مطار هيثرو بلندن عن وجود اضطرابات محتملة بسبب «مشكلة فنية» لدى مزود خدمة خارجي، وهو نفس الوصف الذي استخدم في حالات بروكسل وبرلين.

 هذا التزامن يثير التساؤلات حول وجود هجوم سيبراني منسق يستهدف البنية التحتية لخدمات الطيران الأوروبية بشكل عام.

تزايد الهجمات السيبرانية على قطاع الطيران

تُعد هذه الحادثة بمثابة تذكير جديد بمدى هشاشة الأنظمة التقنية التي تعتمد عليها المطارات وشركات الطيران. 

ففي السنوات الأخيرة، شهد قطاع الطيران زيادة ملحوظة في عدد الهجمات الإلكترونية، التي تستهدف تعطيل العمليات أو سرقة البيانات الحساسة.

 هذه الهجمات لا تؤثر فقط على العمليات التشغيلية، بل تهدد أيضًا سلامة الركاب وتكبد الشركات خسائر مالية ضخمة.

في ظل التطور التكنولوجي واعتماد قطاع الطيران بشكل متزايد على الأنظمة الرقمية، أصبح من الضروري على الحكومات والمؤسسات الاستثمار في تعزيز الأمن السيبراني. فالهجمات السيبرانية لم تعد مجرد "مشاكل تقنية"، بل تحولت إلى تهديد أمني خطير يتطلب استراتيجيات دفاعية قوية.

استعدادات المطارات للتعامل مع الأزمات الرقمية

تظهر هذه الحادثة أهمية وجود خطط طوارئ شاملة للتعامل مع الأزمات الإلكترونية. فعلى الرغم من أن المطارين تأثرا بالهجوم، إلا أن جهود فرق الطوارئ سمحت بتسيير الأمور بشكل يدوي، مما حال دون توقف الحركة الجوية بشكل كامل. 

هذا الجانب يعكس أهمية تدريب فرق العمل على التعامل مع أسوأ السيناريوهات المحتملة. 

من المتوقع أن تؤدي هذه الحادثة إلى مراجعة شاملة لبروتوكولات الأمن السيبراني في قطاع الطيران، وتطوير أنظمة أكثر مرونة وقدرة على الصمود في وجه التهديدات الإلكترونية.